
الزمان: 31 أغسطس 1939
المكان: المتحف المصري
آبواق توت عنخ آمون.. يُقال أنها تبث الرعب في نفوس مقتنيها، ومسؤلة عن اندلاع الحرب في بلاد بآسرها، لدرجة قد تصل إلى قيام حرب عالمية ثانية، إنها أبواق الملك توت عنخ آمون التي كانت نذير شؤم على العالم منذ ظهورها الأول على الساحة، فمجرد نفخة واحدة فيها كفيلة بتحقيق دمار شامل.
ملك أرعب العالم بآسره
بدأت القصة مع اكتشاف العالم الإنجليزي “هوارد كارتر” مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ آمون في 16 فبراير عام 1923.
وكان هذا الاكتشاف بمثابة العثور على كنز مفقود، حيث كانت المقبرة تحوي مجموعة باهرة من الآثار والتحف الفنية.
وتم عرض 150 قطعة أثرية من مقبرة الفرعون خارج مصر في معرض ساتشي بلندن ضمن فعاليات آخر جولة عالمية لهذه القطع.
وخلال 10 سنوات تم نقل الكنوز إلى المتحف المصري، والتي جذبت أفواج من السياح ليشاهدوا الأعمال الفرعونية الخالدة.
وكان من ضمن المقتنيات الثمينة بوقين أحدهما فضي والآخر ذهبي، كانا مغزى القصة وارتبطت بهما العديد من الأساطير الشهيرة.
وصف الآبواق.. مزينة بأزهار اللوتس ومرصعة بالتاج الأزرق
أثناء التنقيب والبحث في مقبرة الفرعون توت عنخ آمون، عثر كارتر على 2 من الآبواق بجانب قطع خشبية ملونة.
وكان أحد البوقين باللون الفضي والآخر باللون الذهبي، وكليهما مزين بنقوش لأزهار اللوتس المقدسة للآلهة المصرية القديمة.
وبعد فك أحجية النقوش الموجودة عليهما، فهم كارتر أن هذه الآبواق كانت مخصصة للنفخ عند إعلان الحرب.
فقد كانت تعتبر آلة عسكرية موسيقية، وبصفة خاصة البوق الفضي المطلي بالذهب.
بلغ طول البوق الفضي 50 سم وكانت فوهته على شكل أسطواني بحلقة فضية في النهاية.
ويحمل نقوشًا للفرعون وهو يرتدي التاج الأزرق ويمسك بالصولجان المعقوف، واقفًا أمام الإله بتاح -أحد الآلهة المصرية القديمة-.
أما البوق الثاني فكان يشبه البوق الأول في الشكل، لكنه كان مصنوعًا من النحاس وله لون ذهبي.
وأصابت لعنتها القاهرة
بعد أن تم اكتشاف أبواق توت عنخ آمون، قرر أحدهم أن يجرب النفخ بها لتكون المرة الأولى التي ينفخ فيها البوق منذ الآف السنين.
وهنا تحققت الأسطورة الملعونة، فقد أصابت لعنة الآبواق القاهرة، وانقطع التيار الكهربائي عن المدينة بأكملها لفترة طويلة.
حفلة الملك فاروق.. بوق يأبى النفخ
في إحدى الحفلات الملكية التي أعتاد الملك فاروق أن يقيمها عام 1937، حاول أحد الأشخاص أن ينفخ في البوق ترحيبًا بالملك فاروق، لكن البوق لم يصدر أي صوت، فقرر المسئولون إرسال البوق للترميم، وعاد مرة أخرى إلى مصر بعد عامين من حفلة الملك فاروق.
الإذاعة البريطانية.. انقطاع التيار الكهربائي وتحطم البوق الفضي
قدمت هيئة الإذاعة البريطانية طلبًا إلى مصلحة الآثار المصرية، للمشاركة بالبوق في البث الحي الذي كان قدم 31 أغسطس عام 1939.
وأثناء الاستعداد وقبل العزف بـ 5 دقائق انقطع التيار الكهربائي عن المبنى بأكمله.
وانطفأت الأضواء من أجهزة الأفراد الذين أرادوا تسجيل هذا الحدث.
لكن دقائق معدودة وعاد التيار الكهربائي، وقام بالعزف الموسيقار الإنجليزي “جيمس تابرن”، عضو الفرقة الموسيقية الملكية الإنجليزية، ليسمعه العالم بأكمله من الإذاعة البريطانية BBC بعد أن كان ساكنًا لأكثر من 3300 عام، واستمر العزف 5 دقائق متواصلة.
أُذيع الصوت الحي البوق الحربي لأكثر من 100 دولة، لكن أثناء العزف بدأت اللعنة الثانية تحل.
وانكسر البوق لينتهي بذلك العزف تمامًا، لكن بعد ذلك بفترة تم إصلاح البوق الذهبي وترميمه.
إلا أن الموسيقار حُجز في المستشفى إثر إصابته بأمراض غريبة بعد أن سقط مغشيًا عليه في مبنى الإذاعة.
الحرب العالمية الثانية.. أشرس الحروب فتكًا وتدميرًا للبشرية
في 1 سبتمبر عام 1939 وبعد يوم واحد فقط من دوى نفير الحرب لبوق الملك توت عنخ آمون في إذاعة BBC، حلت اللعنة الكبرى، لتقوم الحرب العالمية الثانية بين دول العالم، والتي ذهب ضحيتها ما يقارب الـ 400 ألف جندي أنجليزي، وعلى إثر ذلك بدأت الاتهامات تنهال وابلًا على BBC، بأنها سبب إندلاع الحرب.
نفير البوق يعلن سلسلة متواصلة من الحروب
في عام 1967 أنكر أحد أمناء المتحف المصري فكرة أن البوق ملعون، وأنه مرتبط بالكوارث والحروب العالمية التي تدور رحاها في العالم، واعتبر كل ذلك خرافة، وقرر أن يتحدى البوق ويعزف عليه، موقنًا بأنه لن يحدث شيء، وبعد عزفه بأيام قليلة، اندلعت حرب النكسة المشئومة بين العرب وإسرائيل.
والغريب في الأمر أن اللعنة لم تتوقف عند هذا الحد.
فقبل أيام قليلة من حرب الخليج عام 1990، قام أحدهم بالنفخ في البوق مرة أخرى أثناء عملية الترميم لتقوم الحرب مرة أخرى مذعنة لأوامر البوق.
البوق الفضي وثورة يناير 2011
صرح الدكتور زاهي حواس في مؤتمر صحفي، أنه في عام 2011 وقبل ثورة 25 يناير، كان يزور المتحف المصري وفد ياباني وطلب سماع صوت البوق الفضي، وتم النفخ فيه وبعد 7 أيام قامت ثورة 25 يناير 2011.
ويبقى هنا السؤال مطروحًا، هل كان البوق ملعون حقًا، أم أنها مجرد صدف متكررة، خلقت لعنة أسطورية؟!
التعليقات