الاشتراك في الكورسات التعليمية حرام في هذه الحالة

يلجأ الطلاب إلى الكورسات التعليمية، لتقوية مهاراتهم وتعليمهم مهارات ولغات جديدة في كافة مجالاتهم.
حيث يرغب مجموعة من الأصدقاء، في المشاركة في كورس، فيشترك واحد منهم.

ويقوم بإرسال الرابط لأشخاص غير مشتركين معه في الكورس، فما الحكم الشرعي في ذلك؟.

ما حكم مشاركة الكورسات التعليمية؟

أجابت دار الإفتاء المصرية، لا يجوز شرعًا لغير المشترك في الكورسات التعليمية، إشراك غيره معه في مشاهدتها،ما لم يأذن صاحبها فيها.

لأنها من قبيل الحقوق الذهنية الثابتة لأصحابها شرعًا وعرفًا، فإن أذن صاحبها جاز وفإن لم يأذن فلا يجوز.

 

هل المحافظة على المال من المقاصد  العُليا التي جاءت بها الشريعة؟

أجابت دار الإفتاء المصرية، أن الإسلام حرص على المحافظة على المال، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العُليا التي جاءت الشريعة بتحقيقها وضرورة حفظها.
وهي (الدِّين والنفس والعقل والعِرض أو النسل والمال).

ومن محاسن الشريعة أنها جعلتها من رتبة الحقوق إلى رتبة الواجبات؛ فلم تكتف بجعلها حقوقًا للإنسان حتى أوجبت عليه اتخاذ وسائل الحفاظ عليها.

حكم مشاركة الكورسات التعليمية

من المقرر شرعًا أنَّ كل ما له منفعة وقيمة فهو داخل في معنى المالية

بالإضافة إلى أنها، من حقوق الملكية الفكرية ، والأدبية، والفنية.

وبراءات الاختراع، والأسماء، والعلامات، والتراخيص التجارية.
وهي من الحقوق الثابتة لأصحابها شرعًا وعرفًا، سواء أقلنا أنها من قبيل الأموال.

أو من قبيل المنافع التي تعد أموالًا بورود العقد عليها مراعاة للمصلحة العامة.

بالإضافة إلى الكورسات التي يتم الدخول عليها عبر رابط يرسله مقدم الخدمة.

أو السماح بالدخول على المنصة والتسجيل فيها، وإرسال الرابط الى غير المشتركين

هذه الكورسات من النتاج الفكري، الذي يقطع بمنفعته بحيث يحصل به الاختصاص الحاجز.

ويجري فيه التقويم والتداول عرفًا ويتخذ محلًا للتعامل والمعاوضة بين الناس.

بالإضافة إلى أنه يثبت فيه حق المطالبة القضائية في العُرف القانوني ولا معارض لذلك في الشرع.
فإن هذا يجعل لمثل هذه الكورسات حكم المالية في تملك أصحابها لها.

واختصاصهم بها اختصاصًا يحجز غيرهم عن الانتفاع بها من غير إذنهم.

ومن ثم يجب على طالب الخدمة أن يتقيد بما يحدده مقدموها وأن يلتزم بشروط وضوابط اللازمة.
ولا يجوز له مشاركة غيره في مشاهدة تلك المادة إلا بإذنهم.

وذلك للأدلة الآتية:

أولًا: قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أخرجه الإمام البيهقي في “سننه”.

فالجهود والأموال التي يبذلها مقدمو هذه الكورسات في التوصل إلى أبحاثهم وتوفير مصادرهم وتحصيل خبرتهم.
التي تؤهلهم لتقديمها تجعل من التعدي عليها واستعمالها من غير رضاهم أو بغير ما تم الاتفاق عليه أكلًا لحقوقهم وتضييعًا لجهدهم.
وقد نهى الشرع الشريف عن ذلك ، حيث يقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
ويقول سبحانه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188].

 

ثانيًا: أن الطريقة التي تقدم بها هذه الكورسات من خلال إرسال رابط لشخص محدد هو المشترك فقط، يجعل من هذا التصرف معنى الشرط.
لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].
وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» رواه الترمذي.

ثالثًا: أن في مشاهدة الكورسات لغير المشتركين فيها بدون إذن مقدمها نوع غشٍّ.

حيث إن صاحب هذه الكورسات قد أذن للمشترك فقط في المشاهدة والانتفاع بها،
ومن المقرر شرعًا حرمة الغش مطلقًا؛ سواء كان في البيع أو غيره من المعاملات.
فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ -أي: كومة طعام- فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا.

فقال: “مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟” قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ -أي المطر-، يَا رَسُولَ اللَّهِ!.

قال: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مني».

التعليقات