لماذا قتل الملك شهريار كل نساء مملكته؟.. حكايات ألف ليلة وليلة
خانته زوجته فقتل كل نساء المملكة.. الملك شهريار وأخوه شاه زمان حكايات ألف ليلة وليلة

دعنا اليوم نبحر لعالم ساحر، حيث الرمال الذهبية والأصداف الملونة ببلاد فارس، حين كانت تحكم الإمبراطورية الساسانية، بقوة وحزم، في عهد أحد ملوك ساسان، الذي كان له مُلكًا واسعًا، يمتد من شرق البلاد إلى غربها، فقسم حكمه بين ولديه، الأكبر شهريار ملك سمرقند، الذي حكم بلاده بعدل وإنصاف، والأصغر شاه زمان، وكان على غرار أخيه في الحكم، لتدوم الأحوال من الأمان والاستقرار في عهدهما، طيلة 20 عامًا.

شهريار

لقاء غير مجرى التاريخ

فبعد طول انتظار، تملك الشوق من الملك شهريار، ورغب في رؤية أخيه الغائب، فأمر وزيره أن يسافر إلى مملكة أخيه، يطلب منه المجيء لزيارته على الفور، فنفذ الوزير الأمر، وسارع بالذهاب للملك شاه زمان، يعلمه برغبة أخيه الملحة في رؤيته، فما كان من شاه زمان سوى تلبية طلب أخيه بالسمع والطاعة، فقد رغب في رؤيته أيضًا، بعد فراق 20 عام.

عودة غير متوقعة

هنا استعد شاه زمان للسفر، وعين وزيره حاكمًا للبلاد، ريثما يعود، ثم شد الترحال طالبًا رؤية أخيه في الحال، إلا أن الأقدار كان لها رأى أخر، فعندما جاوز شاه زمان قصره بمسافة يسيرة، تذكر حاجة نسيها، فعاد لقصره مرة أخرى، ليفأجا بأن زوجته كانت تخونه، فأسودت الدنيا في وجهه، وقال لنفسه: “إن كانت قد خانتني وأنا لم أتجاوز المدينة، فما ستفعل لو أقمت مدة عند أخي”، ثم سل سيفه وضرب كلاهما، ورحل عن مدينته قاصدًا أخيه من جديد.

أهلًا بقدومك.. ترحيب شهريار

لما علم شهريار بأن أخاه قادم لرؤيته، أعد العدة لاستقباله، وأقام الأفراح بالمملكة ترحيبًا به، وعندما وصل شاه زمان، وجد أن مملكة أخيه تزينت فرحًا لقدومه، فسلم عليه أخاه، وأدخله المجلس، وأخذ يتحدث معه بانشراح.

شهريار

وما زال حزينًا

لكن شاه زمان الذي لم يفق بعد من فاجعة زوجته، لم يستطع أن يُجاري أخاه في الحديث، فاصفر وجهه وذبل، لاحظ شهريار حالة أخيه، وظن في نفسه أن ذلك بسبب مفارقته لمملكته وبلاده، فترك سبيله ولم يرد أن يزعجه.

إلا أن حالة شاه زمان لم تتحسن، فقرر شهريار أن يُفرح أخاه ويأخذه للصيد، فأبى شاه زمان، وطلب أن يرتاح في القصر، فذهب شهريار للصيد وحده.

خيانة أخرى

وفي أحد المرات بينما كان شاه زمان يمر في أروقة القصر، لاحظ أن زوجة أخيه شهريار تخونه، فأدرك أنه لم يكن الوحيد الذي خُدع، وهان ما عنده من القهر والغم.

عودة شهريار والبوح بالسر

ولما عاد شهريار من رحلة الصيد، وجد أخاه شاه زمان قد رُد لونه، واحمر وجهه، وصار يأكل بشهية بعدما كان قليل الأكل، فتعجب من ذلك وسأله عن السبب، إلا أن شاه زمان قال له سأخبرك بسبب تغير لوني، أما موضوع عودتي لنفسي الطبيعية، فاعف عني من اخبارك.

فقال له شهريار اخبرني اولًا بتغير لونك وضعفك حتى اسمعه، فقال شاه زمان: “يا أخى، عندما أرسلت إلي وزيرك، يطلبني للحضور بين يديك، جهزت حالي، وخرجت من مدينتي، ثم إني تذكرت الخرزة التي اعطيتها لي، فعدت لأجد زوجتي تخونني مع أحد الخدم، فقتلتهما وجئت إليك وأنا مهموم حزين، فهذا سبب تغير لوني وضعفي”.

