انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه إهانة أستاذ ورئيس قسم العظام بكلية طب عين شمس، لأحد أعضاء هيئة التمريض بإحدى المستشفيات الخاصة، فيما يعرف إعلاميًا بـ«واقعة الطبيب والكلب والممرض» وهو يطلب من عضو هيئة التمريض الاعتذار لكلبه، بشكل يتنافى مع الأعراف والتقاليد الجامعية.. وظهرت حالة من الرفض الرسمي للواقعة مع إجراءات عاجلة.
رصدت بوابة «العالم الأوسط» فى هذا التقرير أهم ما تداولته وسائل الإعلام من إجراءات وتصريحات حول تلك الواقعة.. ورأى خبراء الاجتماع فى هذا السلوك المشين الذى قد يؤدى فيما بعد إلى مشكلة أخلاقية فى المجتمع.. والذى قد يسبب فى غياب السعادة وانتشار التعاسة فى المجتمع.
أستاذة اجتماع: «شبع من بعد جوع»
قالت الدكتورة ابتسام مرسي محمد المرسي، أستاذ مساعد علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن ما فعله أستاذ ورئيس قسم العظام بكلية طب عين شمس وإهانته لعضو هيئة التمريض يدل على خلل أخلاقي وسلوكي، لاستغلال سلطته للتنمر أو التسلط على الآخرين.. موضحة أن الشخص الذي اضطر أن يحقر من نفسه هكذا هو واقع تحت ضغط نفسي لأنه يريد الحفاظ على عمله فـ «لقمة العيش» هى التى أرغمته علي تحمل هذه الإهانة، فالناحية الاقتصادية تعد من عوامل الضغط علي الإنسان والتى ترغمه كثيرًا علي فعل أي شئ، وقبول سلوكيات مؤذية من قبل الآخرين، ولو كان هذا الشخص في ظروفٍ أفضل لم يكن ليتقبلها.
وأضافت «مرسي» لـ «العالم الأوسط»، أنه لابد أن يكون هناك قوانين رادعة لأي صاحب عمل يقوم بفعل مشين تجاه موظفيه أو العاملين لديه، لأنه لايسمح له أن يستخدم أسلوب غير مقبول فى التعامل مع من يعملون تحت يديه، فليس معنى أنه شخص يمتلك مال وسلطة أن يجبر غيره على فعل شىء يحقر من شأنه أو يمتهن كرامته.. مشيرة إلى أن من يفعلون هذا السلوك غير السوي ينطبق عليهم المثل الشعبي: «شبع بعد جوع» فليس المقصود به أنه كان فقيرًا ثم اغتنى فحسب وإنما كان يعاني من الإهانة والقهر والكبت من الآخرين، ثم تحول بعد ذلك إلي مالك سلطة ومال، ففرض طغيانه وكبْتُه و سلوكه المنحرف على كل من هو أقل منه.
وأوضحت أن الإهانة والتشهير بالآخرين تعد دافع من دوافع ارتكاب الجرائم فى المجتمع، لأن الشخص الذي تعرض لهذا النوع من التنمر أو الإهانة وتم التشهير به علنًا أمام الجميع سواء فُصل من عمله أو لم يُفصل منه، علي المدي البعيد ستشير الناس إليه بأن هذا الرجل الذي فعل الفعل الفلاني فيقع تحت طائلة الضغط وسيفكر فى الانتقام ممن آذاه أو من أي شخص قد يحاول إهانته مرة أخرى؛ وذلك بسبب كثرة الضغط بالكلام المؤذي في حقه، فتتحول طاقته المشحونة بالإنتقام من الآخرين.
وأشارت إلي أن إهانة الآخرين والتشهير بهم هذا لا يعد فعل خطأ وقع من شخص تجاه شخص آخر فحسب ولكن الأمر سيزداد سوءًا وسيؤدي إلى سلوكيات انحرافية فيما بعد في المجتمع بأكمله بسبب كثرة انتقام الأشخاص من بعضهم البعض.. لافتة إلى أن هذا الأسلوب قد ينشر الهمجية بين الناس وكل شخص يريد أن يأخذ حقه بنفسه وبيده دون الرجوع إلى القانون والدولة.
وبيّنت أن الشخص الذى تعرض للإهانة والتشهير لو تولي سلطة ما أو منصب كبير فى المستقبل قد يعيد نفس الفعل مرة أخرى مع من يعملون تحت يديه لأنه تعرض لصدمة كبيرة بالماضي جعلته ناقم على المجتمع والآخرين ويريد أن يأخذ حقه من كل فرد لم ينصره ولم يجلب له حقه.
