5 أنواع لهجر القرآن الكريم.. احذر أن تقع فيهم
5 أنواع لهجر القرآن الكريم.. احذر أن تقع فيهم

 

 

أنزل الله تعالى على سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم خير كتبه وأعظمها القرآن الكريم؛

والذي فيه الهدى والنور: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}.

وأمر الله تعالى عباده أن يتمسكوا به ليهتدوا، وإلا كانوا في ضلال مبين، فقال: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾.

وحبل الله الممدود من السماء إلى الأرض: هو القرآن العظيم، وبه فسره رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

فعن زيد بن أرقم مرفوعا : (كتاب الله عز وجل هو حبل الله؛ من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة).

ولما هجر القوم كتاب الله، وأعرضوا عما فيه من الهدى، شكاهم نبينا صلى الله عليه وسلم إلى ربه.

فقال تعالى حاكيا قوله: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾.

وقد استدل العلماء بهذه الآيات على أن هاجر القرآن من أعداء النبي صلى الله عليه وسلم،

«فبينوا أن من هجر القرآن فهو من أعداء الرسول، وأن هذه العداوة أمر لابد منه، ولا مفر عنه».

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الآية آية الشكوى، وإن نزلت في حق المشركين، وفي هجرهم للقرآن الكريم وكفرهم به.

غير أن نظمها مما يرهب ويخيف عموم الهاجرين لكتاب الله وإن كانوا به من المؤمنين

 

فضل تلاوة القرآن

معلوم أن تلاوة القرآن الكريم من أجل العبادات وأرفعها قدرا عند المولى سبحانه.

وقد أمر الله عز وجل بتلاوته؛ فقال مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا).

وقال عليه السلام: لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل).

ويقصد بالغبطة الواردة في الحديث؛ أي تمني الخير الذي ناله الغير مع عدم تمني زواله منه.

فتلاوته نعمة ورفعة في درجات الدنيا والآخرة، وهجره نقمة.

ويعرّف القرآن الكريم اصطلاحاً:

بأنه كلام الله الذي أنزله على آخر الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا عن الرسول بالتواتر، المكتوب بالمصاحف من سورة الفاتحة إلى سورة الناس.

 

مظاهر هجر القرآن ومفهوم هجر القرآن بيّن العلماء

الهجر لغةً: الترك والإعراض والبعد عن الشيء، وهجر القرآن: تركه والإعراض عنه.

هجر القرآن الكريم اصطلاحا: هو الإبتعاد عن القرآن الكريم وترك تلاوته وتدبر آياته وأحكامه، وعدم تطبيق أوامره وما جاء فيه.

وأيضا اللهو عنه ونسيانه، والافتراء بكلام ليس فيه بغير حق، وعدم الإيمان اليقيني به.

وقد اختلف أهل العلم في تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).

وفُسّر الهجر هنا بعدّة أقوالٍ منها: 

1- من الهُجر، أي وصف القرآن بأوصافٍ ليست فيه، والقول السيء فيه بغير الحق؛ كالزعم بأنه سحرٌ أو شعرٌ، أو أساطير الأوّلين.

2- إعراض المشركين عن القرآن الكريم، والابتعاد عنه وعن سماعه.

3- ترك القرآن الكريم بالكلية، وعدم الالتفات لما فيه، وعدم الإيمان والتصديق الجازم به وبما جاء فيه، وترك العمل به، وعدم التأثّر بوعده ووعيده.

4- رفع الأصوات عند سماعه حتى لا يستمع فاعل ذلك لما فيه من الأحكام والإنذار والعظة.

5- ترك تلاوة القرآن الكريم، وكلما تباعدت المدة بترك تلاوته تحقّق الهجر أكثر.

ولم يحدّد العلماء عددا معينا للأيام التي تعد عدم القراءة فيها للقرآن هجرا.

لكن هناك بعض الروايات لأهل العلم في مدة ختم القرآن الكريم، فقيل إنه على المسلم قراءة القرآن الكريم كاملا في السنة الواحدة مرتين، فيكون بذلك قد أدى حقه، وهو قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله.

كما قيل يكره تأخير ختم القرآن أكثر من أربعين يوما بلا عذر، وهو قول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

وقد توعد الله سبحانه وتعالى من أعرض عن القرآن الكريم بالوعيد الشديد يوم القيامة.

حيث قال الله سبحانه وتعالى: (مَن أَعرَضَ عَنهُ فَإِنَّهُ يَحمِلُ يَومَ القِيامَةِ وِزرًا خالِدينَ فيهِ وَساءَ لَهُم يَومَ القِيامَةِ حِملًا).

وأما في حياته الدنيا فتكون مليئة بالهموم والضيق وعدم الطمأنينة والراحة.

قال الله تعالى: (وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى).

 

أسباب هجر القرآن الكريم

1- هجر تدبّره

يقصد بتدبر القرآن أي التفكر فيه وفهم معانيه والوقوف على دلالاته، وله أهمية عظيمة وخير كبير في حياة قارئ القرآن؛

فهو استجابة لأمر الله تعالى، وسبب لصلاح العبد واستقامته من خلال تطبيق ما فيه.

