كتبت: ضحى أشرف
محمد عبد الغني الجمسي.. علمته الحرب العالمية الثانية درسًا كبيرًا، وكان له دور كبير في اختيار توقيت هجوم حرب أكتوبر.
إنه القائد العظيم محمد عبد الغني الجمسي آخر من حمل لقب وزير الحربية، وصاحب كشكول النصر فدعونا نتعرف عليه.
من هو الجمسي؟
هو محمد عبد الغني الجمسي، ولد في 9 سبتمبر 1921 بقرية البتانون التابعة لمحافظة المنوفية.
وتربى في أسرة ميسورة الحال؛ حيث كان والده يعمل مزارعًا في أراضي المنوفية.
تعليمه
والتحق بمدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم، وتخرج منها عام 1936.
ثم لعب القدر دوره حينما تخرج منها، وكان ذلك بفضل حكومة النحاس؛ التي فتحت باب الالتحاق بالكلية الحربية لجميع الأعمار والطبقات.
التحاقه بالكلية الحربية
التحق حينها بالكلية وهو في الـ17 من عمره، مع عدد من الأشخاص الذين قدرأن يكون لهم دور في تغيير تاريخ مصر أمثال: ”جمال عبد الناصر، وجمال سالم”، ثم تخرج من سلاح المدرعات عام 1939.
تأثير الحرب العالمية الثانية في حياته
ومع بداية الحرب العالمية الثانية؛ عين ضابطًا في الصحراء الغربية، وكان لتعينه هناك دورًا هامًا في تعليمه درسًا مفيدًا ظل يتذكره لأكثر من 30 عامًا.
وذلك حينما دارت هناك أعنف معارك الدبابات بين قوات مونتجمر وقوات روميل.
تدريسه للتاريخ الإسرائيلي العسكري
وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية واصل مسيرته العسكرية، حيث عمل ضابطًا بالمخابرات الحربية، ثم مدرسًا بمدرسة المخابرات.
وتخصص في تدريس التاريخ العسكري الإسرائيلي الذي كان يتحدث عن كل ما يتعلق الدولة عسكريًا من التسليح حتى المواجهة.
وبعد ذلك تلقى العديد من الدورات التدريبية العسكرية في كثير من دول العالم، كما حصل على العديد من الإجازات.
مثل: إجازة كلية القادة والأركان عام 1951، وإجازة أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 1966.
رفض عبد الناصر استقالته
قبل حرب67؛ تقدم المشير الجمسي باستقالته من القوات لمسلحة، حتى يعطي الفرصة للجيل الجديد لاسترجاع الأرض من العدوان.
ولكن الرئيس جمال عبد الناصر رفض تلك الاستقالة، كما أسند له مهام الإشراف على تدريب الجيش المصري مع العديد من القيادات العسكرية المشهود لهم بالخبرة، استعدادًا للانتقام.
وكان من أكثر قيادات الجيش دراية بالعدو، بفضل دراسته لتاريخهم العسكري.
وقد ساعده ذلك على الظهوربقوة، فتولى وقتها رئاسة العديد من المناصب، مثل رئاسته هيئة تدريب القوات المسلحة.
ثم رئاسته هيئة عمليات القوات المسلحة عام 1972، ولم يتركه إلا أثناء الحرب بسبب شغله منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
دوره في حرب أكتوبر.. ” كشكول النصر”
وعندما اقترب موعد الهجوم على الصهاينة، قامت هيئة القوات المسلحة بقيادتها، بإعداد دراسة عن أنسب أوقات تصلح لقيام العملية الهجومية.
حتى يتم وضعها أمام السادات، ورئيس سوريا حافظ الأسد، وذلك حتى تختار الجبهتين أنسب توقيت لهما.
فتم اختيار يوم 6 أكتوبر استنادًا على دراسة “كشكول الجمسي.”
وقد أشار الجمسي في كتابه (مذكرات حرب أكتوبر) عن ذلك الكشكول قائلًا:“سلمت هذه الدراسة بنفسي مكتوبة بخطي لضمان سريتها للفريق أول أحمد إسماعيل”.
الذي قال أنه عرضها وناقشها مع الرئيس السادات في برج العرب بالإسكندرية في إبريل 1973، وبعد عودته أعادها لي بيده ونقل انبهار وإعجاب الرئيس السادات بها.
