كتبت: مريم محمد إسماعيل
الزمان: 12 ربيع أول
المكان: الدول الإسلامية
يحتفل عالمنا الإسلامي بمولد سيد الخلق والمرسلين وخير مبعوث للأمة، إنها الذكرى المباركة لقدوم المصطفى الحبيب، الذي بُعث رحمة للعالمين وهدى ونورًا؛ ليخرج الناس من ظلمات الجهل وبراثن الفساد لصراط الله المستقيم، مغيرًا مجرى التاريخ ومزيلًا البصمات التي خلفها العصر الجاهلي، وقائدًا البشرية نحو العزة؛ لتصبح أمته خير أمة أُخرجت للناس، فقد ولد عليه الصلاة والسلام في عام الفيل في يوم شهد من العجائب والمعجزات ما تكفي لتُغدقه، ليأذن ببداية فجر عهد جديد.
الذكرى السنوية لمولد الشفيع
ولد النبي محمد بن عبد الله في 12 ربيع أول عام 570 ميلادي حسب أشهر الأقوال عند أهل السنة، ويحتفل المسلمون كل عام في بعض الدول الإسلامية بهذا اليوم، ليس لكونه عيدًا بل فرحة بولادة نبيهم رسول الله، فيعقدون المجالس وينشدون بها قصائد في مدح النبي، كما تكون هناك دروسًا عن سيرته ويُقدمون حلاوة المولد.
احتفال الدول الإسلامية بالذكرى العطرة
وتعتبر هذه المناسبة عطلة رسمية في بعض الدول مثل: مصر وفلسطين والعراق، والجزائر وسوريا والمغرب والسودان، والأردن وليبيا وتونس والإمارات، والكويت وسلطنة عمان واليمن، ولكن كيف بدأ الاحتفال؟ ومتى ظهر ولأول مرة؟
ظهور الاحتفال لأول مرة وعلاقته بالفاطميين
يعود الاحتفال بالمولد النبوي بداية؛ للاهتمام بيوم مولد رسولنا الكريم، فقد كان النبي نفسه يصوم يوم الأثنين، وحينما سُئل عن ذلك قال: “هذا يوم ولدت فيه”، وبحسب الأستاذ حسن السندوبي فإن الفاطميين هم أول من احتفل بذكرى المولد النبوي، في عهد الخليفة المستعلي بالله عام 488 هجري، وكان الاحتفال يقتصر على عمل الحلوى وتوزيعها وتوزيع الصدقات، وتطور الأمر إلى احتفال رسمي يتمثل في موكب قاضي القضاة، فيحملون صواني الحلوى ويتجهون إلى الجامع الأزهر، ثم إلى قصر الخليفة حيث تُلقى الخطب عن النبي ويُدعى للخليفة ويعود كل فرد لشاغلته.
بزخ في الاحتفال في عهد الدولة الأيوبية
استمر الاحتفال في عهد الدولة الأيوبية بشكل منتظم، فكان الملك مظفر الدين كوكبوري يقيم احتفالًا كبيرًا كل سنة ويصرف أموال كثيرة، ويجزل بالعطايا ويخرج الإبل والغنم، فقد وصل أحد احتفالاته إلى 300000 دينار، كما كان يستقطب الفقهاء والصوفية والوعاظ والشعراء ويبدؤن في التهليل والأناشيد.
حلقات الذكر والصلاة على النبي.. كيف احتفل العثمانيون بالمولد النبوي
في الدولة العثمانية كانوا يحتفلون في إحدى الجوامع الكبيرة حسب اختيار السلطان، وعندما تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة قصر الاحتفال على الجامع الحميدي، فيحضر كبراء الدولة بالملابس الرسمية وعلى صدورهم تلمع الأوسمة، ويقفون كالبنيان المرصوص في انتظار السلطان فإذا جاء وحوله الموكب الفخم والأعلام المرفرفة؛ يسير الموكب بين صفي جنود الجيش وخلفهم الجماهير يدخلون الجامع ويقرأون القرآن ثم قصة مولد النبي، ويلي ذلك كتاب الخيرات في الصلاة على النبي وتبدأ حلقات الذكر وترتفع الأصوات بالصلاة على النبي.
ما ذُكر في هذا اليوم
ويعتبر الفرح بهذا اليوم من أفضل الأعمال وأعظم القربات، تعبيرًا عن الحب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أصل من أصول الإيمان، فقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين “، وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي في المولد النبوي: “وإكرامًا لهذا المولد الكريم، فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام، وذلك بالاحتفال بها من وقتها”.
بيت الله الحرام والطواف حوله أول أفعاله -صلى الله عليه وسلم- منذ ولادته
الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين في صلواتهم، يأتونها من كل حدب وصوب يطوفون حولها ليؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام وهو فريضة الحج، كما أنها أول بيت يوضع في الأرض، أسستها الملائكة مع سيدنا آدم -عليه السلام- وأكمل قواعدها سيدنا إبراهيم وإسماعيل-عليهما السلام-، وسميت الكعبة لأنها بنيت على شكل مكعب، ولها أسماء أخرى مثل البيت الحرام؛ لأن الله حرم القتال بها، وكذلك سميت البيت العتيق والمسجد الحرام، ويعتبرها المسلمون أقدس مكان على الأرض.
وصف للبيت العتيق
تقع الكعبة في مكة المكرمة في الجهة الغربية من جزيرة العرب، ويصل أرتفاعها عن سطح البحر أكثر من 300 متر، وتتكون من 4 أركان الركن اليماني والركن الشمالي والركن الأسود والركن العراقي، وفي أعلى الجدار الشمالي يوجد الميزراب المصنوع من الذهب الخالص ويطل على حجر إسماعيل، وكذلك يوجد الحجر الأسود وباب الكعبة والشاذروان -وهو ما تُرك خارجًا من حجر أساس البيت الحرام-، وحجر إسماعيل والملتزم -وهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، ومقام إبراهيم وكسوة الكعبة وشريط من الرخام -لم يعد موجود حاليًا-.
وتعتبر الكعبة المشرفة المكان الأول الذي زاره النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث حمله جده عبد المطلب عقب ولادته وطاف به حول الكعبة.
التعليقات