رفعت الجمال.. قصة خداع إسرائيل 17 عام.. رافق «موشيه ديان» قبل حرب أكتوبر بـ «يوم».. وطعن «الموساد» فى مقتل

مريم محمد إسماعيل

عُرض ولأول مرة المسلسل الدرامي المصري رأفت الهجان في عام 1994، ذلك المسلسل الذي عشقه المصريون من أول وهلة؛ فتجد أفراد الأسرة المصرية يجتمعون حول التلفاز في موعد المسلسل ليشاهدوه، ولم يكتفوا منه؛ فكلما كان يُعاد كانت الحلقة الدائرية حول التلفاز لا تنفك، طالما يشاهدون مغامرات هذا البطل الأسطوري، عميل المخابرات الذي صنع بذكاؤه الخارق ودهاؤه المعهود، اسمًا يُذكر ويتناقل عبر الأجيال، هذا البطل الذي ضحي بكل شيء وتحمل أخطر الظروف، وفرضت عليه أصعب الاختيارات، تمكن من تحطيم الأسطورة التي آمنت بها اسرائيل وسعت لبثها في نفوس الدول، -كون الموساد جهاز المخابرات الذي لا يُخترق- لقد فاجئ الجميع بانجازات لم تخطر على بال، إنه رفعت الجمال الذي لم تنذر قصته بعظيم ما آلت إليه.

 

طفولة بعنفوان الصبا

دعونا نبدأ بسرد قصة هذا البطل المغوار، وقوفًا على أول محطة في حياته والتي تبدأ بطفولته، فقد ولد رفعت علي سليمان الجمال في الأول من يوليو عام 1927 لأسرة مرموقة في دمياط، فكان والده “علي سليمان الجمال” تاجر فحم بالجملة وحاصل على لقب “أفندي”، وأمه السيدة “رتيبة على أبو عوض” من أسرة راقية تتحدث الانجليزية والفرنسة بطلاقة، كان رفعت الطفل الأصغر في العائلة، له أخ غير شقيق يُدعى “سامي” وهو أكبرهم، وأخ شقيق “لبيب” وأخت شقيقة “نزيهة”.

 

سارت حياة هذه الأسرة بشكل طبيعي حتى عام 1936 -تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن-، فقد توفي والد رفعت وكان الطفل بعمر 9 سنوات وما يزال في المرحلة الابتدائية؛ ليقرر أعمامه أنه لا مناص سوى أن يعمل رفعت ولبيب في تجارة الأثاث بدمياط -مسقط رأسهم- التي ذاع صيتها في ذلك الوقت، ليتدخل سامي رافضًا أن يعمل أخويه، ويقرر أن يصحبهما معه إلى القاهرة ليكملا تعليمهما.


كان سامي في ذلك الوقت يعمل مدرس لغة انجليزية، وكان متفوقًا في مهنته لدرجة أنه كان يُدرس لأخوات الملكة فريدة، لذا قرر أن يحمل اللواء بعد وفاة والده ويتولى أمور العائلة؛ فباشر بإرسال رفعت لمدرسة ابتدائية ولبيب لمدرسة تجارية ونزيهة لمدرسة ثانوية، ولكن رفعت كان طالبا مستهترًا لا يهوى الدراسة على نقيض أخوه سامي الذي كان يأمل أن يرى أخاه رجلًا منضبطًا.

قرر سامي إلحاق رفعت بالثانوية التجارية عقب انهاؤه المرحلة الابتدائية على الرغم من رفض رفعت لهذا النوع من المدارس؛ لذا بدأ رفعت يبتعد عن الدراسة وينجذب لأضواء السينما والمسرح، لدرجة أنه أصبح مولعًا بالتمثيل وصار حلمه أن يقف بجوار هؤلاء المشاهير ليؤدي أحد السيناريوهات المكتوبة، وبالفعل تمكن من إقناع الممثل الكبير “بشارة واكيم” بموهبته ومثل معه ثلاثة أفلام منهم فيلم “أحبك أنت”، واقتصرت اطلالته على الشاشة بدور كومبارس صامت إلا أن ذلك لم يثني عزيمة هذا الشاب، وقرر السير نحو حلمه ولكنه ضاع في مفترق الطرق؛ ليبدأ فصل جديد من حياة هذا الرجل الذي عاش في الظل ومات في الظل.