إجراءات عاجلة على خلفية الواقعة
وجه الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور محمود المتيني رئيس جامعة عين شمس، بسرعة إحالة واقعة إهانة أستاذ ورئيس قسم العظام بكلية طب عين شمس، لعضو هيئة التمريض، وذلك بإحدى المستشفيات الخاصة للتحقيق الفوري، كما وجه الوزير بسرعة موافاته بتقرير لنتائج التحقيق في هذه الواقعة التي تتنافى مع الأعراف والتقاليد الجامعية وأخلاقيات أعضاء هيئة التدريس.
كما وجه وزير التعليم العالي بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بصون كرامة أعضاء هيئة التمريض والحفاظ عليها، كما أكد الوزير على احترام وتقدير كافة أعضاء هيئة التمريض لما لهم من دور وطني وإنساني راقٍ في دعم المنظومة الصحية.
أول رد للممرض بعد الواقعة
قال عادل سالم، الممرض صاحب واقعة محاولة طبيب إجباره على السجود لكلب: «واقعة التصوير للفيديو حصلت من 6 أو 7 شهور، وفوجئت بأنه منتشر على السوشيال ميديا، ومذاع على التليفزيون، وده كان صدمة ليا».
وأضاف «سالم» خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «الحكاية» المذاع على فضائية «إم بي سي مصر»: “كان صدمة ليا أشوف المنظر بتاعي ده، وأولادي تعبوا وابني الصغير تعب وكلنا تعبنا، ومنظري مكنش كويس عليا وعلى أهل قريتي وناسي”.
وتابع: «اللي حصل إن الدكتور كان عنده كلب وتُوفي، وفوجئت بزعله عليه فحكى لي القصة، وأنا مكنتش أعرف في الكلاب، فقلت له إيه المشكلة كلب ومات، وبعدين فيه كلب تاني جابه وأنا سخرت من الكلب التاني لأنه كان بمبلغ كبير ففوجئت بأنه لازم أسجد للكلب علشان يسامحني».
واستطرد: «الواقعة كانت في العيادة الخاصة بالطبيب وليس في مستشفى، ومكانش عايز يكهربني ولكن حد كان بيجامله وقال اتكهرب، وإحنا بنهزر مع بعض بس مش الفيديوهات ننشرها على التليفزيون والسوشيال ميديا»
وأكمل: «أنا كنت بساير أموري مع الدكتور وانط الحبل وأسجد للكلب بناءً على أوامر الدكتور علشان أفضل في شغلي والدنيا تمشي، بالرغم أنها مش حاجة كويسة، وكتير اتكلمنا نمنع الحاجات دي».
وقال: «اتصلت عليه وكلمته بعد انتشار الفيديو وقاللي متخافش الأمور بسيطة ومتقلقش، ولكنه بالفعل طلب مني السجود للكلب بس معملتهاش وهو أساء ليا جامد، وأنا مش عايز حقي ولكن أنا عايز الفيديو يتحذف لأنه تسبب في أذى ليا ولنفسي وبيتي»..
وبكى الممرض قائلًا: «أنا ماسك نفسي بالعافية، وأنا بعتذر لمهنة التمريض اللي أنا أسأت إليها».
أول رد للدكتور بعد الواقعة
من ناحية أخرى قال عمرو خيري: «ده هزار ومزاح بيني وبينه في أوضة مغلقة».
وأضاف «خيري» في مداخلة هاتفية مع برنامج «الحكاية» المُذاع على فضائية «إم بي سي مصر»، أن الممرض عادل بمثابة ابني، نعمل سوياً منذ 25 عاماً.. عادل صاحبي والممرض بتاعي ودراعي اليمين لسنوات طويلة ويربطني به علاقة إنسانية، وبالنسبالي أقرب صديق.. متابعًا: «هو لو مش بيحبني، أو شعر من بقسوة في لحظة، كان هيسيب العيادة، ويشتغل في أي عيادة تانية».
وقال: «هو هزار غريب إلى حد ما، ولكن ده عشاط طبيعة شغلنا، وده بيزود قوة الترابط بينا، ولا يوجد فرق بين الطبيب والممرض».
واستطرد: «انتشار الفيديو بسبب تهكير الواتساب من إحدى أقارباتي وطلبوا مني ابتذاذ مادي وانا رفضت، وبعد كده الفيديو ده انتشر.. يعني أنا مجني عليه مش جاني».
التشهير والإهانة تدمر السعادة
التشهير بالأشخاص وإهانتهم يعتبر من أهم أسباب اختفاء السعادة وانتشار التعاسة بين الناس.. فاحذروا من هذا السلوك المشين الذى لا يجلب سوى الحزن.. ومن يريد أن يعرف سرًا جديدا من أسرار السعادة يجب عليه الابتعاد عن «التشهير والإهانة».
التعليقات