منه الله فتحي
تحل اليوم ذكرى الاحتفال بـ اليوم العالمي للصحة النفسية، وهو اليوم الذي أعلنته الأمم المتحدة في 10 أكتوبر من كل عام بهدف زيادة وعي الأفراد وتثقيفهم وتقليل وصمة العار حول أمراض الصحة العقلية والنفسية، خاصة بعد جائحة «كورونا» وقد جعلت مُنظمة الصحة العالمية شعارها هذا العام تحت عنوان «الرعاية الصحية للجميع».
رصدت بوابة «العالم الأوسط» فى هذا التقرير أهم 14 نصيحة التى أكد الخبراء أنها تعيد للإنسان اتزانه النفسي وتساعده على الحفاظ على صحته النفسية.
قال الدكتور فتحي سعيد، استشاري الصحة النفسية وتطوير الذات، إن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية ولكن قلة الوعي في المجتمعات المتأخرة تجعلهم يتعاملون مع الجانب النفسي بحالة مستديمة من عدم الاكتراث واللامبالاة ويدفعهم الجهل في ما يتعلق بخفاية النفس إلي إهمالها تماماً.
وأوضح «سعيد»، فى لقاء تلفزيوني له، أن معظم الأشخاص تنظر إلي العلاج النفسي وكأنه من العيوب التي تسئ إلي الإنسان ومكانته ولكن في الحقيقة أهم الأمور التي يجب علي الإنسان مراعاتها والسعي إلى تحقيقها هو التوازن النفسي ولكي يتحقق التوازن النفسي لابد من عدة أمور:
1- عدم البعد عن الله:
حيث أن الله سبحانه وتعالي قد حذّر من الابتعاد عنه والإعراض عن شريعته وسبيله.. منوهًا إلى أنّ في ذلك شقاء الدنيا والآخرة، فإنّ من أعرض عن الله وعن شريعته عرّض نفسه لعذاب الدنيا وتبديل النعم النازلة به نقماً وشؤماً وقد ذكر أن رجلا جاء لسفيان الثوري فقال له: «إني أشكو مرض البعد عن الله فماذا أفعل فأجابه: يا هذا عليك بورق الصبر، وعروق الإخلاص، وعصير التواضع، ضع ذلك كله في إناء التقوى، وصبّ عليه ماء الخشية، وأوقد تحته نار الحزن، وصفه بمصفاة المراقبة، وناوله بكف الصدق، واشربه في كأس الاستغفار، وتمضمض بالورع، وابعد نفسك عن الحرص والطمع، تشفى من مرضك بإذن الله».
2- التخلص من العلاقات المؤذية :
وذلك لأن الدخول في علاقة مؤذية يستهلك الكثير من طاقة الإنسان، وقد تمر السنوات دون التعافي أو تجاوز أزمة العلاقة، مما يؤدي إلى زيادة في تدمير الذات واحترامها فضلاً عن استنزاف الطاقة، وعدم الرغبة في خوض علاقات متجددة، وفي نفس الوقت تدمر العلاقة المؤذية علاقتك بالآخرين وعملك، ولتتخلص منها لابد أن تقنع نفسك بأن هذه التجربة مهما كانت قوتها التي كنت تعتقدها في أثناء وجودك في العلاقة، فهي ليست نهاية العالم، بل على العكس هي بداية لعالم جديد تكتشف فيه ذاتك وعلاقتك العاطفية بشريكك وتحديد قواعد جديدة لتبدأ حياة عاطفية متوازنة خالية من الضغوط، و أيضا لابد من السماح لمشاعر الألم بأن تشعر بها، لكن عدم التمادي فيها والاكتئاب، حتى لا تقع في فخ أنك غير سعيد رغم إنهاء العلاقة المؤذية و في حال الشعور بالحنين عليك تذكر عيوب ومساوئ هذا الشخص معك في العلاقة، وتذكر مستوى الضغط والإهانة الذي جعلك تشعر به.
3- مساعدة الناس:
من الجميل أن تدخل السرور على قلوب الآخرين إذا احتاجوا لمساعده وتكفيك دعوة صادقة من شخص محتاج يسعدك الله بها، وكما في الحديث (وخير الناس أنفعهم للناس )عندما تساعد إنسان على قضاء حاجته فانه يشعر بالأخوة والمحبة فيما بينكم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)سعادة لا تضاهيها سعادة عندما نكون سبب في سعادة الآخرين قمة السعادة وقمة الفرح أن تكون مصدر فرح للآخرين الأجر من الله والتوفيق في الدنيا، و سُئِلَ الإمام مالك : “أي الأعمال تحب ؟” فقال: “إدخال السرور على المسلمين، وأنا نَذَرتُ نفسي أُفرِج كُرُبات المسلمين”
فقط اخلص النية ستأتيك المثوبة من عند الله وانشراح الصدر.
