عنبسة بن سحيم.. القائد العربي الذي فتح فرنسا ووصل إلى ضواحي باريس

كتبت: ملك أمير

فُتحت الأندلس ودخل إليها الإسلام عام 711م في أواخر أبريل، كما نعرف فقد فُتحت على يد طارق بن زياد ولكن من هو القائد العظيم عنبسة بن سحيم الذي استكمل فتحها حتى وصل إلى فرنسا؟

من هو عنبسة بن سحيم؟

عنبسة بن سحيم الكلبي من قبيلة كلب اليمنية، المعروفة تاريخيًا بتأييدها للبيت الأموي.

هو أمير الأندلس، وواحد من القادة الذين استشهدوا في فرنسا أثناء فتحها.

تم تشبيهه بالقائد عقبة بن نافع من قبل بعد المؤرخين، وعقبة بن نافع هو بطل فتح المغرب العربي الإسلامي.

كيف تولى عنبسة قيادة الأندلس

كان من المفترض أن يتولى الأمير عبد الرحمن الغفاقي ولاية الأندلس بعد استشهاد بن مالك الخولاني في معركة طولوشة عام 102هـ.

ولقد مارس الغفاقي منصب القائد بالفعل لمدة شهرين بموافقة كبار القادة والزعماء.

ولكن بشر بن صفوان الكلبي، والي افريقية، كان له رأى آخر فكانت الأندلس تابعة له إداريًا، فقرر بشر بن صفوان الكلبي اختيار عنبسة بن سحيم قائدًا للأندلس.

كيف أدار عنبسة بن سحيم الأندلس

قد ساعد عنبسة في إعادة الأمن للأندلس أثناء الحروب التي خاضتها، ففعل الكثير في فترة قدرها 3 سنوات، فقد أعاد الأمن ونظم الإدارة.

وعد العدة للجهاد خلف جبال البرت، فتحسن واعتدل حال الأندلس بفضله.

وفي أواخر عام 724م تحرك عنبسة معه كثير من مسلمي الأندلس وعبر بهم جبال البرتات، وسلك نفس المعبر الذي سلكه السمح وجيشه من قبل.

ووصل إلى مقاطعة سبتمانيا التي تقع جنوب شرق فرنسا، وبدأ بتفقد أحوال المسلمين بها.

حصار قرقشونة

قرر عنبسة استعادة الأماكن التي خرجت عن طوع المسلمين بعد هزيمتهم في طولوشة.

فبدأ بمدينة قرقشونة في الشمال الغربي من نربونة، وضيق الخناق عليهم حتى أجبرهم على الخضوع وفرض عليهم شروط الصلح وهي:

1- إطلاق سراح الأسرى المسلمين المحتجزين في قلعة المدينة بعد هزيمة طولوشة.

2- التنازل عن البلد ودفع حاصل مجموع نصف أراضي الإقليم المحيطة بها للمسلمين.

3- إعطاء جزية للمسلمين في مقابل حمايتهم وإعطائهم حقوقهم وعدم المساس بكنائسهم.

4- مناصرة المسلمين الوقوف جانبهم ضد الأعداء.

وأصبحت قرقشونة قاعدة ثانية للمسلمين في فرنسا للتصدي لأى هجوم.

حصار نيمة

تحرك عنبسة شرقًا لافتتاح نيمة مرة أخرى، ففتتحها بيسر دون مقاومة من شعبها.

وأخذ بعض من أبناء زعمائها رهائن في برشلونة في الأندلس وراء جبال البرتات لضمان طاعة الزعماء وعدم تمردهم في المستقبل.

افتتاح شرق فرنسا

زحف عنبسة تجاه الشرق بإتجاه نهر الرون، حتى بلغ مدينة آرل التي تقع عند مصب هذا النهر.

وفتح بروفانس التي تقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من فرنسا، وهذا أتاح له التحرك باتجاه الشمال في أمان.

وصعد على طول نهر الرون وفتح أفينيون، وتقدم حتى وصل مدينة ليون الواقعة في النصف الشرقي من فرنسا وفتحها بدون مقاومة تُذكر.

تغيير الاتجاه

توقف بعدها عن الاتجاه للشمال وانحرف للاتجاه ناحية الغرب وعبر نهر الساؤون حتى وصل مدينة أوتون الواقعة في وسط فرنسا في أغسطس 725م.

ومن أوتون بعث عنبسة السرايا في مختلف الاتجاهات لافتتاح أماكن جديدة، فاستطاعوا فتح: لوكسيل، فيين، ماكون، شالون، بون، ديجون، وغيرها من وسط شرقي فرنسا.

افتتاح باريس

وصل عنبسة إلى مدينة صانص الواقعة شمالًا، وهي أقرب نقطة وصل لها المسلمون لباريس فهي تبعد 30 ميل عن باريس، كما أنها أبعد نقطة وصل لها قائد مسلم في أوروبا.

وبعد السيطرة على المدن القريبة من باريس انسحب عنبسة إلى الجنوب مرة أخرى؛ بسبب فصل الشتاء البارد.

هذه الانتصارات التي حققها المسلمون؛ أدت إلى بث الرعب في قلوب مملكة الفرنجة وفي الدوقيات الجنوبية والوسطى في فرنسا.

وهذا لأن المسلمين استطاعوا السيطرة على نهر الرون وعلى مدن جنوب شرق فرنسا ووسطها حتى تخطوا نهر اللور وكانوا قريبين من الوصول لنهر السين.

كيف استشهد عنبسة بن سحيم

برغم افتتاح المسلمين لكل هذه المناطق في وقت قصير إلا أنها لم تمكث تحت سيطرتهم لفترة طويلة.

وكان هذا بسبب نقص الموارد البشرية وانعدام التعزيزات من الأندلس، فاستغل الفرنسيون هذا في طريق عودته إلى الجنوب بسبب الشتاء القارص.

هجمت جموع هائلة من الافرنج على عنبسة أثناء عودته إلى جيشه وقاعدته في الجنوب، وكان من الصعب على المسلمين المحاربة في هذه الأجواء مع تساقط الثلوج والجو الممطر فهذه أجواء لم يعهدها المسلمون من قبل.

وانتهت المعركة باستشهاد القائد العظيم عنبسة بن سحيم وبعضًا من أصحابه في عام 725م.

تسبب استشهاده في ضعف وقلة معنويات المسلمين فعاد بقية الجيش إلى قاعدتهم في سبتمانيا وقاعدة نربونة.

تولى عذرة عبد الله الفهري قيادة الجيش بعد وفاة عنبسة في طريق العودة.

سبب عدم ذهاب عنبسة لفتح طولوشة

هذا سؤال يراود كل من يعرف القصة كاملةً، فقد كانت طولوشة على مقربة من قرقشونة فلماذا لم يتوجه إليها بعد افتتاح قرقشونة؟

هذا بالتأكيد ليس بسبب الخوف من قائدها اودو بعدما هزم المسلمين في معركة طولوشة وقتله لابن مالك الخولاني.

وقد كانت الاجابة الأكثر منطقية واعتمدها المؤرخون، أن الدوق اودو هادن المسلمين بسبب معرفته لقوتهم وعدم الرغبة في الخوض معهم في معركة، وإلا ما من سبب آخر سيجعل المسلمون يتركون طولوشة وهم على أطرافها والانحراف ناحية الشرق.

وكانت هذه هي قصة قائد الأندلس، فقد حكم عنبسة الأندلس 4 سنوات قضى 3 منهم في إصلاحها وإعادة أمنها، فقد كان خير قائد لها.