بقلم/ الدكتور مختار محسن
قبل ثمانية سنوات من الآن كانت مصر تمر بأزمة ضخمة بسبب اعتلاء جماعة الإخوان مقاليد الحكم في البلاد حيث كانت تمثل تهديدا للأمن القومي والديني أيضا؛ ورغم ما كان يشعر به معظم الناس في حينها من تشويش الرؤية والقلق على مستقبل البلاد إلا أن ألطاف الله بمصر وأهلها كانت العامل الأهم في خروج مصر من هذه الأزمة وقد ظلت عدد من المؤسسات الوطنية بعيدة كل البعد عن عبث وتغلغل الإخوان بها ولله الحمد .
وفي ظل هذه الفوضى وتحديدا يوم 3/ 3/ 2013م يطالعنا خبر تسلم الأستاذ الدكتور شوقي علام لمهمة إفتاء الديار المصرية؛ ليكون المفتي رقم عشرين في مفتيي الديار المصرية، ويكون ذلك التسلم في صورة حفل غير مسبوق في مصر “تسليم وتسلم” حيث يحضر فيه فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة ليسلم الراية لخلفه المفتي الجديد داعيا الله له بالتوفيق والإعانة.
ومن ذلك الوقت بدأ المفتي الدكتور شوقي علام عهدًا جديدا مباركا في تاريخ الإفتاء في مصر ليستكمل مسيرة العلماء المباركين من أسلافه، فأخذ على عاتقه مهمة ترسيخ دور الفتوى في استقرار المجتمع والتصدي بشكل عملي لموجات التطرف والإرهاب التي أعقبت ثورة الثلاثين من يونيو، كان الظرف صعبا والوقت ضيقا والمهمة ثقيلة، لكن بفضل الله تمكنت دار الإفتاء المصرية تحت قيادة فضيلة المفتي وبمعاونة فريق عمل على أعلى درجات التدريب والعلم والمسئولية من الخروج من هذه الأزمة بعدد من النجاحات المستمرة إلى الآن على كافة الأصعدة.
1- فعلى صعيد الفتوى التي هي قطب الرحى«مركز الدائرة» وعمود الخيمة استطاعت دار الإفتاء المصرية من استقبال نحو 10 مليون فتوى خلال 8 سنوات، تتنوع هذه الفتاوي ما بين العقائد والعبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والمواريث وسائر شئون الحياة.
هذه الفتاوي ليست مجرد جواب على المستفتين بل هي جسر من التواصل الآمن مع المجتمع نستمع فيه لمشكلاته الدينية والاجتماعية ثم نسعفه بالحل الشرعي الذي يستهدف حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال، وتطور ذلك في صورة وحدة للإرشاد الأسري التي تمنع الكثير والكثير من حالات الطلاق الذي يمثل تهديدا للأسر المصرية، وأيضا إدارة لفض النزاع التي تستهدف الإصلاح بين المتخاصمين وتخفيف آثار النزاع المجتمعي.
2- مثلت الفتوى في دار الإفتاء المصرية أيضا نوعا من المواجهة مع أفكار الجماعات المتطرفة حيث يواجهنا الجمهور بما طرق آذانهم من أفكار المتطرفين المقيتة فيتم الجواب ببيان صحيح الدين.
3- استفادت دار الإفتاء المصرية من إمكانيات وتقنيات العصر فتوسعت في استخدام التكنولوجيا في كافة إداراتها وزادت طاقتها الاستيعابية للتواصل مع الجمهور سواء في نوافذ الفتوى«الشفهية -الهاتفية- الالكترونية-المكتوبة»، أو في خدمة البث المباشر الي يقدمها عدد من علماء الدار وخبراؤها أو في التواصل الاجتماعي لصفحاتها على الانترنت حيث وصلت الصفحة الرسمية ل11 مليون متابع بفضل الله.
4- تمكنت دار الإفتاء المصرية من تعظيم طاقتها البحثية والنشر العلمي حيث صدرت عدد من الموسوعات العلمية والبحثية في الفتوى والشريعة الإسلامية والرد على أفكار المتطرفين الذي تحول لأحد الأهداف الاستراتيجية الكبرى لدار الإفتاء .
5- استطاعت دار الإفتاء المصرية أن تنشئ أول كيان عالمي لمؤسسات الفتوى في العالم وهو الأمانة العامة لدور ومؤسسات الفتوى في العالم الذي أصبح قبلة المفتين وهيئات الفتوى في العالم، والتي تضم أكثر من ثمانين دولة.
ولا زالت قائمة النجاحات طويلة ولله الحمد تشهد عليها وسائل الإعلام ومحركات البحث وثقة القيادة المصرية التي توجت هذه النجاحات بإصدار قرار التجديد لفضيلة المفتي تأكيدا على وعي الدولة المصرية بدور العلماء والمؤسسات الدينية في تقدم ورفعة المجتمع.
شكرا يا سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي
، وشكرا يا فضيلة المفتي أ.د شوقي إبراهيم علام وشكرا لكل زملائنا وشركائنا في النجاح في كافة إدارات دار الإفتاء المصرية .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
التعليقات