مريم محمد إسماعيل
حرب أكتوبر محل فخر المصريين، إنها ساحة المعركة التي انتصر بها الجيش المصري العظيم على جيش الاحتلال الصهيوني، واستعاد سيناء أرضنا الغالية بسبب عنصر المفاجأة، الذي استطاع إرباك العدو وأثبت قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور، من خلال الدقة والاعداد والتخطيط وبسالة الأداء والتنفيذ، وكان لسلاح المدرعات والدبابات دور كبير التي يمكن تشبيهها بهجوم الخيالة، فهي تبدو كأمواج دبابات تزحف عبر الصحراء في هجوم كاسح رهيب.
ظهور سلاح المدرعات وعلاقته بلواء الخيالة
في البداية لم يُعرف سلاح المدرعات بهذا الاسم، فقديمًا لم تُعرف الدبابات ولا المدرعات فكان الأمر مقتصر على المتاح وهو الخيل، فكان يسمى سلاح الفرسان أو الخيالة وهو سلاح قديم كان يستخدم في العصور القديمة وحتى البضعة قرون الأخيرة، وهو عبارة عن فرقة من الفرسان تُشكل جزءاً من الجيش، وتاريخياً كان يُقسم سلاح الفرسان إلى قسمين: “سلاح الفرسان الخفيف” و”سلاح الفرسان الثقيل” أو بالأحرى “المدرّع”.
سلاح المدرعات.. وأخيرًا الفرصة لتحقيق النصر
فى السابق .. لم تتاح كثير من الفرص خلال المواجهات السابقة بين الجيش العربي المصري وجيش الكيان الصهيوني، لكي يبرز رجال سلاح المدرعات المصري قدراتهم الحقيقي.
بينما في حرب أكتوبر 1973 المجيدة أُتيح لسلاح المدرعات المصري أن يحقق انتصارات رائعة في معارك كبرى خالدة، حيث قدم جنود الدبابات المصريين أفضل ما عندهم من إمكانيات، وبرزت قدراتهم الحقيقية التي صقلتها التدريبات القاسية المتواصلة.
أنـواع الـدبـابـات الـمصـريـة الـمستخدمـة فـي حـرب أكـتوبـر عنـد انـدلاع الـقتــال:
1-الدبـابــة تـى/ 54 : دبابة قتال متوسطة تزن 35 طن سرعتها 50 كم. فى الساعة وقوة محركها الديزل 570 حصان مدفع عيار 100 مم.
2-الـدبـابـة تــى/ 55.
3- الدبابة إم / 60.
التكتيـك المـصـرى فى استخدام الدروع المصرية وفقاً لما ذكره الفريق الشاذلي فى مذكراته
كان هناك عاملان مهمان يمكن أن يكون لهما تأثير حاسم على المعركة إذا ما حدثت المجابهة بين الدبابات وحدهما، دون إدخال الأسلحة الأخرى في المعركة.. كان العامل الأول هو التسليح والعامل الآخر هو الحشد، يمكن القول أن تسليح دبابات العدو كان أفضل من دباباتنا، لكن هذا التفوق النوعي في التسليح كان يمكن التغلب عليه إذا أحسنا استخدام الأرض، وتحاشينا الدخول مع العدو في معركة دبابات في أرض مفتوحة، حيث يصبح مدى المدفع هو السلاح الحاسم في المعركة.
كان العامل الأخر هو أسلوب الطرفين في تجميع واستخدام دباباته، حيث كانت دباباتنا مربوطة بالأرض وكان نصفها ضمن الهيكل التنظيمي لأولوية المشاة على شكل كتائب دبابات، وكان تدريبها مقصورًا على تعاون المشاة في الهجوم والدفاع لكنها لم تكن مدربة على القيام بالدخول في معارك الدبابات، حيث يكون عنصر القتال الرئيسي هو دبابة ضد دبابة.
أما النصف الأخر من دباباتنا فقد كان موزعًا على فرق المشاة بمعدل لواء مدرع لكل فرقة، وذلك لرفع قدراتها القتالية في صد هجمات العدو المركزة بواسطة الدبابات.