 

دوام الحال من المحال.. بدأ الشاب يشق طريقه

في عام 1943 تزوجت نزيهة من الملازم اول “أحمد شفيق” كما تزوج سامي أبنة نقيب المحامين، وغادر لبيب ووالدة رفعت ليقيما مع شقيقها؛ ليجد رفعت نفسه وحيدًا في هذا المنزل يلازمه شعور الضيق والاكتئاب، فرأى أنه لا مفر سوى الابتعاد عن القاهرة، حينها وجد إعلان عمل في شركة بترول بالبحر الأحمر؛ فلم يتردد بالتقدم للوظيفة التي سرعان ما قبل بها لطلاقته في اللغة الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة لكونه وسيم وله حضور وجاذبية ولباقة، وعلى الرغم من كون رفعت متفانيًا في عمله، إلا أنه لم يدم في تلك الوظيفة طويلًا؛ فقد تركها مسرعًا عندما عُرض عليه “ترقية” بشرط أن يعمل في فرع الشركة بالقاهرة، ليتذكر رفعت ذلك الضيق فلم يحتمل ذلك وقدم استقالته.

-ومن خلال عمله السابق- تعرف رفعت على صاحب شركة كيماويات بالإسكندرية، ليبدأ العمل ويبرع للغاية لدرجة أن مدير الشركة طلب منه التوجه للقاهرة ليشرف على مدير الفرع؛ فوافق رفعت بشرط ألا تكون الإقامة دائمة، وذهب على الفور واستلم العمل، ولكنه اُتهم باختلاس 1000 جنيه من الخزنة عام 1949، وكان الجنيه المصري في ذلك الوقت يساوي جنيه ذهب، وبالطبع كان صاحب الشركة يعلم أن رفعت بريء، ولكنه لم يكن باستطاعته أن يبقيه في العمل خاصة وأن الأمر بدأ يأخذ مسار التحقيق.

ولكنه لم يتركه وعرفه على شركة ملاحة بحرية ليعمل بها رفعت مديرًا للحسابات، وبعد أسبوعين اتجهت السفينة “حورس” لأوروبا، ليغادر رفعت مصر تمامًا لتبدأ جولاته بالخارج.

 

إطلالة على العالم من الخارج

انطلقت السفينة “حورس” من مارسيليا لبرشلونة، ورست في ليفربول في انجلترا لتتابع أعمال الصيانة، ليبدأ رفعت في التعرف على معالم أوروبا، فصادف فتاة تُدعي “جودي موريس” التي ما لبثت أن وقعت في غرامه، وعرضت عليه أن يُقيم في انجلترا مدعيًا بأنه يُعاني من الزائدة الدودية، وأن حالته لا تسمح له بالسفر قبل أن يُجري العملية؛ فوافق رفعت إلا أنه عندما وجد جودي تخطط للزواج منه وجعله يُقيم بانجلترا بشكل دائم ركب “حورس” وغادر مسرعًا ليعود الجمال عام 1950 لمصر ويجد الأوضاع كما هي عليه فيلازمه شعور بالغرابة.

فيغادر مصر مرة أخرى على متن سفينة فرنسية متجهة لمرسيليا، إلا أنه خاف من خطر الترحيل فركب قطار واتجه للندن التي لن يراوده بها الخوف، فهو يملك أوراق عملية الزائدة الدودية، وهناك تعرف رفعت على أشخاص يعملون بالسياحة وعمل معهم، وعرض على صاحب الشركة أن يتواصلوا مع السفارة المصرية بلندن ليكونوا مسئولين عن الرحلات الخاصة بالدبلوماسيين.

وافقت السفارة المصرية على ذلك وربح رفعت إثر هذا الصنيع 2000 جنيه استرليني، وأحب أن يُكرر الأمر في السفارة المصرية الموجودة في أمريكا ومنها إلى كندا ثم إلى ألمانيا، ولكن -لسوء حظه- ضاع منه الباسبور في ألمانيا؛ فاتجه للسفارة المصرية حينها أتهمه القنصل المصري بأنه باع جواز السفر، ورفض أن يُعطيه الوثيقة وأتصل بالشرطة الألمانية التي قبضت عليه ورحلته قصرًا لمصر.

