بقلم/ محمد حبيب
يتخيّل البعض أنه من السهولة حصر كل الملحدين على الإنترنت، ولكن هناك استحالة في ذلك لسببين:
الأول: هناك من يخفي إلحاده، والثاني: هناك من ينشر محتويات إلحادية بصورة غير مباشرة كمن ينشرها تحت اسم غير إلحادي على صفحته، ولكن الأدق هو حصر عدد مشاهير الملحدين المجاهرين بالإلحاد على الإنترنت أو أصحاب الحسابات أو الصفحات أو القنوات النشطة أو المتفاعلين مع الأخذ في الاعتبار صعوبة حصر الإلحاد في كل اللغات، ومن خلال رصد وإحصاء عدد المهتمين والمتابعين للإلحاد على مواقع التواصل نجدهم لا يتعدون 400 ألف شخص ناطق باللغة العربية على مستوى العالم «نسبة 1 في الألف»، وكذلك وجدت من خلال الرصد أن إجمالي عدد مشاهدات فيديوهات الإلحاد باللغة العربية في أشهر وأكبر 15 قناة على اليوتيوب لا تتعدي 200 مليون مشاهدة منذ تأسيسها وحتى أول 2021م وهي نسبة ضعيفة جدًا ويمكن أن تساوى مشاهدات فيديو متواضع خلال ساعات من بثه لمطرب أغاني مهرجانات!!!!
ولا شك أن سياسات كثير من الدول الإسلامية ومنها الخطاب الرسمي للدولة المصرية وكذلك منهجية المؤسسات الدينية فيها «كالأزهر بمؤسساته، والإفتاء والأوقاف» تجاه الدين قللت انتشار الإلحاد بدرجة كبيرة باعتمادها على خطاب ديني متوازن ومؤمن بحرية العقيدة والفكر.
ومن اللافت للنظر غياب البيانات الشخصية الكاملة على مواقع التواصل الاجتماعي كموقع أو بلد بث المحتويات، ويلاحظ كثرة عدد الملحدين المجاهرين الذكور عن الإناث وخاصة في محتوى الفيديوهات على اليوتيوب، وقد فسر البعض ذلك بأن طبيعة المرأة عمومًا لا تميل إلى العنف أو التطرف أو الإرهاب أو الإلحاد حتى الجرائم عدد النساء أقل من الرجال في هذه الأعمال، وهذا واقع ومشاهد في حياتنا.
وكذلك المتابعين لأمر الإلحاد على الإنترنت نلاحظ أنهم في ازدياد وخاصة السنوات الخمس الأخيرة، ولكن الزيادة أو حتى إجمالي المجاهرين لا يمثل أي نسبة بجانب المحتويات الآخرى كالرياضة والفن، بل والدين وغيره.
وعند المتابعة والرصد أيضًا نجد أن أكثر الصفحات انتشارًا الصفحات الإلحادية الساخرة أو ذات الموضوعات الجذابة والجديدة أو الموضوعات الموثقة بالأدلة أو ذات التقنية الفنية العالية.
وكذلك من الملاحظ أن كثير من العلماء لا يحرصون للرد على كل شبهة من شبهات الإلحاد على الإنترنت لاعتقادهم أنها لم تصل لحد الظاهرة بعد أو لأن الملحدين مجرد مرضى نفسيين، وأنهم في مصر مثلًا لا يزيدون عن 800 ملحد مصري!!، وحقيقة العدد في مصر ليس كما يشاع أنهم حوالي 5 مليون ملحد في مصر؛ فهذا مستحيل جدًا لصعوبة معرفة النوايا، ولكن يمكن معرفة المجاهرين بالإلحاد في مصر وهم لا يتعدون بضعة أشخاص وأغلبهم ملاحقين قانونيًا بتهمة ازدراء الأديان وهي إجراءات قانونية ومتزنة، أما المتفاعلين والمتابعين في صمت فهم عدة آلاف ربما أغلبهم حب استطلاع أو متابعة للرد على الملحدين.
وبعد البحث والتحري نجد أن أغلب الملحدين المجاهرين لا يمولون أفكارهم بالمال لتظهر بصورة أوسع على مواقع التواصل الاجتماعي أو الإنترنت، ولا يستغلون الهشتاجات أو التريند لإرفاق محتواهم بها.
ومن خلال دراستي ورصدي كذلك للإلحاد وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وجدت هناك ارتباط إيجابي وأخر سلبي بين عدة عوامل؛ فبالنسبة للعمر أو سن الملحدين وجدت أغلب المتفاعلين أو النشطاء مع الإلحاد من صغار السن والشباب فكلما زاد السن قل الإلحاد وهذا ارتباط سلبي أو عكسي، وبالنسبة للتعليم والثقافة والرفاهية وجدت ارتباط إيجابي؛ فكلما زاد التعليم والثقافة أو الرفاهية زاد الإلحاد بمعنى الإلحاد شبه منعدم عند قليلي التعليم أو الأميين أو الفقراء، وبالنسبة لجنس الشخص أو الجندر وجدت أن الإلحاد يقل جدًا بين النساء عن الرجال وربما يكون لدوافع غريزية فطرية أن المرأة تحتاج للأمان فتجد في الله قدر كبير من الأمان.
ويمكن استعراض ملامح الإلحاد على أشهر ثلاثة مواقع على الإنترنت وهي اليوتيوب، وتويتر، والفيس بوك وذلك في المقالات القادمة إن شاء الله.
التعليقات