أمين الفتوى يوضح.. سباعية جبر الخواطر

قال الدكتور عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب، وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن «جبر الخواطر» ليس منةً نمُنُ بها على الشخص الذي نجبر بخاطره، إنما هو تجلي من تجليات قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ تبارَك وَتَعَالَى، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاء»، فالفعل «ارحموا» جاء في صيغة الأمر لنعلم أن «جبر الخواطر» من قبيل الواجب، وليس من قبيل النفل.

وأكد «الورداني» خلال برنامجه «ولا تعسروا» على الفضائية الأولى المصرية، أن جبر الخواطر ليست عبادة جديدة اكتشفناها بعد ما كَثُرَ الحديث عنها في «السوشيال ميديا» بسبب انتشار «القسوة» في عصرنا الحالي؛ وإنما مارسها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في مجتمعه، حيث كان عليه الصلاة والسلام يبادر مسرعًا في جبر خاطر كل مَنْ يعرفه، وهناك مواقف كثيرة تدل على ذلك، ومنها:

1- عندما صعد سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على نخلةٍ لجلب التمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ضحك الصحابة من دقة ساقه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، لَهُمَا أَثَقَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ جَبَلِ أُحُد». 

2- الصحابي الذي كان يُمَارَس عليه شيءٌ مِنَ الانتقاص لأنه كان دميمًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه جدًا، فكان ذات يومٍ يمازحه، فاحتضنه وقال: «مَنْ يَشْتَرٌي الْعَبْد؟»، فقال: «إذًا والله تجدني كاسدًا»، فردّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَكِنْ -عِنْدَ اللهِ- لَسْتَ بِكَاسِد، أَنْتَ غَال». 

3- المرأة التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها بأن تدخل الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ عَجُوز»، فبكت، فبادرها عليه الصلاة والسلام وجبر خاطرها،  وقال إنها ستكون «بِكْرًا» عندما تدخل الجنة. 

4- كان صلى الله عليه وسلم ينشر «الفأل» بين الناس ويُكثِرُ من قول «أبشِر»، لأنه من أفضل أشكال جبر الخواطر، فقال عليه الصلاة والسلام لأهل اليمن: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى»، فلما قبلوا بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لهم، صارت الحكمة يمانية والإيمان يماني. 

وأشار «مدير إدارة التدريب» إلى أننا إذا أردنا أن نذوق حلاوة جبر الخواطر، علينا أن نعيش بها مع الناس ونقول للناس حسنًا، لأن هذه العبادة هي الدواء الذي يجعل قلوبنا سليمةً مِنَ الحسد والحقد والوجع والألم والكآبة، وحتى نصل إلى هذا، فعلينا بثلاثة أمور:

1- الخدمة: حاول أن تخدم الناس دون مقابل، فساعد محتاجًا أو أعِنْ شخصًا ليخرج من ضيقه أو وجعه، فالخدمة هي «كلمة السر» التي تعلِّمك جبر الخواطر. 

2- التواصل الدوري مع الأهل والأحباب: تواصلك وكلامك معهم سيجبر كسر خاطرهم ويذهب عنهم الوحشة والوحدة، وسيفتح لهم أبواب السعادة والهنا، فتعرف وقتها أن قلوبهم قد جُبرَت. 

3- الدعاء بظهر الغيب: وهو من جبر الخواطر الخفي، فتعوَّد أن تدعو لأحبابك ولنفسك بجبر الخاطر، ومن الممكن أن تدعو بـ «سباعية الجبر»، فتقول:

1- يا جبار بلطفك اجبرني وبمددك أعني

2- يا معين بك أستعين على عون خلقك

3- يا رحيم عبدك سقيم، فداوني عندك

4- يا لطيف قلبي أسيف، فعجِّل بفرجك

5- يا ودود مللت القيود، فحرِرني بقربك

6- يا جميل عطاؤك جزيل، فلا تقطع عني مددك

7- يا حنان عودتني الإحسان، فأدم عليَّ فضلك

وأوضح أن «جبر الخواطر» ليست عبادة واحدة واضحة كـ«عبادة الكلمة الطيبة» مثلًا، التي نفهم أنها «صدقة»؛ لكن هناك عبادات كثيرة مغزولة في «عبادة جبر الخواطر»، مثل: الرحمة، التعاون على البر، الإحسان، وعبادة الإيثار. 

وأضاف «الورداني » أن «جبر الخواطر» ليس فقط للمظلومين والمقهورين والمهمَشين والضعفاء، بل يحتاجه كلُ الناس، كبيرهم قبل صغيرهم، حتى الناجح العبقري فإنه بحاجة لكلمةٍ تسعده، والزوج في بيته يحتاج لتحفيزٍ من زوجته، والمهموم في أشد الحاجةٍ لمن يذكِّره بأن «ما عند الله خيرٌ وأبقى».. لافتًا أننا بكلمةٍ طيبة ورحمةٍ وتعاونٍ، ممكن أن نزيل أي أثرٍ سلبي أحاط بنا، والجابرون يجبرهم الجبار سبحانه وتعالى، «والذي يُكثِرُ جبر الخواطر، تنجلي منه النواظر، فيرى مدد الله ».

التعليقات