للعالم تاريخ ومصر لها تاريخ آخر
الشيخ عبد الحميد عثمان 

بقلــم/ الشيخ عبد الحميد عثمان

في كل فترة من فترات الزمن تُزين مصر تاريخ الدنيا بأعجوبة جديدة تندهش لها العقول وتعجب لها النفوس.
ففي يوم السادس من أكتوبر فتحت مصر صفحة من صفحات تاريخ الدنيا لتكتب ما عرفه المصري القديم منذ أن سكن بجوار نهر النيل.

إلى الأن ما زال عقلي ونفسي يفكران ما ورا هذه الأعاجيب التي يتوه العقل في معرفتها بعيد عن تفسيرات وتحليلات الفقهاء العسكريين لنصر أكتوبر العجيب .
لكن بنظرتنا البسيطة لجزء في المعركة وهو اقتحام خط بارليف المنيع الذي تعجز الدنيا عن تجاوزه وتخطيه فأنت أمام جبل مائي ناري إما أن تغرق وإما أن تحترق .

لكن أمام الإنسان المصري الذي ولد على غير العادة يسابق الزمان والمكان ويتحدى الصعاب المؤمن بقدرة ربه الذي يُخضع له كل شيء «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللَّهَ رَمَى»، آية 17 سورة الأنفال .
إن شخصية الإنسان المصري لم تعرف يوما التخاذل ولا اليأس ولا الخيانة وإنما عرفت الشرف والعزة والأمانة فيظهر معدنه وقت الأزمات والتحديات والشدائد يأبى أن يعيش ذليلا ويتمنى أن يموت شهيدا.

إن حربا يخوضها رجال صائمون بلا زاد في جوٍ من لهيب الشمس ونيران المدافع أمر يستدعينا أن نسأل من هؤلاء الرجال أقول لك ذكرهم الله في قرآنه حين يقول «رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ»، آية 23 سورة الأحزاب.
تُرى ما الذي يدفع هذا الجندي أن يحمل مدفعًا وزنه كذا وكذا ويسحبه ويجري به كالفرس الماهر وهذا لا يتخيله عقل سوى أن يعلم أن هذا مدد الإلهي «يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم» فلك أن تتخيل ماذا كان بين جنود حرب أكتوبر وخالقهم عزوجل حتى يعطيهم هذا المدد كان نور القلب وقوة الإيمان .

إن من الواجب أن نحكي لهذه الأجيال قصة كفاح أبطال أكتوبر المجيد من قائدهم إلى أصغر جندي كان في المعركة وما عاشوه من المرار الأليم والعذاب الشديد ليس فقط جيشنا الذي كان ينتظر الأخذ بالثار ورد الحق بل شعبنا الأصيل الذي عانى فترات من أجل الشرف والحرية والكرامة لينبت جيل عنده أصل واعتزاز وفخر بوطنه.
ومن هنا أغلقت مصر صفحات التاريخ لأخر حرب عسكرية متكاملة الأركان.
علَّمت مصر فيها كل شعوب العالم كيف تكون الحرب حتى ظل نصر السادس من أكتوبر فيلما عسكرية ليس خياليا أو مصنوعا داخل سينما بل حقيقيا حدث على أرض مصر المحروسة تعلم منه القاصي والداني .
إن الله وفقنا في هذا اليوم فرفع رايتنا وأذاق عدونا أشد أنواع العذاب فلله الحمد والمنة.

وهنا أقول إن مصر تريد أن تقول للجميع عدة رسائل:

أولا : أنا مصر كاتبة التاريخ فأسالوا عني تعرفون من أنا.
ثانيا : من دخلني آمنا فأنا أمنه وأمانه و من دخلني مفسدًا فأنا مقبرته ومماته.
ثالثا: عيشوا أيها المصريون كرامًا تحت ظل العلم.
رابعا : سيروا خلف قيادتكم الحكيمة فإن من أسباب النصر أن الله من على مصر بقائدها المؤمن الشهيد محمد أنور السادات عليه تتنزل سحائب الرحمة.
خامسا : أيها المصريون لا تفرطوا في أوطانكم مرة أخرى فإن عدوكم يتربص بكم الدوائر.
سادسا : يا أبناء النيل اعملوا اعملوا اعملوا فإن طريق النصر كان العمل.
سابعا : يا أبناء قاهرة المعز طهروا القلوب ووحدوا الصفوف.
ثامنا : احترموا وطنكم ولا تسيئوا إلى أنفسكم .
تاسعا : لا تكونوا أداة هدم وكونوا أداة عمارة وبناء.
عاشرا : رحم الله كل من استشهد حتى أبقى فأنا يوم القيامة أشهد على كل إنسان ضحى بروحه فداء لي.

وأخر ما أقول لكم أيها المصريون
أنا وصية نبيكم فاستوصوا بي خيرا.

التعليقات