
كتبت: هاجر محمود
جميلة بوحيرد.. من الجيل الذي رفض الاحتلال على بلادهم وأذاقوه الويلات حتى تم الجلاء وتحرير بلدها الجزائر.
مولد جميلة بوحيرد
ولدت في حي القصبة في الجزائر، وكانت الابنة الوحيدة للأسرة، كانت تهوى تصميم الأزياء ومارست الرقص الكلاسيكي وركوب الخيل.
نضالها ضد الاستعمار
عندما اندلعت الثورة الجزائرية ضد الإستعمار عام 1954، انضمت جميلة إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية وهي في الـ20 من عمرها.
وكان أبرز دور لها يتمثل في أنها حلقة الوصل بين القائد في الجبل ومندوب القائد في المدينة.
كانت أيضًا تقوم بالمهام الصعبة التي لا يقوى عليها إلا الرجال.
فكانت تقوم بزرع القنابل في الأماكن التي يتردد عليها المستعمرون.
كما قامت بنقل الأسلحة والعبوات الناسفة مستغلة في ذلك مظهرها البرجوازي دون أن يشك أحد فيها.
فكانت تنقل القنابل من داخل حي القصبة العربي إلى المنطقة الأوروبية متنقلة بحقيبة بها ملابس شاطئ وواقي شمس وزيوت وتتظاهر بأنها ذاهبة للإستمتاع بشاطئ البحر.
وظلت جميلة تنفذ المهام التي توكل إليها مدة عامين، ونظرًا لبطولاتها أصبحت الأولى على قائمة المطاردين.
القبض على جميلة بوحيرد
اكتشف أمر الجماعة السرية التي انضمت جميلة إليها عام 1956، والقى القبض على جميلة بعدما اصبيت برصاصه فى كتفها.
وسجنت لمدة 3 سنوات ثم رحلت إلى السجن في فرنسا وقضت 3 سنوات أخرى في السجن هناك، ثم أطلق سراحها بعد ذلك مع بقية زملائها.
تعذيب جميلة بوحيرد.. حكم الإعدام
عذبها الفرنسيون أيام عدة بالصاعق الكهربائي وظلت تنزف الدماء لأيام متواصلة.
ولكنها تحملت العناء وكانت تغيب عن الوعي وتفيق تقول “الجزائر أمنا”.
وأبت جميلة الاعتراف على جماعتها فلجأ الفرنسيون إلى تعذيب أشد ولكنها رفضت البوح بأمر الجماعة.
وأثناء تعذيبها كتبت جميلة رسالة باللغة الفرنسية إلى وكيل الجمهورية وعميد القضاة.
والجدير بالذكر أنه لم يكن من الصعب على الجزائرى التعذيب بشتى الطرق، ولكن الإغتصاب كان أكبر عذاب له، وهذا ما فعله الإحتلال الفرنسي حتى يعترفن على الجماعات السرية.
فشل الفرنسيون في أخذ الاعتراف من بوحيرد
عندما فشل الفرنسيون من أخذ الاعتراف منها على زملائها، تقرر محاكمتها صوريًا ولفق لها العديد من التهم أنكرتهم جميعهم.
وهي حيازة مفرقعات والشروع في قتل والإشتراك في حوادث قتل وحوادث تدمير مبان بالمفرقعات والإنضمام لجماعة من القتلة.
وكانت عقوبة هذة التهم هى الإعدام وصدر بحقها حكم الإعدام عام 1957، ضحكت بوحيرد وردت: “أعرف أنكم سوف تحكمون علي، بالإعدام لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة”.
جميلة بوحيرد.. انقذتها ماجدة من الإعدام
في عام 1958 قررت الفنانة ماجدة انتاج فيلم عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد.
حينها كانت جميلة في السجن وقد حكم عليها بالاعدام مسبقًا.
وبالفعل انتجت ماجدة الفيلم لنفسها، وتم عرضه في العديد من دول العالم؛ تنديدًا بحكم الإعدام الظالم على جميلة بوحيرد.
وكلما عرض الفيلم في دولة ما خرج مواطنيها في مظاهرات يطالبون بالافراج عن جميلة.
وهذا الأمر أشعل الرأي العام العالمي، الذي تحرك ضد فرنسا، وانتشرت جملة “انقذوا جميلة” عبر وسائل الإعلام الغربية.
نتيجة لهذه الضغوط، خففت فرنسا الحكم عليها من الاعدام للسجن المؤبد.
الثورة ضد حكم الإعدام على جميلة بوحيرد
ثار العالم واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعد تلقيها كثير من برقيات الاستنكار ضد حكم الإعدام على جميلة فعدل الحكم ليصبح السجن مدى الحياة.
تحرير الجزائر وخروج بوحيرد من السجن
بعد تحرير الجزائر عام 1962، خرجت بوحيرد من السجن وتزوجت من محاميها الفيتنامي جاك فرجيس.
جميلة بوحيرد بعد الإستقلال
تولت جميلة بعد الاستقلال رئاسة اتحاد المرأة الجزائري، ولكنها استقالت، بسبب أن كل قرار كانت تتخذه كان لا بد لها من أن تناضل لأجله، وهذا بسبب خلافها مع الرئيس أحمد بن بلة آنذاك.
جميلة بوحيرد والأدب والفن
الهمت بوحيرد الشعراء والأدباء فكتبوا عنها حوالى 70 قصيدة شعر منهم نزار قبانى و وصلاح عبد الصبور والجواهري وعشرات غيرهم.
وقيل فيها: “قالوا لها بنت الضياء تأملي ما فيك من فتن وانداء سمراء زان بها الجمال لونه وإهتز روض الشعر للسمراء”.
نقلت السينما المصرية قصة كفاح جميلة بوحيرد حيت انتج فيلم يحكى قصة كفاحها و زملائها ضد الاحتلال.
وكرموها في عام 2018 في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة الذي كان يحمل اسمها وخلال التكريم قالت: “إن الشعب المصري عظيم وكريم”.
وعبرت عن سعادتها وأنها لن تنسي تضامن الشعب المصري مع الثورة الجزائرية ولن تنس تكريم الرئيس جمال عبد الناصر لها.
لقد كانت جميلة بوحيرد من أشهر رموز المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي.
التعليقات