خطط هربرت صموئيل.. كيف مهدت أفكاره لتهويد فلسطين والسيطرة عليها؟

هربرت صموئيل.. في عام 1920 وصل إلى فلسطين مندوب سامٍ جديد، حمل معه وعدًا بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتشريد سكانها الأصليين، فما أصل القصة التي كانت سببًا في معاناة شعب بأكمله؟

الحركة الصهيونية.. من هو هربرت صموائيل؟

ولد صموئيل في بريطانيا لعائلة يهودية ثرية، وتقلد العديد من المناصب الحكومية المهمة قبل أن يعين أول مندوب سامٍ بريطاني على فلسطين عام 1920.

وإذا تابعت أفكاره ستجده من أشد المؤيدين للحركة الصهيونية، حيث كان له دور كبير في صياغة وعد بلفور.

ذلك التصريح الذي أعطى لليهود حقًا غير مشروع في فلسطين، وسلب من سكانها ما هو ملك لهم.

هربرت صموئيل
هربرت صموئيل

مذكرة صموئيل

يمكن القول أن مذكرة صموئيل تعتبر نقطة تحول في مسار فلسطين، حيث طرح فيها هربرت صموئيل، فكرة إنشاء حماية بريطانية على كامل الأراضي الفلسطينية.

مذكرة تسلب من شعب فلسطين أرضه

سعت مذكرة صموئيل إلى أخذ أرض فلسطين من أهلها دون وجه حق وذلك من خلال مجموعة من الخطوات التي اتبعها صموئيل لتمهيد الأمر.

وكان منها تحويل الانتداب البريطاني على فلسطين إلى حكم مباشر، بحيث تتحمل بريطانيا مسؤولية إدارة شؤون البلاد بشكل كامل ولا يصبح لأهل فلسطين أي حق في تقرير مصيرهم.

كذلك دس صموئيل السم في العسل عندما دعا إلى توحيد جميع أجزاء فلسطين تحت سلطة واحدة، بما في ذلك المناطق التي كانت تحت سيطرة دول أخرى.

مما لا شك فيه من الداعم الأكبر للحركة الصهيونية أن يسعى إلى إنشاء محمية بريطانية لليهود، حتى تتمكن بريطانيا من توفير الحماية اللازمة لهم ومساعدتهم على تأسيس وطن قومي في أرض ليست لهم.

كما خطط صموئيل من خلال مذكرته إلى تعزيز نفوذ بريطانيا في المنطقة وحماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية.

تأثير المذكرة.. رفضت لكن لها بالغ الأثر

لم توافق الحكومة البريطانية على مقترح صموئيل بإنشاء محمية بريطانية، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية.

لكن رغم رفض المذكرة، إلا أنها أثرت بشكل كبير على السياسة البريطانية تجاه فلسطين.

فقد أدت إلى تعميق الانقسام بين العرب واليهود، عندما رأى العرب فيها محاولة بريطانية لفرض الوصاية على فلسطين.

سياسات صموئيل.. ماذا فعل لتفيذ أفكاره؟

بعد رفض المذكرة سعى صموئيل لتنفيذ خططه وأفكاره بأي شكل من خلال مجموعة من السياسات التي شرع في تنفيذها:

1- قام بتبسيط إجراءات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ووضع قوانين للهجرة سمحت بدخول أعداد كبيرة من اليهود.

2- دعم شراء الأراضي الفلسطينية من قبل المؤسسات الصهيونية، مثل الصندوق القومي اليهودي.

3- عمل على تأسيس مؤسسات يهودية في فلسطين، مثل المدارس والجامعات والمستشفيات، لجذب المزيد من اليهود إلى فلسطين.

4- قام بتوفير الحماية للمستوطنات اليهودية من خلال إنشاء قوة دفاعية يهودية، مما شجع على الاستقرار اليهودي في المناطق الريفية.

5- عمل على الترويج للفكرة الصهيونية وإقناع اليهود في العالم بالهجرة إلى فلسطين.

صموئيل والمؤسسات اليهودية

لعب هربرت صموئيل دورًا محوريًا في بناء البنية التحتية للكيان الصهيوني في فلسطين.

فبالإضافة إلى تشجيع الهجرة اليهودية وتسهيل شراء الأراضي، عمل صموئيل على تأسيس وتقوية المؤسسات اليهودية التي كانت بمثابة العمود الفقري للمشروع الصهيوني، ومن أبرز المؤسسات اليهودية التي دعمها صموئيل:

1- الهستدروت (الاتحاد العام للعمال)

ساهم صموئيل في تأسيس الهستدروت، وهو الاتحاد النقابي اليهودي الذي لعب دورًا حاسمًا في تنظيم العمال اليهود وتوفير الخدمات الاجتماعية لهم، مثل السكن والرعاية الصحية.

2- الصندوق القومي اليهودي (الكيرن كاييمت)

دعم صموئيل الصندوق القومي اليهودي الذي كان مسؤولًا عن شراء الأراضي وتطويرها لصالح المستوطنات اليهودية.

3- الأجَنَاه

هي المنظمة العسكرية اليهودية التي تأسست لحماية المستوطنات اليهودية.

وقد حظيت بدعم صموئيل الذي سهل لها الحصول على الأسلحة والتدريب.

4- المؤسسات التعليمية والثقافية

شجع صموئيل على إنشاء مدارس وجامعات ومؤسسات ثقافية يهودية؛ بهدف تعزيز الهوية اليهودية وتوفير الكوادر المؤهلة لبناء المجتمع اليهودي في فلسطين.

انتهاء عهد هربرت

انتهى عهد صموئيل كمندوب سامٍ لبريطانيا في فلسطين عام 1925، تاركًا وراءه إرثًا معقدًا ومثيرًا للجدل.

فقد شكلت سياساته خلال تلك الفترة مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل كبير.

ولا تزال آثارها تشكل واقع المنطقة حتى يومنا هذا.

أسباب انتهاء عهد هربرت صموئيل

واجهت الحكومة البريطانية ضغوطًا داخلية متزايدة بسبب التوتر المتصاعد في فلسطين، وتزايد أعمال العنف بين العرب واليهود.

فلم تنجح سياسات صموئيل في تحقيق الاستقرار في فلسطين، بل أدت إلى تفاقم الصراع وتعميق الانقسام بين الطرفين.

الآثار المستمرة لأفكار صموئيل

لا يزال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مستمرًا حتى اليوم، ويعود جزء كبير من أسبابه إلى السياسات التي اتبعها صموئيل خلال فترة ولايته.

فقد أدت سياسات التهجير التي شجع عليها صموئيل إلى خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين، والتي لا تزال واحدة من أبرز القضايا في الصراع.

كما حرمت سياسات صموئيل الفلسطينيون من حقهم في تقرير مصيرهم، وكانت السبب في احتلالهم.

وبذلك نرى أن سياسات هربرت صموئيل شجعت على التمييز العنصري والاستيطان، ولا تزال تؤثر على الأوضاع الحالية في المنطقة.

التعليقات