 

أُغلقت الأبواب في وجهه ولم يعد هناك سبيل

شعر رفعت بعد عودته لمصر أن سقف أحلامه قد سقط على رأسه؛ فهو لا يملك جواز سفر ولم يعد بإمكانه مغادرة مصر، بالإضافة لفقده عمله الذي كان متعلقًا به، ولكنه استجمع قواه وأخذ يبحث عن عمل جديد؛ فوجد عرض عمل جيد في قناة السويس وذهب ليقدم على الوظيف، فطلب منه بعض الأوراق التي لا يملكها، لذا أضطر أن يلجأ لمزور ليصنع له جواز سفر باسم “علي مصطفى”، وعمل في قناة السويس ولكن لم يحالفه الحظ، فقد حدثت ثوره يوليو 1952 -وقتها- شعرت الشركات الأجنبية بالقلق، وأخذت تتحري عن جميع العاملين بها، -هنا- وجد رفعت أنه سيتم كشف أمره؛ فأضطر أن يترك الشركة قبل أن يُقبض عليه.

وعندما عاد للقاهرة قرر أن يسافر للعمل في ليبيا، فذهب للمزور مرة أخرى ليصنع له جواز سفر باسم شخص سويسري يُدعي “تشارلز دي نون”، ولكن مع وصوله للحدود الليبية قبض عليه ضابط انجليزي وشك أنه يهودي، وعندما فحص أوراقه وجدته يحمل جوازي سفر أحدهم إنجليزي باسم “دانيال كالدويل”، والآخر سويسري باسم “تشارلز دي نون”.

بداية التحقيقات.. رفعت الجمال لم يعد له وجود

تم تسليم رفعت لضابط في القلم السياسي أسمه “حسن حسني” كان المسئول عن استجوابه، حيث كانوا يشكون أنه يهودي اسمه “ديفيد ارونسون”، وذكر الجمال في مذكراته بهذا الشأن: “لقد عشت فترة طويلة ما بين كذبة وكذبة، وقد آن الأوان الذي شعرت فيه فعلًا أنني مسرور أن أبوح بالحقيقة لشخص ما، وهكذا شرعت أحكي لحسن حسني كل شيء عني منذ البداية وكيف قابلت الكثير من اليهود في استديوهات السينما، وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في انجلترا وفرنسا وأمريكا وأخيرًا مصر، بكل صراحة وبكل وضوح تام، إنني مجرد مهرج ومشخصاتي، عاش في التظاهر ومثل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد”.

وضع حسن حسني 2 من اليهود مع رفعت ليرى علاقته بهم، والغريب في الأمر أن اليهود كانوا مقتنعين دون أدنى شك أنه ضابط يهودي وبطل حرب بالنسبة لهم، وبعد عمليات من التساؤل والافتراضات، عرض الضباط عليه أن ينسى اسمه ودينه وأنه سيكون شخص جديد بهوية جديدة ودين جديد.

وافق رفعت على ذلك فبدأوا يدربوه على الاقتصاد، وتعريفه كل شيء عن اليهود عاداتهم وتقاليدهم وديانتهم، وعلموه كل وسائل القتال وعمليات الكر والفر، وصناعة القنابل اليدوية والاسلحة باستخدام مواد بسيطة، والشفرات والحبر السري، وأصبح اسمه “جاك بيتون” شخصية جديدة من أب فرنسي وأم إيطالية ولد سنة 1919.

عاش رفعت -بعد ذلك- في الاسكندرية ما بين اليهود يعمل في وظيفة مرموقة، و-هنا- أصبح واحدًا من ضمن المجتمع اليهودي الموثوق به، وأندمج في منظمة سرية كانت تعمل في الاسكندرية كانوا يقومون بعمليات تخريبية في المنشأت الحيوية، وهناك تعرف على شخصيات بارزة في قلب إسرائيل فعُرف عندهم أنه شخصية صهيونية قوية ومتشددة، وتعرف على شخصيات مثل “مارسل نينوه” و”ماكس دينت” و”ايلي كوهين”، واستطاعت المخابرات المصرية أن تخدع أعين إسرائيل ليتجه الجمال لإسرائيل لتبدأ عملية الجاسوسية.

 

رجل الظل.. الأسطورة الذي وضع رقبته تحت المشنقة 17 عام في إسرائيل

بعد أن ترك الجمال الاسكندرية لم تكن الخطة أن يذهب إلى إسرائيل، ولكن كانت الخطة أن يدفعهم ليطلبوا منه ذلك، خاصة وهم يعتبرونه بطل قومي من المجموعة 131 الإرهابية التي تضم نخبة من الصهاينة.

