الرأس المدبر لعبور خط بارليف
كتبت: مريم ياسر
من هو الفريق سعد الدين الشاذلي؟
سعد الدين الشاذلي هو رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق.
وأحد أبطال مصر والقوات المسلحة في حرب اكتوبر عام 1973.
و يوصف الشاذلي بأنه الراس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الاسرائيلي بارليف.
ولد الشاذلي في أبريل عام 1922 في قريه “بشراتنا” مركز بسيون في محافظة الغربية، واتم بها المرحلة الابتدائية.
ثم انتقل والده للعيش في القاهرة، واكمل دراسة الإعدادية، والثانوية في القاهرة، التحق الشاذلي بالكلية الحربية فبراير عام 1939، وتخرج يوليو 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة.
تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي عام 1943، وكان حينئذ برتبة ملازم.
أسس أول فرقة سلاح مظلات عام 1954، كان قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956.
وقائدا للقوات الخاصة “المظلات والصاعقة” عام 1967.
شارك في حرب فلسطين، والحرب العالمية الثانية، وحرب اليمن عام 1965 كان قائدا لمنطقه البحر الأحمر العسكرية عام 1970 قائد اللواء الأول مشاه.
الرأس المدبر لعبور خط بارليف
الشاذلي وحرب 1967
أظهر الفريق سعد الدين الشاذلي تميزًا نادرًا وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته خلال نكسة 1967.
عندما كان برتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة (كتيبة مشاة وكتيبة دبابات وكتيبتان من الصاعقة).
مجموع أفرادها حوالي 1500 ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء (بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي).
بعد ضرب سلاح الجو المصري وتدميره على الأرض في صباح 5 يونيو، واجتياح القوات الإسرائيلية لسيناء، اتخذت القيادة العامة المصرية قرارها بالانسحاب غير المنظم والذي أدى إلى إرباك القوات المصرية وانسحابها بشكل عشوائي بدون دعم جوي.
ما نتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وانقطعت الاتصالات بين القوات المتواجدة في سيناء وبين القيادة العامة المصرية في القاهرة ما أدى إلى حدوث حالة من الفوضى بين القوات المنسحبة، والتي تم قصفها بواسطة الطيران الإسرائيلي.
قرار الشاذلي الجرئ ينقذ فرقته
في تلك الأثناء، انقطع الإتصال بين الشاذلي وقيادة الجيش في سيناء.
وكان عليه أن يفكر في طريقة للتصرف خاصة بعد أن شاهد الطيران الإسرائيلي يسيطر تمامًا على سماء سيناء.
فاتخذ الشاذلي قرارا جريئا حيث عبر بقواته شرقًا وتخطى الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو.
واتجه شرقًا فيما كانت القوات المصرية تتجهة غربًا للضفة الغربية للقناة)، وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوالي خمسة كيلومترات شرقًا داخل صحراء النقب.
من خلال شريط ضيق بعيد عن مسار الطيران الإسرائيلي، وبقي الشاذلي في النقب لمدة يومين 6 يونيو و7 يونيو.
واتخذ موقعًا بين جبلين لحماية قواته من الطيران الإسرائيلي، إلى أن تمكن من تحقيق اتصال بالقيادة العامة بالقاهرة التي أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورًا.
استجاب الشاذلي لتلك الأوامر وقام بعملية مناورة عسكرية رائعة.
حيث قام بعملية الانسحاب ليلًا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة.
ورغم هذه الظروف لم ينفرط عقد قواته، كما حدث مع وحدات أخرى، لكنه ظل مسيطرًا عليها بمنتهى الكفاءة.
استطاع الشاذلي بحرفية نادرة أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس (حوالى 200 كم).
في عملية انسحاب عالية الدقة، باعتبار أن الشاذلي كان يسير في أرض يسيطر العدو تماماُ عليها.
ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، إلى أن وصل الضفة الغربية للقناة.
وقد نجح في العودة بقواته ومعداته إلى الجيش المصري سالما، وتفادى النيران الإسرائيلية.
وتكبد خسائر بنسبة 10% إلى 20%. وكان بذلك آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء قبل أن تتم عملية نسف الجسور المقامة بين ضفتي القناة.
بعد عودة الشاذلي إلى غرب القناة، اكتسب سمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري.
فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات في الفترة (1967 – 1969).
وقد كانت أول وآخر مرة في التاريخ المصرى يتم فيها الجمع بين القوات الثلاث.
سعد الدين الشاذلي وحرب أكتوبر 1973
في يوم 6 أكتوبر 1973 في الساعة 14:05 (الثانية وخمس دقائق ظهرًا).
شن الجيشان المصري السوري هجوما كاسحا على القوات الإسرائيلية، بطول الجبهتين.
ونفذ الجيش المصري خطة المآذن العالية التي وضعها الشاذلي بنجاح غير متوقع.
