
كتبت: شروق الشحات
نسمع من حين لآخر عن أغنى رجال العالم الذين تعلن عنهم الصحف والمواقع العالمية.. ولكن هل سمعت من قبل عن أغنى رجل على وجه الأرض.. وفقا لتقرير “مجلة فوريس” فإن أغنى رجل علي وجه الأرض، هو “جيف بيزوس”، رجل الأعمال الشهير، وتقدر ثروته 131 مليار دولار، إلا أنه لا يعني الأغنى على مر التاريخ.
فهناك العديد من الشخصيات الأخرى، الذين سبقوه حققوا ثروات تفوق ثروته بكثير، ومن هؤلاء الأشخاص الملك «منسا موسى»، الذي يعتبر أغنى رجل عرفه التاريخ.
حيث أشار خبراء اقتصاديون، أنه من المستحيل تحديد ثروته في رقم، وفقا لموقع المشاهير «نت ورث»، وسنتعرف في هذا التقرير على أغنى رجل في التاريخ.
الملك «منسا موسى» هو ملك إفريقي، ولد سنة 1280 ميلاديا، عائلته من الحكام، يعرف باسم “كانجا موسى”، أو “كانون موسى”، أو “نياري نيكاتي”، أو “موسى الأول”، وهو الملك العاشر بمملكة “مالي”، واسم “منسا” يعني بلغتهم المحلية المعروفة باسم لغة “الماندنجو” أي السلطان، وهو لقب إفريقي محلى معروف لكل الملوك والحكام في هذه البلاد، بينما اسم هذا الملك هو “موسى”.
مملكة مالي
تأسست منذ حوالي القرن الخامس الهجري، في غرب إفريقيا، و هي المنطقة التي تعرف في غرب إفريقيا “ببلاد السودان الغربي”، وكان الإسلام في ذلك الوقت انتشر في تلك المنطقة، وفي عهد “منسا موسى”، كان مالي بها ما يقرب من نصف الذهب في العالم وفقا للمتحف البريطاني.
وكان حكام هذه البلاد ينشؤن بها المساجد والزوايا والمدارس، في ممالكهم الأفريقية و في المدن الكبرى، مثل “تمبكتو، وجاو، وجني” تلك المدن الأفريقية المعروفة التي تقع بالقرب من نهر النيجر.
حكم مالي
تولي ملك الذهب حكم مالي سنة 1312م إلى 1838م، ويعتبر واحدا من أعظم الحكام في تاريخ الملوك الأفريقية، وخلال حكمه سيطر على أكثر مناطق غرب إفريقيا المليئة بالذهب، ولهذا سمي عصره بالعصر الذهبي عبر تاريخ مملكة مالي.
ملك الذهب
كان “منسا موسى” مسيطرا على كافة مناجم الذهب في غرب إفريقيا، وأبرازها أراضي “غانا” التي عرفت بعد ذلك “بساحل الذهب”، كما أنه كان يتحكم في تجارة الذهب في الأسواق التي يباع فيها الذهب الأفريقي.
تجارة الملح والذهب
كان التجار العرب والأجانب يذهبون إلى أسواق الذهب الكبرى في غرب أفريقيا، ويأخذون معهم الملح ليقايضوا الملح بالذهب، حيث كان الملح يقايض بوزنه ذهب، وذلك لعدم وجود الملح في غرب إفريقيا وعدم قدرتهم على الإستغناء عنه، فأصبح الملح أغلي من الذهب.
رحلة حج منسا موسى
تذكر الروايات التاريخية أن “منسا موسى” أراد الحج كعادة السلاطين الأفارقة، زيادة على أمر شخصي وقع له، حيث تسبب في مقتل أمه “نانا كنك” بطريق خطأ، شعر بالندم الشديد لذلك، وحزن حزنا شديدا على فراقها، لأنه كان يحبها.
وتصدق بالكثير من الأموال، ونوي كثرة الصوم ليتب عن ذلك الذنب الذي فعله، ولكن لم يكفي ذلك لإزالة همه، فسأل أحد العلماء في مملكته عن أفضل وسائل لطلب المغفرة، فأجابه بأداء فريضة الحج، أن يذهب إلى هناك ويطلب من الله المغفرة.
