الأخوين بربروسا.. قادة البحار.. اللذين انتصرا على بلاد أوروبا
الأخوين بربروسا.. قراصنة المسلمين الذين أنتصروا على أوربا

كتبت: ضحى أشرف

الأخوين بربروسا: شخصيتان تاريخيتان غيرا مفهوم القرصنة، وحولا شخصية القرصان من لٍص إلى رجل شهم.

إنهما “ الأخوين باربروسا” الذي تحول أحدهما إلى قائد بحري، فدعونا نتعرف عليهما.

خريطة العالم في القرن الـ 15

شهدت خريطة العالم تغيرًا كبيرًا في القرن الـ15، بإستيلاء البرتغال على طريق رأس الرجاء الصالح،  وكان ذلك خلال فترة حكم المماليك لمصر.

في نفس الوقت التي كانت الدولة العثمانية في أزهى عصورها، خاصًة بعد استيلائها على القسطنطينة، ثم استيلائها على مصر.

بالإضافة إلى حدوث تطورات كبيرة في الأندلس، حيث سقطت وقتها في يد الإسبان.

وكان ذلك بعد نجاحهم في الاستيلاء على غرناطة  أخر معاقل المسلمين.

وقد ساعدت تلك التطورات على تحول الأخوين من مجرد تجارعاديين إلى قادة عظماء.

حيث ساهم الأخويين بشكل كبير في محاربة الحركات الصليبية التي كانت تستهدف المسلمين.

كما سهم عروج أيضًا في مساعدة السلطان قانصوه الغوري، في محاربته للبرتغال.

معنى كلمة بربروسا

هي كلمة مكونة من مقطعين، الأول هو “باربا” وتعني تعني اللحية، و”روسا” تعني الشقراء أو الحمراء باللغة الإيطالية.

وهذا اللقب قد أطلقه الإفرنج على خير الدين وعروج، بعد أن أذهلتهم بطولاتهما، وكان بداية ذلك اللقب مع عروج، ثم انتقل إلى شقيقه خير الدين بعد وفاته.

أسرة بربروسا

اختلف المؤرخون في أصلهم، فقال بعضهم أنهم ينسبون إلى أروام (أي رعايا الدولة البيزنطية الذين لم يدخلوا الإسلام) جزيرة ميديلِّي.

وأن خير الدين وعروج قد أسلما بعد دخولهما في خدمة السلطان محمد المتوكل الحفصي في تونس.

بينما تشير مصادر أخرى إلى أن أصلهم ألباني، ولكن أغلب المصادر أشارت إلى أنهم من أصلٍ تركي، وهو ما ذكره خير الدين في مذكراته.

حيث ذكر أن والده “يعقوب آغا التركي” كان أحد الفرسان الذين اشتركوا في فتح جزيرة ميدلي مع جيش السلطان محمد الفاتح.

والدهما

والدهما هو يعقوب آغا أبو يوسف التركي، كان يعمل كجندي في فرسان الدولة العثمانية خلفًا لوالده.

وقد عاش يعقوب في جزيرة ميديلي بعد فتح القسطنطينية ، بقيادة السلطان محمد الفاتح.

حيث استوطنها الأتراك بأمر من الدولة العثمانية بعد استيلائهم عليها، ثم تزوج من مسلمة من مسلمات الأندلس، وأنجب 4 أبناء هم يعقوب وعروج وخضر وإلياس.

نشأتهما

ربتهم والدتهم على حب الأندلس والوفاء لأمجادها، وذلك الأمر قد أحدث فارقًا في مسيرتهم التي سجلها التاريخ الإسلامي.

وكان طموح الاخوة الأربعة مختلفًا، حيث كان عروج وخير الدين مغرمين بالبحر، بينما اختار إلياس طلب العلم.

حيث أشار خير الدين في مذكراته موضحًا، أن أخاه “إسحاق” كان مقيمًا في قلعة ميديلي بينما كان هو وعروج يعشقان ركوب البحر.

عروج باربروسا: من تاجر إلى قائد أسطول بحري

هو القبطان عروج بن يعقوب أبي يوسف التركي، ولد في ليلة المعراج في عام 1447 بجزيرة ميدلي، ولهذا السبب سماه والده عروج.

عمل في مجال التجارة في فترة شبابه بين أغريبوز وسلانيك، وفي إحدى رحلاته التجارية، تم أسره على يد فرسان جزيرة رودس.

لكنه استطاع الهرب بمساعدة أحد الرجال، وانطلق بعدها إلى مصر، وكان ذلك في خلال فترة حكم قنصوه الغوري.

واستطاع عروج الوصول إلى قنصوه؛ بفضل سيرته المشهورة.

الذي اتصل به لإنشاء أسطول بقيادته، لقتال البرتغاليين في البحر المتوسط، وذلك بعد اكتشافهم لطريق رأس الرجاء الصالح.

ولكن للأسف انتهى هذا الأسطول قبل بدايته، بعد تعرضه لهجمة حطمته بالكامل؛ فلجأ عروج بعدها إلى الاستعانة بالسلطان العثماني قرقود بن بايزيد.

الذي قام بضمه إلى جيوشه، كما أرسل له أسطول ليكمل رحلته، وبعد وصول الإمدادات إليه؛ نجح في الإستيلاء على سفينتين من سفن البندقية في منطقة بوليا.

وأخذ ما بها من أموال، وقام بتوزيع الغنائم على بحارته، ثم توالت بعد ذلك معاركه مع الصليبيين وتضاعفت غنائمه.

