في ذكرى مولد النبي.. تعرف على قصة نزول الوحي ومراحل الدعوة النبوية

الزمان: 21 هـ / 610 م

المكان: مكة المكرمة

كتبت: ضحى أشرف

نزول الوحي.. تمر في هذه الأيام ذكرى مولد حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وبمناسبة تلك الذكرى؛ دعونا نتعرف كيف نزل الوحي عليه، وكيف حاربته قريش.

موعد نزول الوحي

ذكرت العديد من الكتب تاريخ نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فحددت أن التاريخ الهجري كان يوم الاثنين في 21 رمضان، والتاريخ الميلادي كان يوم 10 أغسطس عام 610.

كما حدد كتاب “الرحيق المختوم” نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد يوم نزول الوحي بأنه يوم الاثنين لإحدى وعشرين من شهر رمضان ليًلا، ويوافق 10 أغسطس سنة 610 م.”

بداية قصة نزول الوحي

بدأت قصة الوحي بظهور دلائلُ وعلاماتٌ لتهيئة رسول الله للنبوة، حيث ورد عن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه -وهو التَّعَبُّدُ- اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ).

نزول الوحي على رسول الله

كان من عادة رسول الله “صلى الله عليه وسلم” زيارة غار حراء، ليختلي بنفسه، وينعزل عن الناس، ويتأمل مَلكوت السماء والأرض.

آمًلا أن يجد إجابة عما يدور في نفسه من تساؤلات لما يشعر به، لعلها تشفي حيرته، حتى أصبح مهيئًا تمامًا لتلقّي النبوة.

في إحدى ليالي تعبده بعد بلوغه سن الـ40، فوجئ بجبريل أمامه وهو على هيئة رجل، وهو يقول له اقرأ، فقال له الرسول” ما أنا بقاريء” أي لا أجيد القرأة».

فقال له جبريل مرةً أخرى : اقرأ، فقال له رسول الله :«ما أنا بقارئ».

فقال له جبريل في المرة الثالثة: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾، فأدرك محمد ﷺوقتها أن عليه أن يعيد وراءه هذه الكلمات.

زملوني.. زملوني، احتماء رسول الله بخديجة -رضي الله عنها-

بعدها رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- مرتجفَا إلى خديجة” رضي الله عنها، وقال لها “زملوني، زملوني”.

فزملته وهدأت من روعه، فقال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “ما لي”؟، وروى لها ما حدثَ معه وقال لها “ لقد خشيت على نفسي”.

فردت عليه بقولها ”كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.

ثم قامت باصطحابه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، الذي كان نصرانيًا وشيخًا؛ فقال له:”هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى”.

نزول الوحي

ثم جاءه جبريل مرةً أخرى وهو جالس على كرسي بين السماء والأرض، ففر منه الرسول (ص) رعبًا حتى وقع على الأرض.

وذهب إلى خديجة وقال لها:”دثروني، دثروني، وصبوا علي ماءً باردًا”.

فنزلت أول خمس أيات من سورة المدثر، التي كانت بداية رسالته ثم بدأ الوحي ينزل متتابعًا لمدة 23 عاماً.

الدعوة للإسلام

وبعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدأت مرحلة جديدة من الإسلام وهي مرحلة الدعوة.

وقد انقسمت تلك المرحلة إلى شقين وهما:

المرحلة السرية “المرحلة الأرقميّة”

استمرت تلك المرحلة لمدة 3 سنوات، وفيها كان رسول الله يقوم بنشر الدعوة بين اقاربه، وأفراد أسرته، واصدقائه

وقد أسلم معه في تلك المرحلة 40 شخصًا منهم خديجة، وصديقه أبو بكر في أوائل أيام الدعوة.

وأسلم معه أيضًا علي بن أبي طالب في السنة الأولى من الدعوة، بالإضافة إلى الصحابي زيد بن حارثة.

وكان مقر المسلمين حينها  “داربن الأرقم”، حيث كان الرسول -عليه الصلاة والسلام يُعلّمهم فيه أمور الدين.

الدعوة الجهرية

بدأت تلك المرحلة، بنزول قول الله -تعالى-: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).

فوقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينها على جبل على جبل الصفا ونادى عليهم قائًلا:( يا بني فهر يا بني عديٍّ – لبطون قريش)، حتى اجتمعوا، كما أرسل كل من تغيب رسولاً لينظرما هو الخبر؟.

فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصِّدقي؟.

قالوا ما جربنَّا عليك كذباً.

قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال له أبو لهب: “تباً لك ألهذا جمعتنا؟”.

موقف قريش من الدعوة

بدأت قريش تُعارض الدعوة بكلّ ما تملكه من الأساليب ومن أبرز الأمثلة التي تعرّض لها رسول الله، وأصحابه من الإيذاء في سبيل نشر الدعوة:

1- تعرُّض رسول الله -عليه الصلاة والسلام- للضرب من قريش؛ بحُجّة احتقاره آلهتهم، وسبّها.

وقد دافع عنه في ذلك الوقت أبو بكر الصديق، وقال لهم: “أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟”.

2- تعرُّض الرسول أيضًا للإيذاء من قِبَل عمّه أبي لهب وزوجته؛ فكانت زوجته ترمي الحطب والشوك في طريقه.

حتى نزل قول الله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ*سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ*وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ*فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ).

3- بالإضافة إلى تعرُّض الصحابة -رضي الله عنهم لمختلف أنواع التعذيب؛ فقد تعرّض أبو بكر للأذى، وضُرِب على وجهه، كما تعرّض بلال بن رباح لمختلف أنواع الأذى.