وعلى السفينة قابل رجلان من الوكالة اليهودية طلبا منه أن يذهب إلى إسرائيل، ليبدأ حياته في وطنه الجديد لكنه رفض ولم يوافق إلا بعد إلحاح طويل، وعندما وصل تل أبيب أخذ الجمال عربة ليتجول بها ويتعرف على معالم البلدة، وقامت إسرائيل بعمل جواز سفر إسرائيلي له وكتبت في الوظيفة وكيل سفريات؛ ليبدأ في تأسيس شركة “citours” للسفريات في قلب تل أبيب لتكون الخلية التي تبدأ منها علاقاته.

 

في البداية رفعت كان عميل خامل تمامًا حتى لا يلفت الانظار، فكان عمله يقتصر على التعرف على الشخصيات اليهودية، ويقوم بترحيل اليهود من بيروت وغيرها من دول العالم لإسرائيل عن طريق شركته “citours”، وبالطبع فتح الشركة بالأموال التي حصل عليها من المخابرات المصرية، ومن المعروف أنه رجل أعمال لم يكن هناك أي شكوك تحوم حوله.

 

نصر أكتوبر المجيد.. ما قدمه الجمال للمخابرات المصرية

بلّغ الجمال المخابرات المصرية بصفقات الأسلحة بين فرنسا وإسرائيل في ألمانيا بقيمة 20 مليون دولار من غواصات ومراكب بحرية و هليكوبتر.

وقبل عام 1967 عرف أن إسرائيل قامت بعمليات مسح جوي لكل القواعد العسكرية الموجودة في مصر وسوريا والأردن والعراق، وأرشد قيادة الجيش أنه سيتم توجيه ضربات عسكرية موسعة خاصة في مصر، وبلغ الرؤساء بذلك إلا أنهم لم يعتدوا بكلامه حتى حصلت النكسة، -هنا- أحس الجمال بإحباط نفسي شديد وقرر أن يعتزل إلا أن المخابرات المصرية طلبت منه الاستمرار.

بدأ الجمال يوسع علاقاته مع اليهود في إسرائيل فتعرف على “موشيه ديان” و”عذرى وينر” و”جولد مائير”، كما عرف جميع رموز إسرائيل معرفة شخصية لدرجة أن موشيه عرض عليه أن يكون في التشكيل الوزاري لكنه رفض لأنه سيكون تحت المراقبة أكثر، كما عُرض عليه أن يكون وزير في مجلس الوزراء الإسرائيلي وأن يكون عضو في الكنيست الاسرائيل.

وفي حرب أكتوبر المجيد كان له دور حيوي وبارز، فقد أعطي خرائط النبالم في قناة السويس التي تم فتحها في حرب 1973.

 

الجمال قصة حب من النظرة الأولى

في ألمانيا أكتوبر 1963 تعرف الجمال على صديق له، قابله في مطعم إحدى الفنادق، وكان معه صديقتان “هيلجا” و”فلتراود” وقد اُعجب بالأخيرة من النظرة الأولى وصارحها بذلك، وطلب منها الزواج وأعطاها مهلة 10 ايام ليذهب في رحلة إلى فيينا، لم يهتم الجمال إن كانت متزوجة أو إن كان لديها طفلة تُسمى “اندريا” التي تبناها فيما بعد، لكنه ذهب لرؤية المخابرات ليتحرى عنها ويتأكد أنها لا تنتمي لأي جهاز، وبالفعل اتضح له أنها إنسانة بسيطة لتبدأ اجمل قصة حب ويتزوجا في 1964.

ولم يخبر الجمال زوجته بأي شيء ولكنه كان حريص جدًا على ألا تنجب ابنه “دانيال” في إسرائيل، لأنه لا يريد أن يأخذ الجنسية الإسرائيلية، وأصر أن تنجب في ألمانيا، وفي عام 1978 أحضر ابنه وأندريا وزوجته لزيارة مصر .

