كتبت: حفصة أسامة
السيدة حليمة السعدية.. شهدت السيدة حليمة البدايات المبكرة لطفولة أشرف الخلق رسول الله -صلى الله وبارك عليه وسلم-.
وسنقوم في هذا المقال بذكر دور السيدة حليمة في حياة النبي وتأثيرها على طفولته.
مرضعات النبي
تعددت مرضعات النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن اللاتي قمن بإرضاعه هي أمه السيدة آمنة بنت وهب، والتي لم تنجب له إخوة.
وأرضعته السيدة ثويبة التي كانت جارية لعمه ابي لهب، وقامت بإرضاع آخرين.
والذين أصبحوا إخوة بالرضاعة للنبي عليه الصلاة والسلام.
وهم: ابنها مسروح بن ثويبة، حمزة بن عبد المطلب، ابو سلمة بن عبد الاسد المخزوعي.
وممن أرضعنه أيضًا السيدة حليمة السعدية، زوجة الحارث بن عبد العزى.
أما المرضعة الرابعة للنبي، فكانت امرأة من بني سعد قد أرضعت حمزة -رضي الله عنه- أيضًا، فقال ابن القيم:
“كان حمزة رضيع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جهتين: من جهة السيدة ثويبة، ومن جهة السعدية”.
قبيلة السيدة حليمة السعدية
حليمة السعدية هي من بني سعد بن بكر، من قبيلة هوزان، والتي تعتبر أحد أهم القبائل العربية.
والتي تمتد من بلاد نجد إلى الطائف بالحجاز.
ومن تلك القبيلة أيضًا السيدة زينب بنت خزيمة زوجة النبي، ومنها أحد كبار الصحابة وهو المغيرة بن شعبة بن ابي عامر الثقفي.
نسب السيدة حليمة السعدية
هي حليمة بنت أبي ذؤيب وهو عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
إسلام السيدة حليمة السعدية
اختلف العلماء في إسلام حليمة السعدية وزوجها الحارث بن عبد العزي، لكن أكثرهم أتفق على إسلامهم بعد النبوة، فقال ابن الجوزي:
“قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت وبايعت”.
لكن صحح ابن حبان وغيره من العلماء الأجلاء ما يدل على إسلامها، فالقول الراجح هو القول بإسلامها.
إرضاع السيدة حليمة لرسول الله
كانت المرضعات في تلك الفترة يفضلن اختيار الأولاد مع أبائهم، حتى يفيضون عليهم بالكرم ويأخذن أجرًا ماديًا.
فما أختارت إحداهن رسول الله وذلك ليتمه، وبات يُعرض على المرضعات إلا أنهن يرفضن أخذه.
ولما وصلت حليمة مكةً برفقة زوجها وأبنائها، وجدت رسول الله ولم يبق غيره، فقالت لزوجها:
“إني لأكره أن ارجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعًا، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه”.
فرد عليها زوجها قائلًا: “لا عليك إن فعلتي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة”.
فقامت بحمله من أمه السيدة آمنه وتوجهوا إلى ديارهم.
دخول رسول الله منزل السيدة حليمة
كان حال السيدة حليمة زوجها معسرًا حيث كانوا فقراءً، كما كانت السيدة حليمة تشكو من قلة اللبن في ثديها ومن بكاء طفلها من الجوع، وكانت دابتهم ضعيفة هزيلة لقلة الطعام.
ولما دخل رسول الله ديارهم ما لبث أن حل الرزق فيه، فأصبحت ديارهم تعمها البركة واليسر.
وقد امتلأ ثدي السيدة حليمة باللبن فأخذت ترضعه وإبنها حتى يشبعا ويناما.
ووجد زوجها ضرع الدابة وقد امتلأ لبنًا، فقام بحلبها وشُرب لبنها برفقة زوجته.
رسول الله في منزل السيدة حليمة
بقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دار السيدة حليمة أول سنين عمره حتى أتم عامه الرابع، فنشأ فصيح اللسان، قوي البنية.
وفي يوم وقد كان يلعب مع الصغار وقع له حادث مفاجئ، حيث جاء رجلان كانا جبريل وميكائيل -عليهما السلام-.
فأخرجا قلبه الشريف من صدره، وغسلاه في إناء كبير بماء زمزم، فطهراه، وختما على ظهره بخاتم النبوة وخاطاه.
وذلك كما يسمى “حادثة انشراح الصدر“.
هلع الصغار وأسرعوا إلى منزل السيدة حليمة يقصوا عليها ما حدث.
فظنت أن مكروهًا قد أصابه وخشيت عليه، لذلك أعادته إلى أمه آمنه بنت وهب.
وفاة السيدة حليمة
بعد حلول عام 8 من الهجرة، تُوفيت السيدة حليمة بالمدينة، ودُفنت بالبقيع.
ولما سمع رسول الله خبر موتها من أختها يوم فتح مكة، انفاضت عيناه بالدموع.
حب رسول الله للسيدة حليمة
كان بقلب النبي مكانة خاصة للسيدة حليمة، إذ أرضعته ورعيته وأعتنت بشأنه حتى بلغ الرابعة من عمره.
كما كان رسول الله مخلصًا وفيًا لها، لا يذكرها إلا بالكلام الطيب الحسن.
ومما ذكر في حب رسول الله لها، أنه -عليه الصلاة والسلام- لما رآها مقبلة عليه بعد بعثته، فاض قلبة بالسعادة، وغمرة الفرح، وأستقبلها سعيدًا قائلًا: “أمي أمي”، وقام بخلع رداءه لها، ثم بسطه تحتها.
التعليقات