خيرالدين بربروسا : من تاجر إلى قائد في القوات البحرية التركية

هو الأخ الأصغر للقبطان عروج، واسمه الحقيقي هو خضر كما عرف أيضًأ باسم خضر ريس؛ أي قبطان البحرية.

اختلف في أصل مولده، حيث قيل أنه ولد في عام 1478 في جزيرة ميدلي، بينما أشارت روايات أخرى إلى أنه ولد في عام 1466، وأخرى في عام 1470.

كان في البداية يعمل تجارًا مع عروج في التجارة بين سلانيك وأغريبوز، حيث كانا يأتيان بالبضائع إلى ميديلي ويبيعوها هناك.

كما يعدُّ واحدًا من أهم وأشهر القادة الأساطيل العثمانية، وقد كان له ولدان يعتبران أهم مساعديه في الجهاد البحري الذي خاضها.

الفرق بين القرصنة والجهاد البحري

هناك فرق كبير بين القرصنة القائمة على السلب ومجرد الأذى والقرصنة التي تعد من الحرب البحرية الدفاعية بهدف ضرب اقتصاد العدو.

وقد شهد العالم مدة من تجارة الرقيق التي كان هدفها هو المسلمين، وكان ذلك في عهد الملك الإسباني شارل الخامس (شارلكان)،  حيث كانت وسيلته في ذلك فرسان مالطا.

كما كانوا قبلها في جزيرة رودس التي فتحها الأتراك في عام 1522، ولأجل ذلك جاءت “القرصنة” الإسلامية كرد فعل على القرصنة الصليبية التي أفسدت البر والبحر.

حيث كان جهادًا في سبيل الله في البحر، كما شهدت تلك الحركة تطورًا مع نهاية القرن الخامس عشر، وانتعشت أكثر على سواحل شمال أفريقيا.

بداية المغامرة

بدأت مغامرتهما بعدما قررعروج الفرار إلى غرب البحر المتوسط ، بعد قتل سليم الأول لأخيه قرقود وجلوسه على العرش.

فقرر عروج أن تكون نقطة انطلاقه هي جزيرة جربة، حيث جعلها مخزنًا له وقاعدة لقواته البحرية.

ثم لحقه بعدها بفترة شقيقه خير الدين، فتدعمت قواته أكثر، واتسع نفوذه في جربة.

وبالإضافة إلى عملها في الإغاره على السواحل والجزر، سعا أيضًا إلى إنقاذ مسلمي الأندلس وترحيلهم إلى المدن المغاربية، ثم أصبح هدفهما الرئيسي بعد ذلك هو الملك شارلكان.

حصار بجاية

ثم حاول الاخوين بعدها تحرير بجاية، وكان ذلك في عام 1514، ولكنها فشلا في ذلك الأمر بسبب تحصينها الجيد.

ورغم فشلها في تحريرها، إلا أنهما نجحا في الاستيلاء على قلعة بجاية وجعلها حصنًا لهما.

وكانت تلك الحادثة هي بداية علاقة الأخوين بالسلطان سليم الأول، حيث قاما بإرسال الهدايا الثمنية إليه.

كما أرسل لهم السلطان أيضًا سفينة كمكافئة لهم، وبعد تلك المراسلات والهدايا؛ أصبحت علاقتهما رسمية مع الدولة العثمانية.

استغاثة أهل الجزائر

وبعدما اشتد الخطر الإسباني على مدينة الجزائر، فكر أعينها في الاستنجاد بالإخوة بربروس.

الذين كانوا يقتربون، فأرسلوا لهم رسالة يطلبون نجدتهم، كما كان سكان المدينة ينتظرون وصولهم.

ثم بدأ الاخوة بالتجهيز لإنقاذ المدينة قبل سقوطها ، وعلى الأرحج أن المدينة كانت ضمن خططهم؛ وذلك من أجل تحرير السواحل الافريقية من الإسبان.

فتح مدينة الجزائر

ثم انطلق عروج بعدها على رأس أسطوله من جيجل، وتمكن من فتح كًلا من مدينة الجزائر، وشرشال، ثم دلس وتنيس.

وبهذا أصبح عروج مسيطرًا على المنطقة، لكن سالم الحاكم الفعلي للمدينة لم يقبل بسيادة عروج وأظهر له العداء.

فقام بالتمرد عليه، فما كان من عروج إلا أن حاربه للحفاظ على مكاسبه.

فاستصدر فتوى بإعدامه من علماء مدينة الجزائر، ثم تمت مبايعته بعدها، أميرًا للجهاد وسلطانًا على الجزائر.

استشهاد عروج

وعلى إثر تلك التطورات قام الإسبان بعمل حملة مضادة على مدينة الجزائرعام 1516.

بتحريض من يحى بن سالم التومي وحاكم تلمسان، وعند وصولهم إلى ميناء الجزائر تصدى لها الأتراك.

ومعهم الاندلسيون وبعض القبائل وأهالي المدينة، وتمكنوا من هزيمتهم وطردهم، ثم أعاد الإسبان الحملة مرة أخرى.

لكن عروج استطاع هزيمتهم كراء، فكان لتلك الأحداث أن وطدت من سلطته أكثر في الجزائر.

والتي امتدت إلى مليانة والمدية، ثم اتجهت أنظار عروج بعدها غربًا نحو تلمسان، حيث كان سلطانها قد تواطأ مع الإسبان.

فأعد حملة إليها عام 1518 لكنها انتهت بمقتله هناك على يد الإسبان، لتنتهي حياته بسقوطه شهيدًا في الجزائر.

التعليقات