4- حسن الظن بالآخرين:
إن حُسن الظن يسمو بسلوك الإنسان فوق الصغائر، ويرسم لعلاقته بالناس صورة راقية تغلفها المعاني الإنسانية الرفيعة، فيكون إنساناً سوياً متحضراً، قادراً على التعايش والتعاون مع كل المحيطين به، متجنباً للرذائل، مجسداً صورة حضارية لدينه، ملتزماً في سلوكه وأخلاقه وتعاملاته مع الناس جميعاً، بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وذلك لأن سرائر الناس ودواخلهم لا يعلمها إلا الله تعالى وحده قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيم»، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا».
5- تناول الطعام الصحي:
أثبتت دراسة بريطانية أن الغذاء السليم والصحي يلعب دور كبير في تعزيز الصحة النفسية، وذلك بإمداده الجسم بالفيتامينات والعناصر الضرورية التي يحتاجها لبناء وتجديد الخلايا في الجسم والدماغ، ولأن الجسم لا يمكن أن ينتج بنفسه الكثير من هذه المواد المغذية، فإن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن هو أمر مهم للغاية. ومن ثم تصير المكملات الغذائية – التي هي على شكل حبوب ومساحيق – لا ضرورة لها.
6- ممارسة الرياضة بانتظام:
ومن فوائد الرياضة للصحة النفسية أنها تقلل من مستوى هرمونات التوتر في الجسم، وفي الوقت نفسه تحفز إنتاج مادة تسمى الأندروفين، وهي مادة كيمائية يتم إفرازها من الدماغ عند ممارسة الرياضة والذي يساهم في السيطرة على الحالة النفسية، ويساعد في الوقاية من القلق والاكتئاب والخوف والألم، ويؤدي إلى الشعور بالمتعة، بالإضافة إلى أن ممارسة الرياضة مع مجموعة من الأشخاص على وجه الخصوص توفر لك فرصة للاسترخاء والاندماج من أجل تحسين لياقتك، كما أن لها فوائد اجتماعية من خلال السماح لك بالتواصل مع الزملاء والأصدقاء في بيئة ترفيهية .
7- النوم المنظم:
يعد النوم من أهم الأسباب التي تساعد في تحقيق التوازن النفسي؛ لأنه يعمل على خفض أي إضرابات نفسية، وبالتالي يقلل من الشعور السلبي مثل الاكتئاب، كما أنه يساعد على الشعور بالراحة والاسترخاء، وتقوية الذاكرة، وتجديد طاقة الجسم، مما يؤدي إلى تحسين مزاج الفرد.
ومن هنا، ننصحك بأخذ قسط كافي من النوم يومياً؛ حتى تتيح لبدنك الفرصة بالتقليل من أي مشاعر سلبية والشعور بالاسترخاء، ومن ثم يتحقق التوازن النفسي لديك.
8- البساطة وعدم المبالغة:
للبساطة رونق خاص وللبسطاء بريقهم الجميل الذي يتفق الجميع بمحبة مجالستهم والاستئناس بحديثهم كما أن الحياة البسيطة لا تعني الفقر أو الحرمان بل الاعتدال والتوازن وعدم التكلف والمبالغة في أي شيء فالتكلف في أي شيء، يفقده جماله ونضارته، فكم من مجلسٍ يستثقله زواره وذلك بسبب تكلفه المبالغ به، حيث يظن الشخص أنه إذا صرف وتكلف يكون كرماً حاتمياً لكن الكرم في الواقع هو الخلق الحسن والحديث والابتسامة،ولنا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أجمل الأمثلة فحياته كانت بسيطة غير متكلفة.
فعن عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، قالت: “يا ابن أختي، لقد مرت بنا ثلاثة أشهر بدون إشعال نار (لإعداد الطعام) في منزل الرسول”، فسألها ابن اختها: “وما الذي أعانكم على ذلك؟”، قالت: “الأسودين (البلح والماء)،وكان بعض جيران الرسول من الأنصار يملكون ناقة فيعطوا الرسول بعضاً من لبنها (البخاري ومسلم).
بالرغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قائداً ونبياً وله مكانته فحينما نبسط حياتنا ونبتعد عن التعقيد سيتغير كل شيء إلى الأجمل وستصبح الحياة سعيدة، وسنكون أكثر ترابطاً وتراحماً فيما بيننا.
