حكم أخذ العوض
الدكتور عطية لاشين

بقلم/ الدكتور عطية لاشين

س: استعار مني صاحبي سيارتي لقضاء مصلحة تخصه، لكنه تعرض لحادث أثناء قيادته سيارتي مما أصابها بتلف كبير فعرض علي المال اللازم لإصلاحها فأخذته وأصلحتها به فلامني البعض وقال إن أخذك للعوض حرام، فهل أخذ العوض حرام؟؟؟!!

الحمد لله رب العالمين قال في القرآن الكريم: «وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»، الشورى ٤٠.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءنا بشرع كان من بين كلياته المحافظة على الأموال .

وبعد:

فإن الله عز وجل قال في القرآن دستور أهل الإسلام الذي لا دستور لهم سواه: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»، المائدة ٢، وأكد هذا المعنى رسولنا الديني، والإنساني، والاجتماعي فقال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، رواه مسلم في صحيحه.
وما وجد إنسان قط استغنى في حياته عن غيره، بل الكل في حاجة إلى الكل بهذا تتكامل الحياة، وتسير سفينتها سيرًا هادئًا آمنًا بعيدًا عن العواصف، والرياح الهوجاء.

وفي واقعة السؤال نقول:

هذا الذي اعتقده العوام، وسار عليه الأجداد والآباء إلى يومنا هذا من أن أخذ العوض حرام في الإسلام، هذا المعتقد يخالف ما عليه النصوص الشرعية الثابتة ثبوتا صريحا في السنة النبوية ، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» جامع العلوم والحكم رقم ٣٢.

وصاغ الفقهاء من النص الشريف قاعدة فقهية من القواعد الذهبية الكبرى الكلية نصها «الضرر يزال» أي من ألحق بالغير ضررًا في نفسه، أو ماله، أو عرضه وجب عليه إزالة الآثار المترتبة على هذه الأضرار وذلك يكون عن طريق التعويض فيغرم المثل إن كان الذي أتلفه من المال مثليًا، أو القيمة إن كان المتلف من المال قيميًا كما هو الحال في سؤالنا.

ويؤكد معنى ما سبق من جواز أخذ العوض وأنه لا حرمة في ذلك كما يزعم ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن سيدنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها أي: التي كان النبي -صلى عليه وسلم- عندها فكسرت القصعة فضمها أي: القصعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعل فيها الطعام وقال: كلوا وحبس الخادم والقصعة حتى فرغوا فدفع القصعة الصحيحة وحبس المكسورة» أي: أنه -صلى الله عليه وسلم- عوض صاحب القصعة التي كسرتها أختها أي ضرتها وأعطاها بدلا من المكسورة قصعة صحيحة.

أبعد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هدي، وأبعد بيانه بيان ؟؟؟!!

والله أعلم.
وصلى الله على نبينا وسيدنا وحبيبنا محمد.

التعليقات