خيمة المولد.. نابليون يدفع 300 ريال فرنسي للاحتفال بالمولد النبوي

الزمان: 1798م

المكان: حي الأزبكية

خيمة المولد.. مع قدوم المولد النبوي الشريف تتعدد مظاهر الاحتفال من دولة لأخرى ومن عصر لآخر، لكن الفرحة تبقى كما هي في القلوب دائمًا.

وإذا عدنا للوراء، سنرى ذلك بشكل أوضح مع قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر، وقد سادها حالة من التعجب والصمت عندما رأت الشوارع والميادين تتزين فرحة بمولد خير المرسلين، فما الذي حدث بالضبط؟

سراديق ولي العهد في استقبال الحشود

في إحدى أيام الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف كان نابليون بونابرت وجنوده في ميادين القاهرة يقفون مذهولين مما رأوه.

حينها كانت المدينة كعروس توجت مزينة بأفخر أنواع الزينة.

وترى ساحاتها الرحبة قد فتحت ذراعيها لاستقبال قاطني الأحياء السكنية الذين يقيمون حلقات للذكر تستمر طوال الليل أو يحتشدون لمشاهدة أحد العروض المضحكة لبعض المهرجين.

وقد عبر إدوارد ليم لين، الباحث الفرنسي، عن هذا المشهد وأبدى اعجابه من احتشاد الجماهير جمعاء لمشاهدة حلقات المنشدين حتى آذان الفجر.

وبدى الأمر وكأن مصر مجتمعة كلها، بداية من ولي العهد في سرادقه، وصولًا للمزارعين والعمال والصناع في خيمة المولد.

خيمة المولد

خيمة المولد.. عجيبة من عجائب الدنيا السبع

كان الاحتفال بالمولد النبوي حينها يبنى على إقامة خيمة بالحوش السلطاني في القلعة تعرف باسم (خيمة المولد).

كما وصفها ابن إياس المؤرخ المصري بأنها عجيبة من عجائب الدنيا السبع.

شاهد معي خيمة المولد

لنتخيل أننا عدنا بالزمن إلى الوراء، تحديدًا في عهد السلطان المملوكي قايتباي، أول من نصب خيمة المولد، ودعنا نلقي نظرة خاطفة على تلك الخيمة.

بداية ستلاحظ أن الخيمة زرقاء اللون على شكل قاعة، بها 3 أواوين -وإيوان يعني سور من 3 جهات-، وفي المنتصف ستجد قبة مقامة على 4 أعمدة.

ومن ضخامة خيمة المولد فإنها تحتاج إلى 300 رجل لنصبها، وتبلغ تكلفتها نحو 30 ألف دينار.

نحن الآن بداخل خيمة المولد

أنت الآن مع جنود الحملة الفرنسية قد تعجبت مثلهم من روعة الخيمة المقامة، وقد أخذك البريق للداخل حيث الاحتفال والمرح.

أول ما ستراه عينيك عند أبواب الخيمة هي أحواض من الجلد تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون، وحولها أكواب فاخرة مصنوعة من النحاس ومزينة بنقوش جميلة.

وتربط هذه الأكواب بسلاسل نحاسية، ويصطف حولها طائفة من الغلمان لمناولة الوافدين من الناس مشروب الاستقبال الخاص.

أما داخل الخيمة فستجد بعضًا من الألعاب المسلية، مثل الرماية على الأهداف والفوز بأحد الجوائز البسيطة.

أو ربما تشاهد فقرة لأحد المهرجين وهو يحاول اضحاكك من القلب لذلك سينتابك شعور بالفرح الشديد.

وبعد المغرب توزع الحلوى مختلفة الألوان على كل رواد الخيمة.

وفي ختام الليلة يظهر المقرئون براعتهم في تلاوة آيات الذكر الحكيم ويتعاقبون واحدًا تلو الآخر.

أما في صباح يوم المولد فيوزع السلطان كميات لا بأس بها من القمح على الزوايا.

نابليون يحتفل بالمولد النبوي بـ300 ريال

ذكر عبد الرحمن الجبرتي، المؤرخ المصري، الذي عاصر الحملة الفرنسية أن نابليون بونابرت اهتم بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف عام 1798م.

وقد قام بذلك من خلال إرسال نفقات الاحتفال التي بلغت 300 ريال فرنسي، إلى منزل الشيخ البكري نقيب الأشراف في مصر، بحي الأزبكية.

كما أرسل الطبول الضخمة والقناديل لإعداد جو مناسب للاحتفال.

وفي الليل أقام الألعاب النارية احتفالًا بالمولد لذلك احتشد الأهالي للاحتفال بالذكرى النبوية من جديد.

كما عاود نابليون الاحتفال بالمولد في العام التالي؛ لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقادتها.

التعليقات