الزمان: العهد النبوي
المكان: المدينة المنورة
كتبت: شهد الكفراوي
معاملة النبي لأهل الكتاب.. أمر الله -تعالى- المسلمين بمعاملة جميع الناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، معاملة تتسم بالعدل.
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- أول من يطبق هذا الأمر ليكون قدوة للمسلمين، لذلك كان يوفي بجميع عهوده مع جميع الناس، حتى وإن كانوا غير مسلمين.
دستور المدينة.. معاهدة مع اليهود
عندما وصل رسول الله إلى المدينة، نظم علاقته مع اليهود الموجودين بها، حيث كتب الرسول معهم “دستور المدينة“، وهو أول دستور في التاريخ الإسلامي.
وكان مما كتبه النبي في المعاهدة أن لكل واحد منهم الحرية في الدين والمال، وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
وقد اعترف اليهود بهذه الصحيفة، وأن النبي هو الشخص الذي يرجع إليه أهل المدينة، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، في حالة حصول شجار أو خلاف بينهم.
تعامل النبي مع غلامه اليهودي
كان لرسول الله غلام يهودي يخدمه، فأصابه مرض، فذهب إليه النبي لزيارته، وجلس عند رأسه، وطلب منه أن يسلم، فنظر الغلام إلى أبيه، فقال له: “أطع أبا القاسم”، فأسلم الغلام.
كانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَمَرِضَ، فأتَاهُ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَعُودُهُ.
فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ.
فَقالَ له: أطِعْ أبَا القَاسِمِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأسْلَمَ.
فَخَرَجَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو يقولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ.
قبول النبي لهدايا اليهود
كما كان رسول الله يقبل الهدية منهم، حيث قبل النبي هدية اليهودية (زينب بنت الحارث) التي أهدته شاة مسمومة، فقبلها النبي وأكل منها.
كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يقبَلُ الهديَّةَ، ولا يأكلُ الصَّدقةَ زادَ فأهدت لهُ يهوديَّةٌ بخيبرَ شاةً مَصليَّةً سمَّتْها.
فأكلَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- منها وأكلَ القومُ.
فقالَ: ارفعوا أيديَكُم فإنَّها أخبرتني أنَّها مسمومةٌ.
فماتَ بِشرُ بنُ البراءِ بنِ معرورٍ الأنصاريُّ؛ فأرسلَ إلى اليهوديَّةِ: ما حملكِ على الَّذي صنعتِ؟
قالت: إن كنتَ نبيًّا لم يضرَّكَ الَّذي صنعتُ، وإن كنتَ ملِكًا أرحتُ النَّاسَ منكَ.
تعامل النبي بالبيع والشراء مع اليهود
كما كان رسول الله يبيع لهم ويشتري منهم ويدين منهم، فقد رُوي أن رسول الله توفي ودرعه مرهونة عند يهودي.
كان طعمة بن أبيرق قد سرق درعًا من جار له مسلم، يقال له: قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق.
فجعل الدقيق ينتشر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار.
ثم خبأها عند رجل من اليهود يُقال له: “زيد بن السمين”.
فالتمست الدرع عند طعمة، فحلف بالله ما أخذها، فقال أصحاب الدرع: لقد رأينا أثر الدقيق في داخل داره.
فلما حلف تركوه، واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي، فوجدوا الدرع عنده، فقال اليهودي: دفعها إليَّ طعمة بن أبيرق!
فجاء بنو ظفر -وهم قوم طعمة- إلى رسول الله، وسألوه أن يجادل عن صاحبهم.
فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاقب اليهودي، فأنزل الله عز وجل هذه الآيات من سورة النساء:
“إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا وَٱسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا وَ لَا تُجَٰدِلۡ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخۡتَانُونَ أَنفُسَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمٗا”.
لقد اعتقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن السارق هو اليهودي لوجود القرائن ضده.
لكن الوحي نزل بخلاف ذلك، فلم يكتم صلى الله عليه وسلم شيئًا.
بل قام وأعلن بوضوح وصراحة أن اليهودي بريء، وأن السارق مسلم!
معاملة النبي للنصارى
في بداية الدعوة الإسلامية، عقد النبي معاهدة مع النجاشي ملك الحبشة لضمان الأمان للمسلمين المهاجرين إلى الحبشة.
كما زار وفد من نجران النبي لمناقشته في الدين، لذلك تم توقيع معاهدة بين المسلمين وأهل نجران لضمان حقوقهم الدينية والمالية.
من خلال معاملة النبي لأهل الكتاب تعلمنا ضرورة احترام الآخرين وتقديرهم مهما اختلفت معتقداتنا.
التعليقات