ما حكم إجراء عملية شد الوجه لإزالة التجاعيد؟، حيث تعاني بعض النساء من ترهل شديد بجلد الوجه.
وذلك لتقدمهن في السِّن، وأيضا من آثار الحمل والولادة، وهذا كثيرًا ما يضايقهن نفسيًّا.
مما يؤدي إلى جعلهن يلجئون لعمليات شد هذه الترهلات.
حكم إجراء عملية شد الوجه
قالت دار الإفتاء المصرية إنه لا مانع شرعًا من إجراء عملية شد الوجه لمعالجة ما يصيبه من تجاعيد وترهلات.
وذلك إذا قرَّر الطبيب المختص أنها لا ينفعها غيرُ هذه الوسيلة وحدَها.
ولا يتوهم بأن هذا الفعل يدخل في عموم النهي عن تغيير خلق الله؛ فإنه لا يدل على المنع في مسألتنا.
ووجه ذلك: أنه على فرض أن المراد هو تغيير الأحوال الظاهرة فإن المنهي عنه هو العدول عن صفة الخِلْقة أو صورتها التي تعرف بها بالإزالة أو التبديل.
وشد الوجه لا تغيير فيه للصورة أو الصفة بل هو نفس الوجه والصورة.
فغاية الأمر هو إعادة الوجه للأمر الذي كان عليه مِن صورته التي هو عليها دون تغيير أو تبديل لصورته الأولى.
فتغيير صورة الشيء إنما يكون بإزالته وتبديله لا بترميمه وتجميله!
مراعاة الشريعة الإسلامية للأمور الفطرية للنفس الإنسانية
أوضحت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية راعت ما فُطِرت عليه النفس الإنسانية من ميول ورغبات.
فجعلت سدَّ حاجات الإنسان فيما جُبِلتْ عليه نفسه من المقاصد الشرعية التي تحثه على السعي في تحصيلها دون إفراطٍ أو تفريط.
قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14].
ومن الأمور التي فُطِرَت عليها النساء حبُّ الزينة، فشَرع لهنَّ لأجل ذلك من وسائلها ما لم يُشرع للرجال كالحرير والذهب.
قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18].
تصور عملية شد الوجه
بينت الدار أنه من المعلوم أن زينة الوجه من أوليات ما تتعلق به نفس المرأة ويشتد حرصها عليها.
إلَّا أنه قد يطرأ عليها من مصادفات الحياة وأحداثها ما يؤثر على جمال وجهها ونضارة بشرته.
ممَّا يجعلها في حاجة إلى استخدام الوسائل الطبية التي من شأنها إعادة المظهر الجمالي له إلى سابق طبعيته وعهده.
من خلال معالجة ما قد طرأ عليه من طيات أو انثناءات أو ترهلات أو تجاعيد أو نقصان مواد تؤثر على حيويته.
وتتنوع تلك الوسائل إما باستخدام الطرق العلاجية المستخدمة على سطح البشرة كالكريمات والزيوت المخصصة لذلك.
وإما باللجوء إلى إجراء عملية شد الوجه إن كانت حالة الوجه شديدة الترهل ولا تجدي معها العلاجات السطحية.
حكم إجراء عملية شد الوجه لإزالة التجاعيد
صرحت الدار أن المقاصد الباعثة لإجراء مثل هذه العمليات تدور حول إعادة المظهر الجمالي لوجه المرأة إلى أصل الِخلْقة الإنسانية الحسنة التي خلقها الله تعالى عليها.
حيث قال عزَّ وجلَّ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4].
فإجراء عملية شد الوجه للمرأة بعد إصابته بالتجعد أو الترهل أو تغيير لونه هو في حقيقته إعادة له إلى أصل صورته الحسنة التي خلقه الله تعالى.
وداخلٌ في معاني ومقاصد ما كانت تفعله نساء الصحابة رضي الله عنهنَّ من اتخاذهنَّ الورس على وجوههنَّ لإزالة ما يطرأ عليها من تغيير للون البشرة بظهور البقع والكَلَف جراء الحمل والولادة.
فقد جاء عن أم المؤمنين السيدة أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: «كُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالْوَرْسِ مِنَ الْكَلَفِ».
مشروعية إجراء عملية شد الوجه لإزالة التجاعيد الناتجة عن أسباب مرضية
أكدت الدار أن هذه المشروعية تتأكد إذا كان الباعث من وراء ذلك رفع آثار المرض عن المرأة.
لأنه يكون من قبيل التداوي حينئذٍ الذي تواردت النصوص على مشروعيته والندب إليه.
فعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يَضَع داءً إلَّا وَضَعَ له دَواءً غيرَ داءٍ واحِدٍ الهَرَمُ»
وهذا الحديث جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد.
والقاعدة أن المطلق يجري على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده.
والحاصل في هذه العمليات بمجملها أنها وإن كانت تجميلية في ظاهرها إلَّا أنها تتضمن أغراضًا علاجية.
من إزالة العيوب التي قد تسبب للشخص أذًى نفسيًّا كان أو عضويًّا.
وقد تقرر في القواعد: “الضرر يزال”؛ المأخوذ أصله من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».
الرد على من يتوهم أن شد الوجه لإزالة التجاعيد فيه تغيير لخلق الله
قالت الدار أنه لا يتوهم بأن هذا الفعل يدخل في عموم النهي عن تغيير خلق الله الوارد في قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: 119].
وذلك لاختلاف المفسرين في تفسير هذه الآية، هل المراد تغيير دين الله بتحليل الحرام وتحريم الحلال، أو المراد تغيير الأحوال التي تتعلق بالظاهر؛ كالوصل والوشم ونحو ذلك.
إلا أن ذلك كله لا يدل على المنع في مسألتنا، ووجه ذلك: أنه على فرض أن المراد هو تغيير الأحوال الظاهرة.
فإن المنهي عنه هو العدول عن صفة الخِلْقة أو صورتها التي تعرف بها بالإزالة أو التبديل.
وشد الوجه لا تغيير فيه للصورة أو الصفة بل هو نفس الوجه والصورة.
فغاية الأمر هو إعادة الوجه للأمر الذي كان عليه مِن صورته التي هو عليها دون تغيير أو تبديل لصورته الأولى.
فتغيير صورة الشيء إنما يكون بإزالته وتبديله لا بترميمه وتجميله!
ولا يصح أن تقاس هذه العملية في هذه الحالة على الوشم أو النمص والتفليج.
إذ علة النهي عن تلك الأمور أنَّها من باب التدليس أو لأنه يتوصل بها إلى الفاحشة.
ضابط التغيير لخلق الله المنهي عنه
بينت الدار أن الضابط في تغيير خلق الله المنهي عنه، والذي نص عليه العلماء: أن يسبب ضررًا لفاعله.
وأن يعمل في الجسد عملًا يُغير من خلقته تغييرًا دائمًا باقيًا، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، أما إذا خلا من ذلك فلا يُعدّ تغييرًا لخلق الله.
التعليقات