 


وفي مطلع الثمانينات اُصيب الجمال بسرطان في الرئة فقرر أن يستقر في ألمانيا -أرض محايدة-، على الرغم من رغبته العارمة أن يعود لمصر ولكنه لم يرد أن يلفت الأنظار حوله، وكانت صحته تنحدر حتى توفي في أخر يناير عام 1981، ليأتي تليفون للمنزل يخبرهم بوفاته وكانت وصيته ألا يُدفن في مقابر اليهود.
ما تركه لزوجته: “حبيبتي فالتراود عندما تقرئين هذه الكلمات يكون قد مضى وقت طويل منذ أن تركتكم، ربما تكونين الآن قادرة على قبول الحقيقة، أعرف كثرة الألم الذي تشعرين به، لن تعرفي ما كنت اُعانيه من عذاب بسبب كذبة اضطررت أن اعيشها، ارجوك لا تستبق الحكم علي، فأنت تعلمين أنني لم اُحب أحدًا أبدُا أكثر منك.

 

 

وصية الجمال.. رحيل من كسر شوكة إسرائيل

وقد كتب “الجمال” وصية تفتح في حال وفاته، وكان نصها كالتالى:

“هذه وصيتي أضعها أمانة في أيديكم الكريمة، السلام على من اتبع الهدى، بسم الله الرحمن الرحيم إنّا لله وإنّا إليه راجعون لقد سبق وتركت معكم ما يشبه وصية، وأرجو التكرم باعتبارها لاغية، وها أنذا أقدم لسيادتكم وصيتي بعد تعديلها إلى ما هو آت: في حالة عدم عودتي حيا أرزق إلى أرض الوطن الحبيب مصر أي أن تكتشف حقيقة أمري في إسرائيل، وينتهي بي الأمر إلى المصير المحتوم الوحيد في هذه الحال، وهو الإعدام شنقا، فإنني أرجو صرف المبالغ الآتية:
لأخي من أبي سالم على الجمال، القاطن.. برقم.. شارع الإمام على مبلغ.. جنيه. أعتقد أنه يساوى إن لم يكن يزيد على المبالغ التي صرفها على منذ وفاة المرحوم والدي عام 1935، وبذلك أصبح غير مدين له بشيء.

لأخي حبيب على الهجان، ومكتبه بشارع عماد الدين رقم…، مبلغ… كان يدّعي أني مدين له به، وليترحم عليّ إن أراد.
مبلغ… لشقيقتي العزيزة… حرم الصاغ… والمقيمة بشارع الفيوم رقم… بمصر الجديدة بصفة هدية رمزية متواضعة مني لها، وأسألها الدعاء لي دائما بالرحمة.
المبلغ المتبقي من مستحقاتي يقسم كالآتي: نصف المبلغ لـ… نجل الصاغ… وشقيقتي…، وليعلم أنني كنت أكن له محبة كبيرة. النصف الثاني يصرف لملاجئ الأيتام بذلك أكون قد أبرأت ذمتي أمام الله، بعد أن بذلت كل ما في وسعى لخدمة الوطن العزيز، والله أكبر والعزة لمصر الحبيبة إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

أساطير إسرائيل حول الجمال.. الضربة القاضية

الهجان بعد هزيمة إسرائيل ترك أثرًا بالغًا وكسرًا عميقًا في جهاز الموساد الحصين، الذي أنكر بطولة الهجان في البداية من خلال رسالة إذاعية قال فيها: “إن هذه المعلومات التي أعلنت عنها المخابرات المصرية ما هي إلا نسج خيال ورواية بالغة التعقيد وإن على المصريين أن يفخروا بنجاحهم في خلق هذه الرواية”.

لكن ومع انتشار القصة والضغوط العالمية والإعلامية على جهاز الموساد الإسرائيلي اضطر رئيس الموساد الأسبق “إيسر هاريل” بالإعتراف بأن السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الإسرائيلي، واستطرد: لكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون وهو الاسم الإسرائيلي للهجان.

وفقًا لما نشرته صحيفة “الجيروزليم بوست” الإسرائيلية صحيفة قالت: “إن رأفت الهجان استطاع أن ينشئ علاقات صداقة مع عديد من القيادات في إسرائيل، منها جولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة، وموشي ديان وزير الدفاع”.

وفي كتاب “الجواسيس” الذي نشره صحفيان إسرائيليان، قالا: “إن المعلومات المنشورة عن رأفت الهجان بمصر كلها صحيحة ودقيقة، وأنه الاسم الحركي للمواطن المصري رفعت علي سليمان الجمال من مواليد1 يوليو 1927”.

التعليقات