لدرجة عدم صدور أي أوامر من القيادة العامة لأي وحدة فرعية لأن القوات كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة.
بحلول الساعة الثانية من صباح يوم الأحد 7 أكتوبر 1973، حققت القوات المصرية نجاحًا حاسمًا في معركة القناة.
وعبرت أصعب مانع مائي في العالم وحطمت خط بارليف في 18 ساعة، وهو رقم قياسى لم تحققه أي عملية عبور في تاريخ البشرية.
وقد تم ذلك بأقل خسائر ممكنة، بلغت 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيدا، ويمثل ذلك 2.5% من الطائرات و2% من الدبابات و0.3% من الرجال.
أما العدو ففقد 30 طائرة و300 دبابة وعدة آلاف من القتلى، وخسر معهم خط بارليف بكامله.
وتم سحق ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مشاة كانت تدافع عن القناة، وانتهت أسطورة خط بارليف التي كان يتغنى بها الإسرائيليون.
ثغرة الدفرسوار
اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية من نوع إس آر-71 بلاك بيرد وجود ثغرة غير محمية وبعرض 25 كيلو بين الجيش الثالث الميداني في السويس والجيش الثاني الميداني في الإسماعيلية.
قام الأمريكان بإبلاغ القيادة الإسرائيلية التي وجدت فرصتها، فدفعت عبر البحيرات المرة ثلاث مجموعات.
تمكن بعضها في ليلة 15-16 أكتوبر من اجتياز قناة السويس إلى ضفتها الغربية بين الجيشين الثاني والثالث.
عند منطقة الدفرسوار القريبة من البحيرات المرة، أدى عبور هذه القوة إلى إحداث ثغرة في صفوف القوات المصرية عرفت باسم «ثغرة الدفرسوار».
وتم نصب جسر طوف لعبور الدبابات والآليات المدرعة، يوم 16 أكتوبر.
تمكن لواءان وهما لواء مدرع ولواء مظلي من العبور والتواجد إلى غرب القناة بقيادة الجنرال أرئيل شارون قائد الفرقة المدرعة الإسرائيلية 143.
وحاولت هذه القوة احتلال مدينة الإسماعيلية فتصدت لها لواء مظلات وكتيبتان صاعقة مصرية.
ومنعتها من احتلال الإسماعيلية وكبدتها خسائر فادحة، ولكن تمكن أرئيل شارون من احتلال المنطقة ما بين مدينتي الإسماعيلية والسويس.
الشاذلي يزيد الخناق على القوات الإسرائيلية
في يوم 17 أكتوبر، اقترح الفريق الشاذلي المناورة بالقوات وسحب الفرقتين المدرعتين 21 و4 من شرق القناة.
وباستخدام هاتين الفرقتين يتم توجيه ضربة رئيسية للواءين الإسرائيليين غرب القناة.
وفي الوقت نفسه يقوم اللواء 116 المتواجد غرب القناة بتوجيه ضربة أخرى للعدو.
بينما تقوم الفرقة 21 مدرعة المتواجدة شرق القناة، بتوجيه ضربة لقوات العدو بهدف إغلاق الطريق المؤدي إلى الثغرة.
وليزيد من الخناق على القوات الإسرائيلية الموجودة في الغرب، والقضاء عليها نهائيا.
علمًا بأن القوات الإسرائيلية يوم 17 أكتوبر كانت لواء مدرع ولواء مظلات فقط وتوقع الفريق الشاذلي عبور لواء إسرائيلي إضافي ليلًا.
لم ينقل المشير أحمد إسماعيل الرئيس أنور السادات رأى الشاذلي بدعوى أن الجنود المصريين لديهم عقدة نفسية من عملية الانسحاب للغرب منذ نكسة 1967 وبالتإلى رفض سحب أي قوات من الشرق للغرب.
وقرر أن تتم مواجهة الثغرة بقيام القوات المدرعة المصرية في الشرق (في سيناء).
بسد منافذ عودة القوات الإسرائيلية المتسللة إلى سيناء، واستدعاء قوات تهاجمها من الغرب وبذلك تكون محصورة بين القوات المصرية.
القوات الإسرائيلية في موقف صعب لا تحسد عليه
ازداد تدفق القوات الإسرائيلية، وتطور الموقف سريعًا، إلى أن تم تطويق الجيش الثالث بالكامل في السويس.
ووصلت القوات الإسرائيلية إلى طريق السويس -القاهرة-، ولكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة.
خاصة بعد فشل الجنرال أرئيل شارون في الإستيلاء على مدينة الإسماعيلية.
وفشل الجيش الإسرائيلي في احتلال مدينة السويس؛ مما وضع القوات الإسرائيلية غرب القناة في مأزق صعب.
وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية والإستنزاف والقلق من الهجوم المصري المضاد الوشيك.
الرأس المدبر لعبور خط بارليف
التعليقات