
الزمان: يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هـ الموافق 27 سبتمبر سنة 622م
المكان: من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة
الهجرة النبوية.. عندما أوحى الله لنبيه الكريم أن ينشر الدعوة أقتصر الأمر في البداية على المقربون منه في سرية تامة.
فكانوا يجتمعون في دار الأرقم بن أبي الأرقم يحدثهم النبي عن هذا الدين الجديد الذي سيكون نجاة لهم من بطش الشيطان وشركه، وسيأخذهم بتعاليمه إلى أعلى الجنان.
دعوة الإسلام ورسالة العدل والسلام
لم يدم الأمر طويلًا حتى جاؤه جبريل أنه قد أذن ربك أن تخرج الدعوة للنور ويعرفها جميع الناس.
ليقوم نبينا الكريم بجهرية الدعوة ينادي الناس ويدعوهم للحق وعبادة الله الواحد الأحد.
ولكن لا مفر من شرك استحل قلوب الطغاة وكرًا له لقد رفضوا الدعوة ولم يكتفوا بهذا وحسب.
بل شرعوا في تعذيب من اتبعوا تلك الهداية بأقصى أنواع العذاب، وضيقوا على الرسول الخناق من كل جانب وبرضوا عليه الحصار الشديد.
لذلك لم يجد النبي أنه لا مفر سوى الهجرة لينقذ المسلمين من براثن الكفر والفساد.
ويؤسس لهم مجتمعًا جديدًا عنوانه المحبة والرحمة؛ فخرج هو وسيدنا أبو بكر إلى يثرب -المدينة المنورة- ليقابله هول جديد.
كفار مكة وغار ثور
قرر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهجرة من مكة إلى المدينة، فحاول اختيار مكانًا لا يصل إليه المشركون.
ووقع الاختيار على “غار ثور”، ورافقه في هذه الرحلة “أبى بكر الصديق” -رضى الله عنه-.
وجاء الكفار ووقفوا عند مدخل الغار، وحينها شعر أبو بكر بالخوف.
فقال للرسول -عليه الصلاة والسلام-، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، لكن رد عليه الرسول قائلًا:
“ما ظنك بإثنين ثالثهما؟”
وقد ورد هذا في الآية الكريمة قال تعالى:
“لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا”.
فأمر الله -عز وجل- العنكبوت أن تنسج خيوطها على واجهة الغار.
وهذا لتضليل الكفار لأنه لم يخطر على بالهم أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قد دخل إلى الغار، وإلا كانت قد تحطمت شباك العنكبوت.
الهجرة النبوية.. درس هجري عظيم
بعد رحيل الكفار أكمل النبي -صلى الله عليه وسلم- طريقه مع رفيقه أبو بكر وكان أبو بكر رجلًا معروفًا فسأله بعض المشركون حين رأوه مع النبي:
“مَنْ هذا الذي معك يا أبا بكر؟”
فيقو أبو بكر بالتورية فيقول:
“هادٍ يهديني السبيل”
فيظن السائل أنه يهديه الطريق إلى المدينة، وأبو بكر يقصد أنه يهديه هداية الطريق في الدين.
وفي هذا الأمر وقفة عظيمة للدعاة والمصلحين ودرس هجري عظيم.
رد كيد الكائدين
علم النبي أن المشركون سينتظرونه عند الطرق الرئيسية المؤدية للمدينة.
فكان لا بد أن يرد كيدهم ويقلب عزمهم، ويجعلهم يدركون أن من يتوكل على الله فهو حسبه، هنا جاء دور طريق ثنيات الوداع.
وقد عُرف هذا الطريق في الجاهلية بكونه وكرًا للفساد وتدبير المؤامرات من قبل اليهود، ومكان لشرب الخمر ومرتعًا لهم ولقطاع الطرق واللصوص.
وانتشرت العديد من الأساطير في ذلك الوقت تقول أنه من يمر من هذا الطريق عليه أن يودع الحياة، فهو لن يخرج حيًا على أية حال.
لكن مر الرسول الكريم من هذا الطريق وعندما خرج منه هو وصاحبه وأطل على أهل المدينة.
استقبلوه بحفاوة وأخذوا يرددون “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع” ذاك النشيد الشهير الذي ما زال يردده المسلمون ليومنا هذا.
التعليقات