الزمان: مولد النبي، بداية بعثه، القرن السابع الهجري
المكان: شبه الجزيرة العربية
كتبت: حفصة أسامة
المدائح النبوية.. بمناسبة حلول المولد النبوي الشريف سنحدثكم في هذا المثال عن المدائح النبوية التي هي نوع من أنواع الفنون التي كانت متواجدة منذ العصور القديمة والتي تطورت إلى أن وصلت إلى عصرنا هذا، وسنذكر لكم تطور تلك المدائح النبوية عبر العصور.
المديح النبوي في الشعر والأدب
مدح النبي -صل الله عليه وسلم- سواء كان في الشعر والأدب يصب كل اهتمامه على مدح النبي.
وذلك بذكر ما به عليه الصلاة السلام من صفات خلقية وخُلقية، وذكر معجزاته المادية أو المعنوية، أو ذكر سيرته وتفاصيل حياته، وذكر الغزوات والفتوحات التي شهدها أو التي كانت في عهده، وفي ذلك تعظيمًا له عليه السلام.
وهذا النوع من المدح يختلف تمامًا عن المدح التكسبي أو مدح التملق، الذي كان ينظمه الأدباء والشعراء إلى سلاطينهم وملوكهم.
وتتميز تلك المدائح بالصدق والفداء والإخلاص والمحبة نحو النبي -صل الله عليه وسلم-، فهي مدائح صادقة تنبع من داخل القلب.
أوصاف المدائح النبوية
تُبنى المدائح النبوية على البحور الطويلة، لكونها مناسبة لما تتحدث عنه من أعظم الأوصاف.
وتتماز بالفخامة والرصانة في ألفاظها، واستخدام الألفاظ غير الشائعة.
وكذلك تمتاز بارتباطها بالمعنى الذي ينبغي الوصول إليه.
ولكن المدائح بصفاتها الفريدة وألفاظها المتينة، بدأ مجراها على يد الشاعر البوصيري الذي نظم قصيدة “البردة” لخير البرية.
خصائص المدائح النبوية
يتميز المديح النبوي بعدة خصائص تميزه عن المدائح الأخرى، وسنذكر بعضها كالآتي:
1- صدق المشاعر ونبلها.
2- كونها دينية، نابعه من النظرة الإسلامية.
3- الطبائع الروحية والصوفية، لأنه يقوم بمدح رسول الله.
4- حديثه عن سيرة النبي، وذكر تفاصيل حياته.
5- ذكر الفتوحات والغزوات في بدايات الدعوة.
6- كثرة الدعاء والاستغفار.
7- الاقتباس من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحباة والتابعين.
ظهور المدائح النبوية
أختلف في فترة ظهور المديح النبوي على أقوال:
الأول: قيل أنه ظهر مع مولد النبي -صل الله عليه وسلم-، وذلك في المشرق العربي، ثم قام بالانتشار مع كثرة الفتوحات الإسلامية أو العربية.
الثاني: ويقول بأنه قد بدأ ظهوره مع بداية بعثته صل الله عليه وسلم.
الثالث: من بعض المؤرخين أيضًا من قال بأنه فن حديث نشأ في القرن السابع الهجري، وذكروا بأنه جاء على يد الشاعر شرف الدين البوصيري، بعد تنظيمه لقصيدة “البردة”.
ذكر الباحثين أن تلك القصيدة من أجمل وأروع قصائد المدح النبوي، حتى قيل فيها أنها “أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة”.
المدح النبوي في العصر الأموي
حط على العصر الأموي موجة من الضعف والوهن على مدائح النبي، فقد أقتصرت على أهل البيت، الذين كانت غايتهم منها هو التكسب وربح بعض الأموال.
وقد أمتزج المديح في هذا العصر بالتيارات السياسية، فأخذ المديح بالانهيار.
وممن نظموا المدائح النبوية في هذا العصر: دعبل الخزاعي، والشاعر العراقي الكوفي الكميت بن زيد الأسدي، والفرزدق وهو أشهرهم، والذي ذكر في مدحه للنبي:
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ
وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ
هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ
المدح النبوي في العصر العباسي
ظل المديح في هذا العصر على حاله منذ العصر الأموي، إلا أن ظروفه قد أختلفت.
ومن الذين قاموا بتنظيم المدائح النبوية في هذا العصر: مهيار الديلمي، وابن الفارض المشهور بـ “سلطان العاشقين”.
المدح النبوي في العصر الحديث
تطور المديح النبوي في العصر الحديث تطورًا ملحوظًا، حتى أصبح فنًا مستقلًا، وبزر كأحد أشكال الفنون المهمة في المجتمع الإسلامي.
اكتسبت المدائح النبوية في العصر الحديث لونًا فنيًا معاصرًا، وفي القرن الـ 20 أصبح الشعراء يستخدمونه في المناسبات الخاصة، سواء كانت هذه المناسبات هي مناسبات دينية أم لا.
يقوم شعراء المدائح في هذا العصر باتباع أسلوب الشعراء القدماء من حيث النظم.
وبهذا أصبح المديح النبوي فنًا قديمًا قد أستحدث منذ القدم، وما زال قائمًا إلى يومنا.
التعليقات