اجتمع 4 على قتله دون أن يعلموا.. الأحدب من حكايات ألف ليلة وليلة
اجتمع 4 على قتله دون أن يعلموا.. الأحدب من حكايات ألف ليلة وليلة

بدأت شهرزاد تسترجع ما مضى وفات، حتى استقرت على حكاية الأحدب، الذي اجتمع 4 على قتله دون أن يعلموا، والآن قبل أن تندمج مع شهرزاد في الحكاية، أريد أن أذكرك أنها اليوم تتلاعب بعداد حياتها، وهي لعبة خطيرة للغاية، فأي حركة خاطئة، سيسقط لوح الشطرنج الخاص بها ويموت الملك، وبالطبع أدركت شهرزاد ذلك، فكانت واعية لكل خطوة تقوم بها.

أطربينا بالحكايات

نظرت شهرزاد إلى أختها والملك شهريار، وقالت: “لقد تعجبتم حينما قلت أن أربعة رجال قتلوا الأحدب دون أن يعلموا، وطلبتم معرفة السر وراء ذلك، حسنًا، الآن أريدكم أن تنصتوا جيدًا، فحكايتنا طويلة وبها ملابسات كثيرة، وبدقة تركيزكم ستدركون سر الأحجية”.

هنا انتبه شهريار للحديث جيدًا، فقالت شهرزاد: “بلغني أيها الملك السعيد، أن بلاد الصين مليئة بالقصص والحكايات، وحكايتنا اليوم تدور بين أزقتها وشوارعها”.

الأحدب

الخياط ولقمة السمكة

تبدأ القصة مع خياطنا البسيط الذي كان يحب اللهو والطرب، فكان يخرج مع زوجته كثيرًا إلى المتنزهات، وذات ليلة، ذهبا للمنتزه وأمضيها به يومهما، وأثناء عودتهما في المساء، وجدا رجل أحدب يقف على قارعة الطريق، فتقدم الخياط وعرض عليه أن يقيم ليلته عنده، فوافق الأحدب ورحب بالفكرة.

وأثناء يسيرون جميعًا في الطريق، اشترى الخياط سمكًا مقليًا وخبزًا وليمونًا وحلاوة، وبمجرد وصولهم إلى المنزل، قدم الخياط الطعام للأحدب، الذي لم يمد يده في الصحن، فقامت زوجة الخياط بأخذ جزلة سمك كبيرة ولقمتها للأحدب، وسدت فمه بكفها، وقالت: “والله ما تأكلها إلا دفعة وحدة وفي نفس واحد” فلم تعطه فرصة ليمضغها، فابتلعها مرة واحدة، وكان بها شوكة قوية تصلبت في حلقه ومات في وقته.

يجب أن نذهب للطبيب

أعقب الخياط على ذلك بفزع: “لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا المسكين ما كان موته هكذا إلا على أيدينا”، فقالت له زوجته: “لا وقت لهذا الكلام، قم الآن نأخذه للطبيب، وسنقول أنه ابننا حتى لا يشك أحد بشيء”، لم يكن للخياط خيار سوى أن يطاوع زوجته في خطتها.

فحملاه وأخذ يسألان المارة عن بيت الطبيب، حتى دلوهما على بيت طبيب، فذهبا إلى بيته وقرعا الباب، فنزلت إليهما جارية تسألهما عن خبرهما، فأخبراها أن ابنهما مصاب بالجدري، ويريدان أن يفحصه الطبيب، واعطياها ربع دينار.

الأحدب

مات في الظلام

ذهبت الجارية إلى سيدها لتخبره بالكشف المستعجل، هنا قالت زوجة الخياط لزوجها: “هيا لندعه هنا ونفر بأنفسنا”، وللمرة الثانية طاوعها زوجها بصمت مطبق.

لما رأى الطبيب الربع دينار فَرِح فرحًا شديدًا، وقام ليلبي نداء الواجب، إلا أنه نزل في الظلام، فلم يري شيئًا أمامه، حتى تعثر في قدم الأحدب وسقط على الأرض.

لما أنار الطبيب ما حوله، وجد جثة الأحدب ملقاه على عتبة بابه، فظن أنه قتله بسقوطه عليه، فنادى على زوجته وقص عليها ما جرى، فأخبرته أنه لا سبيل، سوى أن يلقياه من المطبخ، إلى بيت جارهما المسلم؛ لأنه مباشر من مطبخ السلطان، وكثيرًا ما تأتي القطط والكلاب لمنزله، وتأكل كل ما فيه من الأطعمة، وربما عثرت على جثة الأحدب وأكلته جميعًا.

في طريقنا للمطبخ

وفي الصباح الباكر نفذ الطبيب وزوجته الخطة، وألقيا الأحدب إلى منزل المباشر، في الوقت الذي دخل فيه المباشر إلى منزله، فوجد شخصًا واقفًا في زاوية المطبخ، فقال: “والله ما هذا إلا اللص الذي يسرق حوائجنا”، ثم أخذ مطرقة عظيمة وضربه بها، فسقط ميتًا على الأرض.