لم تكن لدينا الفرصة إذن أن نناور بدباباتنا من مكان لآخر من الجبهة إلا في حدود ضيقة جدًا، أما العدو فقد كانت ظروفه أفضل بكثير لم تكن دباباته ملزمة بأن ترتبط بالأرض للدفاع عن المشاة كما في حالتنا، وكان لديه العمق الكافي الذي يسمح له بالمناورة وتحريك المدرعة من قطاع إلى قطاع بحرية تامة وخلال ساعات قليلة.
الصمود وثبات الموقف
يوم 6 أكتوبر تقدمت كتائب الدبابات المصرية في سيناء بعد أن عبرت فوق الجسور المنصوبة، وانضمت لفرق المشاة التى سبقتها بالعبور تحت وابل من نيران العدو الإسرائيلي، وبدأت تأخذ دورها في مساندة القوات المصرية في حصار نقاط العدو الحصينة في خط بارليف والإستيلاء عليها، وقدمت بمدافعها معاونة نيرانية فعالة متحركة لقوات المشاة الزاحفة في تدمير الدبابات الإسرائيلية، التي هرعت لتتصدى للقوات العابرة في مرحلة بدء تكوين رؤوس الجسور المصرية، وقد تعاونت المدرعات المصرية مع وحدات صواريخ المشاة من طرازات أربى جى وساجر و ب 10 / 11، وأقعوا خسائر جسيمة في صفوف الدبابات الإسرائيلية بلغت 120 دبابة فى اليوم الأول وحده.
بحلول صباح يوم 7 أكتوبر أتمت الدبابات المصرية حشدها فى سيناء وتوزيعها على فرق المشاة الخمس حيث بلغت 800 دبابة و13 ألف سيارة ومركبة ومدرعة مرافقة مساندة.
8 أكتوبر قدر موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلى أن يوم 8 أكتوبر سيكون يوم (الدروع المتصارعة) حيث شاركت الدبابات المصرية في قطاع الجيش الثانى الفرفة الثانية مشاة فى معركة تدمير الكتيبة 190 المدرعة الإسرائيلية، بقيادة العقيد عساف ياجورى وأسر الأخير.
أما فى يوم 13 أكتوبر فقد قتل الجنرال ألبرت ماندلر أكبر وأشهر قائد إسرائيلي في معارك الدبابات.
يوم 14 أكتوبر بدء أكبر معارك الدبابات الكبرى في التاريخ العسكرى التي استمرت لحوالى أسبوع تقريبًا، كما أنه كان من أصعب الأيام التي قاسها سلاح المدرعات المصرية، حيث كلف بالقيام بعملية تطوير الهجوم نحو المضايق بقوة 500 دبابة مصرية مشكلة فى فرقة 21 المدرعة وعدد من اللواءات المدرعة المستقلة، وقد خرجت الوحدات المصرية من تحت نطاق حماية حائط الدفاع الجوي.
ورغم عدم مناسبة المهمة لفرق الدبابات المصرية وتعرضها لصواريخ Tow الإسرائيلية وصواريخ ss10 , ss11 المضادة للدروع وكذلك الضربات الجوية المعادية ومعاناتها من خسائر كبيرة بلغت حوالى 250 دبابة مصرية، إلا انها قاتلت في بسالة فائقة وتقدمت في إصرار وعناد، على الرغم من كل ماسبق ذكره من عوائق وموانع، وسحقت عدد من المواقع الإسرائيلية المتقدمة في زحفها الأول وعلى أثر هذه المعركة غير الموفقة لرجال المدرعات المصرية، رأى الإسرائيليون أن قوات المدرعات المصرية ضعيفة القيادة فى الحرب المتحركة وأن تكتيكاتها تفتقر إلى الخيال، ومع ذلك ذكر أحد الضباط الإسرائيليين الكبار الذين شاركوا في تلك المعركة للكاتب البريطانى إدجار أوبلانس “أن نيران دبابات المصريين كانت كثيفة للغاية وإلتهمت النيران كثيراً من الدبابات الإسرائيلية”، فقد العدو (ما لايقل عن 50 دبابة فى ذلك اليوم).
التعليقات