علماء الأزهر: أموال «التيك توك» حرام بشرط
علماء الأزهر: أموال «التيك توك» حرام

ازداد في عصرنا الحالي الإقبال على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة بين الشباب، فمنهم من يراها مصدرًا لنشر أفكاره، وآخر يكوِّن عليها صداقات، وغيره يعتبرها مجالًا للتسلية.. ولكن تطور الأمر حتى أصبحت بعض شبكات التواصل مصدرًا لجمع الأموال.

«التيك توك» هو شبكة اجتماعية ذاع صيتها بصورة أكبر عام 2020م، وربما كان السبب في ذلك هو ظهور فيروس كورونا وفرض الحظر على كثيرٍ من البلدان، حيث زادت البطالة والعطالة، وظن عملاء التيك توك أنه ملاذٌ لهم ينشرون مواهبهم ويتواصلون مع أحبابهم.. وأيضًا يحصلون على أرباحٍ مادية. 

وفي الأيام الأخيرة  آثار التطبيق جدالًا واسعًا حول الحكم الشرعي في أرباح «التيك توك»، خاصةً  تلك الأموال التي يحصل عليها الشخص الذى يروج للتطبيق عندما يرسل «لينكًا» لعددٍ معين مِنَ الأشخاص فيقبلوه، فيكسب من البرنامج رصيدًا أو مبلغًا من المال يصل أحيانًا إلى ألف جنيه.

آراء علماء الأزهر فى أرباح التيك توك:

قال الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون بالأزهر، إن مَنْ يروِّج لتطبيقاتٍ مثل: «تيك توك»، بهدف كسب الأموال، عليه أن يعلم أن الحكم الشرعي في هذه المسألة يتحدد بضابطين:

1- أن يكون المحتوى مباحًا: 

أوضح «منصور» لـ «العالم الأوسط»، أن الفكرة كلها مرتبطة بالمحتوى الذي سيتم الترويج له، فإذا كان هادفًا لا يتنافى مع الأديان، ويعمل على الارتقاء بمنظومة الأخلاق، ويناسب المجتمع، فهو عمل مقبول.. مضيفًا أنه إذا كان المحتوى غير هادف أو يُخل بتعاليم الأديان أو يتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع بأن يدعو إلى الرذيلة مثلًا أو يتناقض مع منظومة القوانين العامة في هذا المكان، فهو عمل غير مشروع، وبالتالي يكون المال المُكتَسب منه حرامًا.

2- أن يتناسب العمل الذي يقوم به الشخص مع المقابل الذي يحصل عليه: 

بيَّن «أستاذ الفقه المقارن» أن هناك شيءٌ آخر مرتبطٌ بكون المحتوى هادف، وهو أن يتناسب العمل الذي يقوم به الشخص مع المقابل الذي يحصل عليه؛ لأنه إذا كان العمل لا يناسب المقابل أو إذا كان العمل قليل بالنسبة للمقابل، فهذا يُسمى في القانون «الإثراء بلا سبب على حساب الغير» -والمراد به أن يأخذ الشخص شيء من غير سبب مشروع-، فمثلًا نجد عملًا لا يساوي إلا 5 جنيهات وتجد شخصًا يأخذ عليه 1000جنيه، فهذا المقابل يعتبر محرم شرعًا إذا كان العمل لا يُقدَر بهذا المبلغ. 

وأكد «منصور» أنه فيما يخص البحث حول مصدر أموال شركة «تيك توك» فنحن لسنا مُطَالبين بأن نفتش في نوايا الناس ولا يحق لنا أن نتسائل هل أموالهم حرام أم حلال، لأن هذا يعد تدخل في أسرار الغير.. مشيرًا إلى أننا إذا أردنا أن نحكم على العمل، فقط علينا بتلك الضابطين السابق ذكرهما. 

ومن جانبه، قال الدكتور محمد عبد الشافي، أستاذ القانون الجنائي بجامعة الأزهر بأسيوط، إنه إذا قام أحد نشطاء «التيك توك» بإرسال «لينك» لأصدقائه بهدف تحصيل نقودًا في حالة قبولهم دعوته -فالأمر يختلف وفقًا لثلاثة أمور:

1- المقاصد: الهدف أو الموضوع الذي يريده الشخص الذي أرسل «اللينك» وأراد استقطاب الناس إليه. 

2- الوسائل: كيفية الترويج لهذا اللينك. 

3- المآلات: النتائج التي ممكن أن تترتب في حالة قبول هذا «اللينك».

وأوضح «عبد الشافي» لـ «العالم الأوسط» أنه -في الشريعة الإسلامية- الوسائل تأخذ حكم المقاصد، والمآلات أي -النتائج التي يؤدي إليها الفعل- تأخذ حكم الاثنين أي -الوسائل والمقاصد-؛ فإذا ترتب ضررٌ في  المقاصد أو الوسائل أو النتائج -والضرر هنا بمعنى التجاوز عن القيم الشرعية  أو نشر الفاحشة- فإنه لا يجوز لأحدٍ منا أن يرسل هذا اللينك ولا أن يستجيب ويدخل عليه إذا تم إرساله له. 

وبيَّن «أستاذ القانون الجنائي» أنه أحيانًا يكون الفعل أساسًا حكمه الإباحة، لكن باعتبار النتيجة التي يمكن أن تترتب عليه -يصبح محرمًا.. فعلى سبيل المثال: بيع العنب جائز، فكل الناس تشتري عنبًا وتبيع عنبًا؛ لكن عندما يؤول الأمر إلى أن يُعصَر العنب خمرًا فهذا حرام، فلو عَلِمَ بائع العنب أن المشتري سيعصره خمرًا لنفسه أو لغيره، فهذا حرام، «ويجب أن نقيس على ذلك كل شيء». 

وفى السياق ذاته، قال الدكتور محمود مهني، عضو هيئة كبار العلماء، إن الترويج لتطبيق «التيك توك» بهدف نشر الانحلال وإشاعة الرذائل بين الشباب فهذا حرام لأن الدال على الشر كفاعله كما أن الدال على الخير كفاعله.. موضحًا أنه لا ينبغى على المسلم أن يروج لمثل هذه التطبيقات التى قد تكون سببًا فى نشر الرذائل بين الناس.

وأكد «مهني» لـ «العالم الأوسط» أنه يجب على الشباب ألا يستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي بدرجة مُبالَغ فيها لأنها مضيعةٌ للوقت، فالإنسان سيحاسب أمام الله تعالى على وقته.. مستشهدًا بحديث سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ».

وأضاف «عضو هيئة كبار العلماء» أنه لا يجوز أن نشغل أنفسنا بالتُرَّهات والتفاهات، ولكن علينا بالدين الذي يأمرنا بالصناعة والزراعة والتعليم والحصول على المراكز القيادية في كل فنون الحياة؛ لأننا في حاجةٍ إلى اقتصادٍ سليم وإلى علم وسطي محترم وإلى بث الأمل والأمن في ربوع الوطن.. مشيرًا إلى أنه لا يجوز للشباب أن يساهم في الأشياء التي تدعو إلى الانحلال الأخلاقي.

التعليقات