
الزمان: القرن 17
المكان: اليابان
هل تتذكر ايموجي القرود الثلاثة، بالطبع تتذكره، فأنت تستخدمه يوميًا في محادثات الواتساب والفيسبوك والتويتر؛ للتعبير عن حالك، لكن هل فكرت يومًا حول أصل هذه القرود الثلاثة، التي أثارت جدلًا واسعًا بين مستخدمي السوشيال ميديا.
رموز مستعملة لا نعلم حقيقتها
سهلت “الايموجي” الكلام بنسبة كبيرة بين الناس على مواقع التواصل الإجتماعي، فأصبح بإمكان الأشخاص التواصل عبر إرسال إيموجي بسيط يعبر عن حالتهم، دون الحاجة إلى الإكثار من الحديث، وهو ما يتواكب مع عصرنا ذو السرعة الفائقة.
لكن أكثر ما أثار جدلًا بين مستخدمي السوشيال ميديا كان تلك القرود الثلاثة، وما أصلها، وهل تشير إلى معنى معين، ليبدأ التساؤل في الانتشار بين حوالي 60 ألف مستخدم.
اقرأ أيضا: «يا خراشي» أصل وفصل الكلمة | فيديو
القرود اليابانية الثلاثة تجسد حكمة بالغة
حسنًا يمكننا أن نقول أن القرود الثلاثة تمثل حكمة “لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم”، وأول هذه القرود يدعى “ميزارو”، وهو الذي يغطي عينيه ويرمز إلى “لا أرى شرًا”، والثاني يدعى “كيكازارو” وهو الذي يغطي أذنيه ويرمز إلى “لا أسمع شرًا”، أما الثالث “ايوازارو” الذي يغطي فمه ويرمز إلى “لا أتكلم شرًا”، وفي أحيان أخرى يوجد قرد رابع يدعى “شيزارو” يقوم بتكتيف يديه ويرمز إلى “لا أفعل شرًا”.
أما بالنسبة لنشأة هذه الحكمة، فلا يعلم على وجه الدقة أين ظهرت بالضبط، لكن يُعتقد أنها ظهرت في القرن 17، حين نُقشت على ضريح ياباني شهير يدعى “توشوغو” وتمثل القرود الثلاثة مذهب ديني يقول:
“إذا كنا لا نرى، لا نسمع، لا نتكلم الشر سنكون بعيدين عن كل الشرور”.
ظهرت في الصين حكمة مماثلة في أدبيات كونفوشيوس:
“أنظر ما لا يتعارض مع الأدب، أسمع ما لا يتعارض مع الأدب، تكلم ما لا يتعارض مع الأدب، أفعل ما لا يتعارض مع الأدب”.
اقرأ أيضا: “محلتوش إلا اللضا”.. عملة شعبية لمحاربة الفقر.. تعرف على أصل حكاية المثل الشعبي
الإسلام مدرسة الحياة
سبق الإسلام الحكمة اليابانية بـ10 قرون، حينما أوحى الله إلى نبيه الكريم بكل الآداب والصفات الطيبة، وحث المسلمين عليها، وجعلهم مسئولين عما يصدر منهم من أقوال وأفعال، قال تعالى: “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا”.
كذلك وردت آيات تدعو إلى غض المسلم بصره عن كل شر، قال تعالى: “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ”.
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: “يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرَةَ، فإنَّ لَكَ الأولى، ولَيسَتْ لَكَ الآخرَةُ” (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني).
أمر الإسلام المسلم بأن ينتقي من الكلام ما يسمعه، ويبتعد عن كل ما فيه ضرر أو شر، قال تعالى: “وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ”.
ومن المعروف أن اللسان هو وسيلة التخاطب والتواصل مع أفراد المجتمع، أمر الإسلام المسلم أن يصون لسانه ولا يتحدث إلا بما فيه خير، قال تعالى: “وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ”.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت”.
وعنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم” رواه البخاري.
اقرأ أيضا: حكاية المثل الفرعونى .. “اكسر وراه قلة”
التعليقات