
الزمان: القرن 19
المكان: فلسطين
التطريز الفلسطيني.. لقد قاوم أهل فلسطين الاحتلال بشتى الطرق المختلفة، فلم يقتصر الأمر على الحروب والجهاد فقط.
بل طالت المقاومة التطريز الفلسطيني، الذي لم يعد مجرد تراث فني جمالي بل أصبح رمزًا للنضال والمقاومة ضد الاحتلال الغاشم بعد النكبة.
ونحن على أثر تتبع خطى التاريخ لنرى المراحل التي مر بها التطريز الفلسطيني، ليخرج للنور في شكل كوفية تأبى الظلام والطغيان.
التطريز الفلسطيني.. فن ورثته المرأة الفلسطينية
التطريز الفلسطيني هو جزء من الفلكلور الفلسطيني وفن هام في حياة المرأة الفلسطينية، تنقله إلى بناتها وحفيداتها على مر العصور حتى يظل حيًا لا يموت.
وتستعمله المرأة الفلسطينية بشكل أساسي في تزيين أثوابها.
بالإضافة إلى دخوله في العديد من مقتنيات المنازل، مثل: المفارش والمحافظ والوسائد، بأشكال وزخارف مختلفة لكل منها دلالة حسب المنطقة أو الحالة الاجتماعية.
التطريز الفلسطيني.. تراث يعكس هوية الشعب الفلسطيني
يستخدم التطريز الفلسطيني في التعبير عن ثقافة وهوية الشعب الفلسطيني، وما مر به من مراحل عديدة مثل: تجسيد صور تعاقب الحضارات المختلفة قبل الاحتلال.
وكذلك يستعمل للتعبير عن تاريخ البلاد، وتعزيز روح الانتماء للأرض في الأجيال؛ من أجل استرجاعها في يوم من الأيام.
تطور التطريز الفلسطيني على مر الزمان
من المعروف أن كل فن يمر بمراحل متعاقبة تجعله أكثر تطورًا، وقد مر التطريز بهذه المراحل أيضًا، عندما تعاقبت عليه حضارات مختلفة، مثل: الكنعانية واليبوسية والعمورية.
وقد اعتبر هذا الفن مصدر رزق لكثير من الفلسطينيات سواء في الريف أو الحضر.
وكل واحدة منهن كانت تستخدم زخارف وألوان ورسومات مختلفة، حسب المنطقة التي تنتمي إليها.
كما أن الزخارف كانت تختلف أيضًا طبقًا للحالة الاجتماعية.
فالثوب الذي ترتديه العزباء مختلف عن الثوب الذي ترتديه المقبلة على الزواج أو المتزوجة مثلًا.
المرحلة الأولى: الرسومات الهندسية
بدءً من القرن الـ19 ووصولًا إلى الربع الأول من القرن الـ20، كانت التطريز يظهر في هيئة رسومات وزخارف هندسية الشكل.
ومن ضمن تلك الرسومات: رسمة النخلة وخيمة الباشا وغرزة الفلاحة والوسادة والأقواس والمقص.
وكل رسمة كانت ترمز إلى منطقة معينة في فلسطين.
المرحلة الثانية: ظهور خيوط التطريز المصنعة
في ثلاثينيات القرن الماضي ظهرت خيوط التطريز المصنعة.
وانتشرت الرسومات الغربية، مثل: الطيور والزهور والحيوانات في الأثواب الفلسطينية التقليدية.
التطريز الفلسطيني.. رمز للنضال والمقاومة ضد الاستعمار
لم يعد التطريز الفلسطيني مجرد فن جمالي كما كان سابقًا، بل أصبح وسيلة تعبر من خلالها المرأة الفلسطينية عن نضالها ومقاومتها للاحتلال والظلم.
بالإضافة لإيصال عدة رسائل مختلفة من خلاله.
خاصة بعد النكبة عندما تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين، وأجبروا على ترك أرضهم.
لتظهر لنا رسومات جديدة ترمز إلى الثورة والتحرير مثل الزيتونة والعلم والمفتاح والخريطة والكوفية الشهيرة التي عرفها العالم أجمع.
وتطور الفن إبان الانتفاضة الأولى بين عامي 1987 و1993، خصوصًا في فترة حظر التجوال التي فرضت على الفلسطينيين.
وتم استعمال رموز جديدة في الملابس تعبر عن الانتفاضة، من بينها: الخط العربي ومفتاح القدس وقبة الصخرة وصور لمجموعة من الأفراد يرشقون الحجارة.
إلى جانب الطيور التي تزخرف على الملابس جنبًا إلى جنب مع النجوم والقمر تعبيرًا عن الحرية.
انتشار التطريز الفلسطيني حول العالم
مع علو صوت القضية الفلسطينية الذي رج العالم أجمع، خرج الفن الفلسطيني إلى مختلف المحافل والمناسبات حول العالم.
وبات الكبير يرتديه قبل الصغير رجالًا كانوا أو نساء.
وخاصة الكوفية الفلسطينية ذات اللونين الأبيض والأسود، التي صارت رمزًا يعبر عن التضامن مع القضية الفلسطينية والتي -يومًا ما- ستسترد حقها الشرعي في أرضها.
التعليقات