كما يعد هجر تدبر القرآن الكريم من أنواع هجر القرآن الكريم، وله أسباب كثيرة منها كثرة الذنوب، والمعاصي، والإصرار عليها.

فالذنب ينكت في القلب، والذنب بعد الذنب يعمي القلب، فيصبح عليه الغشاوة، ولا يعود الإنسان بعدها قادر على تدبّر القرآن الكريم لكثرة تلك الذنوب التي غطت على قلبه.

قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)، فينبغي على المؤمن أن يبتعد عن الذنوب والمعاصي التي تؤثر على تدبره للقرآن الكريم.

2- ترك الدعاء

إذ يعتبر الدعاء وسيلةً للتقرب إلى الله تعالى وطلب الإعانة منه على فهم القرآن وتدبره.

وقد كان ابن تيمية رحمه الله يقول في دعائه دائماً: “اللهم يا معلّم آدم وإبراهيم علّمني، ويا مفهّم سليمان فهّمني”.

3- الجهل باللغة العربية

لأن القرآن الكريم نزل باللغة العربية، وهي من أفصح اللغات وأكثرها سعة وبياناً، وهي ذات قدرة على تأدية المعاني التي تحتاجها النفوس.

فإذا كان قارئ القرآن لا يفهم لغته فكيف سيتمكن من تدبر كتاب الله.

4- عدم التخلي عن موانع الفهم

وذلك بأن يكون همّ القارئ تطبيق أحكام التجويد وإخراج الحروف من مخارجها مع غفلته عن تدبّر الآيات والمقصود من معانيها.

أو التعصب لمذهب ما في القراءة وتقليده، مما يجعل الذهن منصرفا عن الفهم والتدبر.

5- عدم الإهتمام لمطالعة ما ورد في كتب التفسير من علوم القرآن وأسباب النزول وغيرها

فقد يخطئ القارئ بفهم بعض الآيات ويستدل بها على أمرٍ غير مراد فيها، أو قد يؤولها لمقصود آخر.

وبالتالي يخطئ في تطبيقها، فكانت المصادر الموثوقة لتفسير القرآن الكريم خير دليلٍ يرجع إليه المؤمن لفهم آيات القرآن وعلومه وأحكامه.

 

أنواع هجر القرآن الكريم

ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد خمسة أنواع من هجر القرآن الكريم نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يجعلنا ممن يقعون في أيٍّ منهم وهم:

أولاً : هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه

أي الإبتعاد عن سماع القرآن بين الحين والحين وتحاشي ذلك، أو أن يضيق صدر الإنسان عند سماعه للقرآن والعياذ بالله تعالى من ذلك.

وهذا مؤشر خطير وواضح على فساد قلب هذا الإنسان وسيطرة الشيطان عليه، فمن علامات المؤمن الصالح ألا يمل سماع القرآن وأن يشتاق إليه إذا ما شغله عن سماعه شاغل.

ثانيا: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به

أي أن النوع الثاني من أنواع هجر القرآن الكريم هو الوقوف عند تلاوة القرآن الكريم فقط تلاوة لفظية فقط.

أي من دون أن يُجاوز الحناجر إلى القلوب، ومن دون أن يطبق ما في القرآن الكريم من أوامر، ومن دون أن ينتهي عما فيه من نواهي ومحذورات.

حتي وإن كان يؤمن بأن ما فيه من نواهي محرم على المسلم أن يقع بها.. فهذا محرم وهو من هجر القرآن.

ثالثا: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم

بمعني عدم الرجوع إلى ما تضمنه القرآن الكريم من أحكام شرعية، وعدم الرضى بتحكيمه في الخلافات وعدم الإعتماد عليه في فض النزاعات.

بل تحكيم النفس أو ما اصطلح عليه من قوانين وضعية من صنع البشر وعدم تطبيق ما جاء قرآن الله تعالى.

رابعا: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم بهمنه

أي قراءة آيات القرآن الكريم باللسان فقط أو بالعين فقط من دون أن يكون هناك حظ للقلب في ذلك.

فهذا من هجر القرآن، فالواجب على المسلم أن يسعى إلى جوار تلاوة القرآن أن يفهم ما جاء فيه من أوامر ونواهي وغير ذلك ففهمه هو المقصود الأول من تنزيله وليس مجرد قراءته.

وقد قال: أهل العلم: [من لم يقرأ القرآن فقد هجره، ومن قرأ القرآن ولم يتدبّر معانيه فقد هجره، ومن قرأه وتدبَّره ولم يعمل بما فيه فقد هجره].

خامسا: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب ودوائها

فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله تعالى : {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً}.

وإن كان بعض الهجر أهون من بعض، أي أن على المسلم أن يستشفي بالقرآن الكريم ما استطاع ففيه الشفاء وأفضل الدواء.

وبه يستشفى من العلل والأمراض النفسية والعضوية، ولكن ليس كل يستشفي به ينتفع ويبرئ.

وذلك لأن الاستشفاء بالقرآن الكريم يحتاج إلى عقيدة قوية وإيمان راسخ بأن في هذا القرآن شفاء من عند الله تعالى.

التعليقات