موكب الحج أو الموكب الذهبي
خرج منسا موسى قاصدا حج بيت الله، في موكب يضم عشرات الآلاف من الحجاج، في إحدى الروايات تذكر، أن الموكب كان يضم 60,000 شخص، وكان يسبقهم حوالي 500 من العبيد، من خدم الملك، وكان به قرابة 14,000 جارية، وقرابة 500 من سيدات الشرف، وأعداد هائلة من الحرس والجنود، وقيل أنه كان يحمل قطعة من الذهب الخالص، تزد حوالى 500 مثقال، وحمل في موكبه 40 خفا محملا بالذهب كانت تحمل على ظهور الإبل.
ويقدر في زماننا الذهب الذي حمله في الموكب بقيمة 100 مليار دولار، ولهذا السبب ليس من العجيب أن يقال بأن “منسا موسى” أغني رجل عرفه التاريخ.
طريقه إلى الحج
سلك موسى في طريقه إلى الأراضي المصرية، طريق “القوافل الغربية”، وهو طريق يبدأ من منحني نهر النيجر، في اتجاه الشمال الأفريقية، وقد بدأ رحلته سنة 1324م، وبعد رحلة شاقة وصل إلى مدينة القاهرة، حيث كانت القاهرة من أهم محطات رحلات الحج منذ القدم، وذلك انتظارا لخروج “موكب الحج المصري”، الذي يحمل كسوة الكعبة في كل عام.
وكان الملوك والحكام يحرصون على الذهاب إلى بلاد الحجاز برفقة “الموكب المصري”، وكان يقوده واحد من كبار الأمراء في البلاط المصري، المعروف باسم أمير الحج.
استقبال “موسى” في القاهرة
قابل موسى سلطان مصر وهو “الناصر محمد بن قلاوون” من سلاطين دولة المماليك، وقدم له هدية ثمينة من الذهب وأعطاه الهدايا، وأحسن سلطان مصر ضيافته، وأعطاه خيلًا وقصرًا له هو وحاشيته، وأوصى بالإهتمام به حتى خروجه مع “الموكب المصري”.
ذهب موسى لاكتشاف أسواق مدينة القاهرة، وانبهر بها وكانت القاهرة في ذلك الوقت درة الشرق، وعاصمة الإسلام الكبرى في زمن المماليك، واشتري موسى أشياء كان يحتاجها، وقيل أنه أسرف في الشراء إسرافًا شديدًا، حتى انخفض سعر الذهب في ذلك الوقت كثيرا في القاهرة، بسبب ما أنفقه في الأسواق.
خرج “موسى” إلى الحج بصحبة “الموكب المصري” إلى بلاد الحرمين، وأنفق العديد من الأموال على الفقراء والمساكين، وطلاب العلم وغيرهم، وبعد أن انتهي من فريضة الحج وارتاح قلبه.. عاد إلى مصر ليرتاح بها قبل عودته إلى مالي، ثم بدأ في العودة إلى بلاده، ولم يكن معه أموال أنفق كل ما لديه من الأموال والذهب، واستدان من بعض كبار التجار المصريين، وعاد معه بعضهم ليسترد أمواله منه، وكان منهم تاجر معروف تذكره المصادر باسم “ابن الكويك” وعاد إلى بلاده عام 1325م.
رحلته إلى الألطلنطي
كان “موسى” عاشقا للمحيط الألطلنطي، فقرر الذهاب إلى رحلة استكشافيه مع أسطول من 2000 سفينه، والآلاف من الرجال والنساء والعبيد، التي ضمت 60 ألف شخص منهم 12000 من العبيد.
وبعد رحلته الاستكشافيه عاد بعدد من علماء المسلمين، وقام بتصميم مسجد شهير في وسط مالي عام 1327، وقيل أنه أثناء الرحلة مر بالقاهرة وعدد من الدول الأخري، وأنفق بها الكثير من الأموال، وترك الكثير من الذهب في المناطق التي مر منها.
مما أدى إلى حدوث خسائر كبيرة في منطقة “الشرق الأوسط” تقدر 1,5 مليار دولار، وقدرت شركة “سمارت أسيتس” ومقرها الولايات المتحدة، بأن هذه الخسائر نتيجة لانخفاض قيمة الذهب.
التعليقات