كتبت: مريم محمد إسماعيل
يصادف اليوم ذكرى رحيل زعيم وطنى وقائد عسكرى ورئيس سابق لجمهورية مصر العربية، إنه جمال عبد الناصر ذلك الرجل الذى كان أحد الضباط الأحرار الثائرين على نظام الحكم الفاسد، والتدخل الأجنبى فى شئون البلاد؛ فانطلقوا مغيرين هذا التاريخ وقاطعين أوصاله، لتشهد مصر ولأول مرة حكم جمهورى شعبى بإختيار أفرادها، وينحسر الماء عن ضفاف العهد الملكي، تاركين إياه محض ذكرى تروى في كتب التاريخ.
*من هو جمال عبدالناصر؟*
إذا قررت يومًا أن تذهب لمدينة الأسكندرية خاصة حي باكوس؛ فستجد ذلك المكان الذي ولد به هذا الزعيم، ولكن لم يكن اسكندانيًا، لقد ولد جمال عبد الناصر حسين سلطان علي عبدالنبي في عام 1918 لأسرة تنحدر من أصول صعيدية، ولكن اضطر والده للأنتقال من مسقط رأسه قرية بني مر بمحافظة أسيوط؛ ليعمل وكيلًا لمكتب بريد باكوس بالأسكندرية، وهناك تعرف على والدته السيدة فهيمة ابنة تاجر فحم معروف بالمدينة، لتبدأ شرارة الحب بالزواج الذي حفل بمجيء جمال.
في عمر الثامنة كان على عبدالناصر أن ينتقل للعيش مع عمه خليل في القاهرة، بصحبة أشقاؤه الليثي وعز العرب وشوقي وذلك عقب وفاة والدته، حيث كان والده دائم التنقل بسبب ظروف عمله، ولكن سرعان ما عاد عبد الناصر للعيش مع والده، عندما استقرت أحواله وأصبح مأمورًا للبريد في حي الخرنفش بين الأسبكية والعباسية.
أنهى عبد الناصر دراسته الابتدائية في قرية الخطاطبة إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية، وحصل على شهادة الثانوية من مدرسة النهضة المصرية بالقاهرة عام 1937.
بدأ عبد الناصر حياته العسكرية وهو في التاسعة عشرة من عمره، فحاول الالتحاق بالكلية الحربية لكن محاولته باءت بالفشل، فاختار دراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد -القاهرة حاليًا-، وحينما أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة استثنائية تقدم بأوراقه ونجح هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان في يوليو 1938، كما تم تعينه مدرسًا في كلية أركان الحرب عقب حصوله على دبلوم أركان الحرب عام 1951.
تزوج جمال من السيدة تحية محمد كاظم، ابنة تاجر من رعايا إيران والتي كانت خير معاون وصديق له في مشواره المناهض للأستعمار البريطاني وثورته ضد الملك، وأنجب منها ابنتين وثلاثة ذكور (هدى، منى، خالد، عبد الحكيم، عبد الحميد).
نشأ عبد الناصر وسط ظروف الاستعمار الإنجليزي والقهر الذي تعرض له الشعب إبان حكم الملك، وسطوة الأغنياء وعايش أحداث ثورة 1919؛ فكان لذلك أثر كبير في تكوين فكره وعقله، ورغبته في تخليص مصر من هذا الكيان الغاصب وتجميع العرب تحت راية واحدة.
*بدأت النار تشتعل في الهشيم*
استمر عبد الناصر في مشواره السياسي حتى اندلعت حرب فلسطين 1948؛ فكانت تلك الشرارة التي دفعت مجموعة من الضباط لتكوين ذلك التنظيم السري الذي عُرف باسم “الضباط الأحرار”، وكان عبد الناصر هو الرئيس الفعلي وما لبث أن قام ذلك التنظيم بانقلاب عسكري “ثورة 23 يوليو 1952” أجبرت الملك على مغادرة البلاد، ليبدأ فجر جديد على مصر ولأول مرة تُكون جمهورية تحت رعاية محمد نجيب.
*عبد الناصر رئيسًا للجمهورية وهاجس القومية العربية*
بعد تولي نجيب حكم مصر سرعان ما دب الخلاف بين عبد الناصر ومحمد نجيب، مما أسفر في النهاية عن وضع نجيب تحت الإقامة الجبرية وقيام مجلس القيادة برئاسة عبد الناصر بمهام رئيس الجمهورية، ثم أصبح في يونيو 1956 رئيساً منتخباً لجمهورية مصر العربية في استفتاء شعبي.
القومية العربية كانت الهاجس الكبير لدي الزعيم جمال عبد الناصر، وقد أصدر خلال حياته السياسية العديد من القرارات الهامة كان أبرزها تأميم قناة السويس عام 1956، وإعلان الوحدة مع سوريا عام 1958، ومساندته حركات التحرر العربية والافريقية.
بعد هزيمة 1967 اهتم عبد الناصر بإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، ودخل في حرب استنزاف مع إسرائيل عام 1968، وكان من أبرز أعماله في تلك الفترة بناء شبكة صواريخ الدفاع الجوي، كما أسس هيئة التحرير 1953 ثم الاتحاد القومي مايو 1957 ثم الاتحاد الاشتراكي مايو 1962.
بعد حرب 1967 خرج عبد الناصر على الجماهير طالباً التنحي من منصبه، أعقب ذلك خروج مظاهرات في العديد من مدن مصر طالبته بعدم التنحي عن رئاسة الجمهورية واستكمال إعادة بناء القوات المسلحة تمهيدًا لاستعادة الأراضي المصرية.
*رحيل زعيم الشعب*
توفي الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، بعد مشاركته في اجتماع مؤتمر القمة العربي بالقاهرة لوقف القتال الناشب بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، والذي عرف بأحداث أيلول الأسود.
وهذا اليوم هو ذكرى رحيل زعيم الأمة الذي قال: “إن الإرادة الشعبية هى التى تملك أن تصنع قيادتها، وأن تحدد لها مكانها، إن الشعب يجب دائمًا أن يبقى سيد كل فرد وقائده، إن الشعب أبقى وأخلد من كل قائد مهما بلغ إسهامه فى نضال أمته، أقول هذا وأنا أدرك وأقدر أن هذا الشعب العظيم أعطانى من تأييده وتقديره ما لم أكن أتصوره يوماً أو أحلم به، لقد قدمت له عمرى ولكنه أعطانى ما هو أكثر من عمر أى إنسان ” .
التعليقات