كما عبر الفريق أحمد إسماعيل عن شكره لهيئة عمليات القوات المسلحة لمجهودها في إعداد الوثيقة بقوله: “لقد كان تحديد يوم الهجوم عملاً علميًا علي مستوى عاليً، وإن هذا العمل سوف يأخذ في التقدير”.
بأنه سوف يدخل التاريخ العلمي للحروب كنموذج من نماذج الدقة الكاملة، والبحث الأمين”.
وتابع الجمسي حديثه قائلًا: “وهنا لا بد أن أسجل فضل العقول المصرية في هيئة عمليات القوات المسلحة، مع عقول في التخصصات المختلفة الأخرى بالقوات المسلحة”.
“التي ساهمت في بحث يوجد فيه نواحٍ علمية وفنية كثير؛ والتي لولاها لما أمكن تحديد أنسب شهر وأفضل يوم لشن الحرب”.
وأعقب كلامه قائلًا: ”وحتى أعطي الفضل لأصحابه فإني أقول أن هذه الوثيقة هي كشكول هيئة عمليات القوات المسلحة، التي أعتز وأفخر أني كنت رئيسها في فترة هامة تاريخ القوات المسلحة وتاريخ مصر”.
ترقيته لرتبة فريق أول
كما اختاره الرئيس السادات قائدًا للمفاوضات مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر.
وتم ترقيته وقتها إلى رتبة الفريق أول مع توليه عدة مناصب مثل توليه منصب وزير الحربية عام 1974، كما صار قائدًا عامًا للجبهات العربية الثلاث في 1975.
بالإضافة إلى ترأسه الوفد المصري في يناير 1974، وذلك عندما أخبره وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.
بموافقة السادات على انسحاب أكثر من 1000 دبابة و70 ألف جندي من تاريخ القوات المسلحة وتاريخ مصر
فرفض المشير الجمسي وقام بالاتصال سريعًا بالرئيس السادات؛ الذي أكد كلام هنري بالانسحاب.
مناصبه العسكرية الداخلية
تولى الجمسي العديد من الوظائف العسكرية الرئيسية، ومنها توليه لقيادة اللواء الخامس مدرعات بمنطقة قناة السويس في 1959.
وتوليه لرئاسة أركان المدرعات في 1957، بالإضافة إلى كونه قائدًا للواء الثاني مدرعات في 1958.
كما التحق أيضًا ببعثة المدرعات في أكاديمية فرونزي في 1960، بالإضافة إلى توليه منصب قائد مدرسة المدرعات عام 1961، وغيرها من المناصب.
مناصبه العليا داخل القوات المسلحة
عُين المشير الجمسي رئيسًا لهيئة العمليات للقوات المسلحة في يناير 1974 وذلك في اطار الاستعداد لحرب أكتوبر.
ثم عين رئيسًا لأركان للقوات المسلحة بعد الفريق سعد الدين الشاذلي في 1973، ثم وزيرًا للحربية وقائدًا عامًا للقوات المسلحة من ديسمبر 1974 حتى أكتوبر 1978.
وفاته
توفي الجمسي في 7 يونيو 2003، بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز 82 عاما.
عاش خلالها حياة حافلة، وقد حضر جنازته العديد من الشخصيات الهامة والمرموقة.
أقوال مأثورة عنه
ومن أقواله المشهورة:
“إن الرجل العسكري لا يصلح لأن يعمل كسياسي، وإن سبب هزيمتنا في 1967، كان انشغال رجال الجيش بميدان السياسة”
وعندما سُئل عن القرار الذي ندم عليه في حياته أجاب باكيًا :
“اشتراكي في التفاوض مع اليهود”.
وأكمل قائلٌا:
“وهو الأمر الذي كنت أرفضه بشده إلى أن جاء الأمر من القيادة العليا بالجلوس على مائدة المفاوضات”.
وبهذا يمكننا القول بأن مصر أنجبت العديد من القادة الأجلاء؛ الذين ساهموا من كل قلبهم في تحرير مصر من العدوان.
وكان منهم هذا المشير العظيم، الذي بفضله هو وفريقه؛ تمكنت مصر من النجاح في حربها ضد العدوان الصهيوني.
التعليقات