9- تجنب إهدار الوقت بلا فائدة:
الوقت ثمينٌ في حياة مَن يُقدّره، ولذلك على الفرد أن يستغلّ كلّ دقيقة من حياته، ويستفيد من أوقات فراغه في دنياه وآخرته؛ فإذا استغلّ الإنسان الفراغ أفضل استغلالٍ، ومارس فيه العديد من الأنشطة المفيدة، وتدرّب على المهارات التي تقوّي شخصيّته فالإنسان الناجح هو من يُحسِن استغلال الوقت، ويعرف كيف يُدير وقته وينظّمه، ويغتنم أوقات فراغه في أعمالٍ تعود عليه بالنجاح والتقدّم، فترتفع الرّوح المعنويّة لديه، ويكون النجاح والتقدّم حليفه في خطوات حياته، وتتّضح صورة الحياة أمام الفرد بكلّ ما فيها من واجباتٍ وأعمالٍ وترفيه.
10- عدم المماطلة والتسويف:
إذا كانت فكرة القيام بشيءٍ ما تشغل بالك بالكثير من القلق أو الخوف لدرجةٍ لا يمكنك عندها البدء، فالقيام بنشاطٍ مهدّئ للذات للتخفيف من حدّة ذلك الشعور قد يكون فكرةً جيدة. مثلاً الاسترخاء، أو الرقص، أو الاستماع إلى أغنيتك المفضّلة، أو امنح نفسك 10 دقائق لاحتضان حيوانك الأليف إذا كان لديك، أو اجلس مع أحد أفراد أسرتك فعندما تمنح نفسك الفرصة للتخفيف من المشاعر السلبية تلك، ستتمكّن من تقييم المهمّة من جديد بطريقةٍ أكثر عقلانية. ربّما لن تجدها بالصعوبة التي كانت عليه قبل قليل. وبمجرّد أن تفهم مبدأ هذه الطريقة وتبدأ بتغيير نظرتك السلبية للأمور، ستكون الخطوة التالية بسيطةً؛ فقط ابدأ.
11- تجنب التفكير الزائد في المستقبل:
عند شعورك بأن الأفكار تحاوطك ولا تستطيع التخلص منها عليك بإشغال نفسك بممارسة أي نوع من النشاط الذي يخلصك من التفكير، مثل اللجوء إلى الرسم أو الكتابة أو ممارسة نوع من الرياضة فحين تفكر بشكل زائد عليك بإحضار ورقة وقلم وتدوين الإيجابيات، وتجنب السلبيات التي توجد بحياتك، وحتى إن كانت الإيجابيات بسيطة فإنها تساعدك على تحسين الحالة المزاجية، والتخلص من التوتر والقلق والتفكير الزائد.
12- التخلص من القلق والتوتر:
وذلك عن طريق التواصل مع صديقٍ مقرّبٍ أو شخصٍ عزيزٍ، والتحدُّث معه عن المشاكل أو المشاعر التي تؤرق التفكير وتشغل البال وتسبب التوتر، فإن العلاقات الجيدة والتواصل مع الأصدقاء والمقربين مهمٌ جداً لعيش نمط حياةٍ صحيّةٍ، ومهمٌ أكثر في حال كان الإنسان تحت ضغط نفسيّ وتوتر؛ حيثُ إنّ الشعور بالدعم والاطمئنان من وجود شخصٍ مقرّبٍ قد يساعد كثيراً على تخفيف حدّة التوتر بالإضافة إلي التحدث الإيجابي مع النفس وتطمينها بأنّ كلّ شيءٍ سيكون بخير، والتفكير الهادئ بالموضوع الذي يسبب التوتر وما الذي يمكن فعله لحل المشكلة.
13- الفسح مع العائلة:
يعتبر الترفيه أو الترويح عن النفس من الأمور الضرورية التي يحتاجها المرء في حياته، بهدف إدخال السعة والانبساط والسرور على النفس وإزالة المشقّة والتعب، وبالتالي تحقيق التوازن العقليّ والنفسيّ والبدنيّ للفرد وبشكل خاصّ عند زيادة الهموم والضغوط النفسيّة والإرهاق العصبي.
14- تقليل الالتزامات:
حاول تقصير التزاماتك وتقليل المقاطعات التي تعطلك حيث أن أكثر الأشخاص يمكن أن يتحملوا حدًا أقصى من مستوى التركيز لا يزيد على 90 دقيقة. ثم بعد ذلك، تنخفض القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات بشكل مثير. عند مقاطعتك أثناء أدائك مهمة ما، ستحتاج إلى وقت لاستعادة التركيز الكامل على مهمتك يبلغ ضعف أو ثلاثة أضعاف وقت مقاطعتك.
التعليقات