وأما بالنسبة لعودتي لطبيعتي فاعف عني من ذكره، فلما سمع شهريار كلام أخيه، قال: “أقسمت عليك بالله أن تخبرني سبب عودتك لطبيعتك”.

بدأ شاه زمان يحكي لأخاه ما رآه في قصره عند غيابه، لكن شهريار لم يصدق الأمر إلا أن يرى بعينيه، فقال شاه زمان: “إجعل أنك مسافر للصيد والقنص، واختف عندي وأنا أجعلك تتحقق بنفسك”.

فنادى شهريار بجنوده وطلب منهم الاستعداد للسفر، فخرجت العساكر والخيام إلى ظاهر المدينة، وخرج الملك وجلس في الخيمة، وقال لغلمائه: “لا يدخل علي أحد”.

تحقق من الأمر

ثم تنكر وخرج متخفيًا إلى قصره، وجلس بالقرب من الشباك المطل على البستان، وإذا به يصدق أن كلام أخيه شاه زمان صحيح، وأن زوجته خائنة فعلًا، فقال لاخيه شاه زمان: “قم بنا نسافر إلى حال سبيلنا، وليس لنا حاجة بالمُلك، حتى ننظر، هل جرى لأحد مثلنا أو لا، فيكون موتنا خير من حياتنا”.

شهريار

جميعنا سواء

وخلال رحلة شهريار كان يرى أن رجال الأنس بل والجن أيضًا لم يسلموا من الأمر، وتعرضوا للخيانة من زوجاتهم.

انتقام أعمى للملك شهريار

عاد شهريار ودخل إلى قصره، ورمى عنق زوجته، ثم أصبح حاله أن يتزوج كل يوم بنتًا ويقتلها في صباح اليوم التالي، ولم يزل على ذلك مدة 3 سنوات، فضجت الناس وهربت ببناتها، ولم يبق في المدينة أية بنت.

لكن شهريار أمر وزيره أن يبحث له عن بنت أخرى، وإن لم يجد سيضرب عنقه، فخرج الوزير وبحث في كل مكان، فلم يجد بنتًا، فتوجه إلى منزله وهو غضبان مقهور خائف على نفسه من الملك.

شهريار

حكاية شهرزاد

وكان للوزير بنتان، ذا حسن وجمال وبهاء واعتدال، الكبيرة تدعى شهرزاد والصغيرة دنيا زاد، وكانت الكبيرة على قدر من العلم والمعرفة، فقد قرأت الكتب والتواريخ وسير الملوك المتقدمين، وأخبار الأمم الماضين، وقيل أنها جمعت ألف كتاب من كتب التواريخ المتعلقة بالأمم السالفة والشعراء، فقالت لأبيها عندما وجدته على هذا الحال: “مالي أراك متغيرًا حاملًا الهم والاحزان”.

فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلام، حكى لها ما جرى له مع الملك، فقالت له: “بالله يا أبت زوجني هذا الملك، فإما أن أعيش، وإما أن أكون فداء لبنات المسلمين وسببًا لخلاصهن من بين يديه”، فقال لها: “بالله عليك لا تخاطري بنفسك أبدًا، فقالت له: لا بد من ذلك”.

شهريار.. وهنا بدأ الأمر

وتزوجت شهرذاد من الملك شهريار، واتفقت مع أختها على حيلة تنجيها من الموت، وهي أن تبدو شهرزاد حزينة جدًا لفراقها، وتطلب من الملك أن يستدعيها لتودعها، طالما ستموت غدًا، فوافق الملك باعتباره أخر طلب لها في الحياة.

وبينما شهرزاد ودنيا زاد تتحدثان، قالت دنيا زاد: “اسمعيني يا أختي حكاية من قصصك الرائعة، طالما ستكون هذه أخر مرة نرى بعضنا فيها”، فقالت شهرزاد: “إن أذن لي الملك بذلك”، فلم يرى شهريار سببًا للرفض.

فقالت شهرزاد سأحكي لكم حكاية الأحدب الذي اجتمع 4 على قتله دون أن يعلموا بذلك، فقالت دنيا زاد: “وكيف من المعقول أن يقتل 4 رجلًا دون أن يعلموا؟”، قالت شهرزاد: “هذا ما سنعلمه غدًا، إن أبق الملك على حياتي، فالحكاية طويلة قليلًا”، فقال الملك: “والله لا اقتلها حتى أعلم سر الحكاية أولًا”.

فبدأت شهرزاد تقص حكاية عجيبة أغرب من الخيال.

التعليقات