لا تخطف عمامتي

ثم حمله على كتفه ونزل به سائرًا إلى السوق، وأوقفه بجانب إحدى المحال، وانصرف بعيدًا، وإذا بسمسار السلطان، كانت قد خطفت عمامته بالأمس، فلما رأى الأحدب واقفًا، ظن أنه يريد أن يخطف عمامته، فضربه وصار يخنقه.

حكم الوالي

رأى الحارس المشهد من بعيد، فجاء إلى السمسار وكتفه وذهب به إلى بيت الوالي، ولما علم الوالي بالواقعة، أمر السياف أن يضع السمسار تحت المشنقة، فنفذ السياف الأمر وأوقفه تحتها، ثم لف الحبل حول رقبة السمسار وأراد أن يعلقه، لكن المباشر شق حشود الناس وقال للسياف: “لا تفعل أنا الذي قتلته”.

الأحدب

وتنهال الاعترافات

تعجب الوالي من ذلك وقال له: “لأي شيء قتلته؟” فحكى له المباشر بأنه دخل البارحة بيته، فرأى الأحدب ينزل من السطح ويسرق مصالحه، فضربه بالمطرقة على صدره فمات، ثم حملته وجاء به إلى السوق وأوقفه بجانب المحل، ثم قال: “ما كفاني أني قتلت إنسانًا حتى يُقتل بسببي آخر، فلا تشنق غيري”.

لما سمع الوالي هذا الكلام أطلق سراح السمسار، وقال للسياف: “اشنق هذا باعترافه”، فأخذ السياف الحبل من رقبة السمسار ووضعه في رقبة المباشر، وأوقفه تحت الخشبة وأراد أن يعلقه، وإذا بالطبيب قد شق الناس وصاح على السياف وقال: “لا تفعل فما قتله إلا أنا، فلقد جاءني في بيتي ليتداوى، فنزلت إليه ثم تعثرت فيه برجلي فمات، فأرجوك لا تقتل المباشر واقتلني”.

هنا أمر الولي أن يُقتل الطبيب، فأخذ السياف الحبل مرة أخرى من رقبة المباشر ووضعه في رقبة الطبيب، ليفاجأ الجميع بصوت الخياط الذي جاء وشق الناس وقال للسياف: “لا تفعل، فلم يقتله أحد سواي، وذلك أني كنت بالنهار بأحد المتنزهات، وجئت وقت العشاء فلقيت هذا الأحدب ومعه دف ويغني بفرحة، فوقفت أشاهده، ثم جئت به إلى بيتي واشتريت سمكًا وجلسنا لنأكل، فأخذت زوجتي قطعة سمك كبيرة ولقمة ودستهما في فمه فمات لوقته، فأخذته أنا وزوجتي وجئنا به لبيت الطبيب، فنزلت الجارية وفتحت لنا الباب، فقلت لها قولي لسيدك أن بالباب امرأة ورجلًا ومعهما مريض، تعال أنظره وصف له دواء، وأعطيتها ربع دينار، فطلعت لسيدها ثم أسندت الأحدب إلى جهة السلم ومضيت أنا وزوجتي، فنزل الطبيب وتعثر فيه فظن أنه قتله”.

ثم نظر الخياط للطبيب وقال له: “أصحيح هذا؟” قال الطبيب: “نعم”، فالتفت الخياط للوالي وقال له: “أطلق سراح الطبيب واشنقني”، فلما سمع الوالي كلامه تعجب من قصة الأحدب وقال: “إن هذا حقًا لأمر يؤرخ في الكتب”، ثم قال للسياف: “أطلق الطبيب واشنق الخياط باعترافه”، فقدمه السياف ووضع الحبل في رقبته.

مهرج البلاط

وكان الأحدب يعمل مهرجًا للسلطان لا يفارقه أبدًا، إلا أنه غاب عنه تلك الليلة إلى نصف النهار التالي، فسأل عنه بعض الحاضرين، فقالوا له: “يا مولانا عُثر عليه ميتًا، وأمر الوالي بشنق قاتله، فحضر له ثان وثالث، وكل واحد يقول ما قتله إلا أنا، وكلهم يذكرون للوالي سبب قتلهم له”.

لما سمع الملك هذا الكلام صرخ على الحاجب وقال له: “انزل إلى الوالي، وائتني بهم جميعًا”، فنزل الحاجب ووجد السياف كاد أن يقتل الخياط، فصرخ عليه وقال له: “لا تفعل واعلم الوالي أن القضية بلغت الملك”، ثم أخذه وأخذ معه الأحدب محمولًا، والخياط والطبيب والسمسار والمباشر، وذهب بالجميع إلى الملك.

حكى الوالي للسلطان كل ما جرى مع الجميع، فلما سمع الملك هذه الحكاية تعجب وأخذه الطرب وأمر أن يكتب ذلك بماء الذهب.

يبدو أن الأحدب قد عاش يبهج السلطان ويمتعه بعروضه ونكاته، ومات وجعله يتعجب طيلة حياته.

التعليقات