فانوس رمضان.. ظهر في العصر الفاطمي.. 4 قصص تسببت في اختراعه

فانوس رمضان

الزمان: 5 رمضان 357 هجري

 

 

المكان: مدينة القاهرة، الدولة الفاطمية 

عند قدوم شهر رمضان ترى الشوارع والبيوت قد تزينت بالفوانيس، بينما يركض الأطفال حاملين براحة أيديهم أشكال مختلفة لفانوس رمضان ذاك الذي يُعبر عن الشكل الفلكلوري للشهر الكريم.

فما قصة هذا الفانوس الذي صار مظهرًا شعبيًا أصيلًا في الوطن العربي، ومرتبطًا بقدوم شهر رمضان المبارك؟

 

 

فانوس رمضان

فانوس رمضان.. رمز الإنارة

كلمة فانوس هي كلمة إغريقية الأصل تعني الإضاءة أو الإنارة، وتظهر في بعض اللغات باسم “فناس” أما في اللغة العربية فيطلق عليه أسماء متعددة مثل: السراج والفتيلة الموقودة والقنديل والمصباح.

فانوس رمضان

ظهر الفانوس في الشعر العربي في مجلس الحجاج بن يوسف بن علي، عندما أقترح أحد الحاضرين أن ينشدهم الحجاج بشيء عن الفانوس بغرض تعجيزه ولكن الحجاج قال واثقًا:

ونجم من الفانوس يشرق ضوءه

ولكنه دون الكواكب لا يسري

**

ولم أرى نجم قط قبل طلوعه

إذا غاب ينهى الصائمين عن الفطرِ

 

اُستخدم الفانوس في عصر صدر الإسلام لأول مرة ولكن لم يكن مرتبطًا بشهر رمضان، فكان الغرض منه هو الإنارة ليلًا عند الذهاب للمساجد أو زيارة الأصدقاء والأقارب.

فانوس رمضان

4 روايات حاولت تتبع أصل الحكاية

تعددت الأقاويل والروايات عن أصل فانوس رمضان وكيف ظهر وارتبط بالشهر الكريم.

ولكن اتفقت جميع الروايات على أن المنبت لظهور هذه العادة التراثية كان مصر وبصفة خاصة القاهرة في عهد الدولة الفاطمية.

والتي انطلقت منها إلى دول العربية مثل حلب ودمشق والقدس وغزة.

فانوس رمضان

الرواية الأولى.. المحروسة في استقبال المعز

تقول الرواية أنه يومًا دخل المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادمًا من المغرب في 5 رمضان عام 357 هجري.

وخرج المصريون في موكب كبير أشترك فيه الرجال والنساء والأطفال على أطراف الصحراء الغربية للترحيب به.

ولذلك كانوا يحملون الفوانيس الملونة والمزينة لإضاءة الطريق له، ومنذ ذاك الحين بقيت الفوانيس تُضيء الشوارع حتى آخر شهر رمضان، لتصبح عادة يلتزمون بها كل عام في الشهر الكريم.

الرواية الثانية.. استطلاع الهلال

في بعض الروايات كان الخليفة الفاطمي يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان.

وكان الأطفال يخرجون معه لينيروا له الطريق حاملين فوانيس، ويبدؤن بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيرًا عن سعادتهم باستقبال الشهر الفضيل.

الرواية الثالثة.. لا خروج للنساء إلا في رمضان

يُقال أنه في العصر الفاطمي في عهد الحاكم بأمر الله في القرن العاشر الميلادي.

ولم يكن مسموحًا للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان، بشرط أن يسبقهن غلام يحمل فانوسًا لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق.

لكي يبتعدوا.. وبعد زوال الدولة الفاطمية استمر الأطفال في الخروج إلى الشوارع يحملون فوانيس مضيئة يلعبون بها.

الرواية الرابعة.. إضاءة الشوارع

يُحكى أنه في عهد الدولة الفاطمية أراد أحد الخلفاء الفاطميين أن ينير شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس تحمل شموعًا مضيئة بداخلها.

فانوس رمضان.. رمز الفرحة وتقليدًا محببًا

على الرغم من تعدد الأقاويل في أصل الفانوس فإنه يظل أولًا وآخرًا رمزًا خاصًا مرتبط بشهر رمضان الكريم وتقليدًا محببًا يتوارث من جيل إلى جيل.

ولذلك يقوم الأطفال بحمله في شهر رمضان ويخرجون إلى الشوارع وهم يلعبون ويمرحون.

حتى الكبار يحتفلون به فيعلقونه في الشوارع وعلى الشرفات وأمام البيوت وحتى على الأشجار.

فانوس رمضان

صناعة الفانوس.. ليست موسمية لكنها دائمة

تستمر صناعة الفوانيس طوال العام فيتفنن صُناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في رمضان الذي يعد موسم رواج هذه الصناعة.

وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها هذه الصناعة، خاصة في منطقة تحت الربع القريبة من حي الأزهر، والغورية، ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب، فتجد أشهـر ورش الصناعة وكذلك أشهر العائلات التي تتوارثها جيلًا بعد جيل.

فانوس رمضان

 

من صفيحة وشمعة إلى حركة وصوت

شهدت صناعة الفانوس تطورًا كبيرًا فبعد أن كان الفانوس عبارة عن علبة من الصفيح توضع بداخلها شمعة.

ثم تم تركيب الزجاج مع الصفيح مع عمل بعض الفتحات التي تجعل الشمعة تستمر في الاشتعال.

ثم بدأت مرحلة أخرى تم فيها تشكيل الصفيح وتلوين الزجاج ووضع بعض النقوش والأشكال عليه ويتم ذلك يدويًا عن طريق استخدام المخلفات الزجاجية والمعدنية.

لذلك كان يتطلب مهارة خاصة ويستغرق وقتا طويلا.

فانوس رمضان

أنواع الفوانيس.. البرلمان وفاروق

وتوجد بعض الفوانيس المعقدة من ناحية تصميمها مثل الفانوس المعروف “بالبرلمان”، والذي سمى بذلك نسبة إلى فانوس مشابه كان معلقًا في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينات من القرن الماضي.

كذلك الفانوس المسمى “فاروق” والذي يحمل اسم ملك مصر السابق والذي كان قد صمم خصيصًا لأحتفال القصر الملكي بيوم ميلاده.

ولذلك تم شراء ما يزيد على 500 فانوس من هذا النوع يومها لتزيين القصر الملكي.

 

ظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الأزمان ليظهر الفانوس الكهربائي الذي يعتمد على البطارية واللمبة في تشغيله، وما هي إلا لحظات حتى خرج لنا ذلك الفانوس المتكلم الذي يصدر موسيقى وأغاني، ويُشكل على هيئة شخصيات كرتونية لينتهي بذلك عصر الفانوس المحتضن للشمعة المضيئة.

وحاليًا يمكن للجميع صناعة فانوس رمضان في المنزل باستخدام أبسط الأدوات؛ لإضافة أجواء رمضانية مبهجة للبيت.

التعليقات