أساليب قريش لمحاربة الدعوة

1- السخرية والتحقير

وقد لجأوا لذلك حتى يخفضوا من روح المسلمين المعنوية، فنجد أنهم قد رموا النبي صلى الله عليه وسلم بتهم كثيرة.

وكذلك كانوا يشتمنونه، فكانوا ينادونه بالمجنون.

كما كانوا يشيعونه ويستقبلونه بنظراتِ غاضبة فقد وصفهم القرآن بـ:”وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ”.

وكان النبي إذا جلس وحوله أصحابه استهزأوا بهم وقالوا: هؤلاء جلساؤه: “مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا، وقد رد الله تعالى على سخريتهم: “أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ”.

2- تشويه تعاليمه وإثارة الشبهات

وكانت قريش أيضًا تصفون القرآن بأوصاف شنيعة، حيث قالوا عنه: “وقالوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا”.

بالإضافة إلى قولهم : “إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُون”.

3- هجوم رؤساء قريش

كما ذكر أن النضر ببن الحارث قال لقريش ذات مرة: “يا معشر قريش، والله لقد نزل بكم أمر ما أوتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثًا”.

“وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في رأسه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به، قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم”.

“وقلتم كاهن، لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم.”

“وقمتم بوصفه أنه شاعر لا والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه”.

“يا معشر قريش فانظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم”.

ثم ذهب بعدها إلى الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث (رستم واسفنديار)، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا للتذكير بالله والتحذير من الكفر به.

قال النضير: “والله ما محمد بأحسن حديثًا مني، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار”.

ثم يقول: “بماذا محمد أحسن حديثًا مني؟”.

4- المساومات

كما حاول المشركون أن يصلوا مع النبي إلى حل وسط، بأن يترك المشركون بعض ما هم عليه، ويترك النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما هو عليه، وهذا ما أشار إليه القرآن في قوله تعالى: “وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ”.

وهناك رواية تفيد أن المشركين عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم عامًا، ويعبدون ربه عامًا؛ ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم اعترض.

5- الاضطهادات

وبعد نفاذ وسائلهم،اضطروا إلى طريق الاضطهاد والتعذيب، وكونوا منهم لجنةـ أعضاؤها خمسة وعشرون رجلاً من سادات قريش، وكان رئيسها أبو لهب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد تشاورهم، ‘اتخذت هذه اللجنة قرارًا ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضد أصحابه.

فقررت أن يقوموا بمحاربة الإسلام، وإيذاء الرسول، وتعذيب المؤمنين به، والتعرض لهم بكل أنواع العنف.

هجرة النبي إلى المدينة

وبعدما اشتدت أساليب قريش في مواجهة الدعوة قرر الرسول صلى الله عليه وسلم الإنتقال إلى المدينة من أجل الاستقرار، وتأسيس دولة في نفس الوقت.

ولقد أمر الرسول الله بالهجرة إلى المدينة المنورة بعد مابيعته أهل يثرب على الإسلام.

فأمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، وأن يلحقوا بإخوانهم من الأنصار.

وحينها كان مقر النبي بمكة؛ ينتظرالإذن من الله حتى يلحق باصحابه.

وبعد ما أذن للرسول الله بالهجرة إلى المدينة المنورة، ذهب لأبي بكر ليخبره بذلك، حتى يستعدا للرحيل.

وقدّم أبوبكر راحلتين، كان قد أعدّهما لهذا السفر، واستأجر عبد الله بن أريقط، ليدلّهما على الطريق.

ما ظنك باثنين الله ثالثهما.. النبي  وصاحبه في الغار

وبعدها خرج رسول الله هو أبو بكر من مكة المكرمة في الخفاء.

كما أمر أبو بكر ابنه عبدالله بأن يتسمع أخبار أهل مكة.

وكلف عامر بن فهيرة برعاية غنمه نهارًا وارحتها عليهما ليًلا وكان دور أسماء أن تأتيهما بالطعام.

وعند وصولهما إلى الغار، دخل أبو بكر قبل رسول الله “صلى الله عليه وسلّم” وذلك ليتأكد من أمان الغار.

دخول العنكبوت إلى الغار

وما إن دخلا إلى الغار حتى أرسل الله تعالى عنكبوتًا، نسجت خيوطها على باب الغار.

فسترت رسول الله وأبا بكر عن أعين الناس، وبالأخص قريش وكانت قريش قد أعدّت مكافئة لمن يأتي برسول الله.

سراقة يتبع النبي

ولما علم سراقة بهذه المكافأة التي وضعتها قريش، جهز فرسه وانطلق نحو الرسول.

وكلما أراد الاقتراب من الرسول؛ غرزت قدم فرسه في التراب.

حتى ناداه الرسول، وأعطاه الأمان على أن يدعو الله أن يكشف عنه ما أصابه.

وكتب له كتاب أمان،على أن يقول لقريش بألًا يبحثوا في الجهة التي هاجر منها لأنّه قد بحث فيها جيدًا.

طلع البدر علينا

وبمجرد معرفة الأنصار بخبر خروج رسول الله من مكة المكرمة، خرجوا لاستقباله.

ووصل الرسول تحت ظلّ النخلة مع صاحبه، واستقبلهما ما يقارب خمسمائة من الأنصار، وهم يقولون “طلع البدر علينا”.

كما أقام حينها بقباء أربعة أيّام بنى فيها أول مسجد في الإسلام، وهو مسجد قباء.

التعليقات