أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن عودة الهدي المحمدي أصبح ضرورة لإنقاذ عالمنا اليوم، وهو ضرورة ملزمة وواجبة لإنقاذ مجتمعات المسلمين من الأوضاع اللا إنسانية التي تردى فيها البعض ممن يزعمون انصياعهم لتعاليم هذا النبي الكريم، واتباعهم لدينه وشريعته، بينما هم يقتلون الأبرياء، ويحولون بيوت الله التي أذن أن ترفع للذكر والتسبيح إلى ساحات حرب تزهق فيها الأرواح، وتراق الدماء، وتنتثر الأشلاء، وتستباح الحرمات وتهدر حقوق الناس، وحقوق النساء والفتيات والأطفال.
وشدد شيخ الأزهر أن هذا الوضع البائس الذي يعيشه المسلمون اليوم ليوحي للمهموم به بأمور ثلاثة:- الأول: أن طوائف المسلمين وهم يقتل بعضهم بعضا يوظفون شريعة السلام في تبرير هذه الحرب، حتى أصبح بأسنا بيننا شديدا، والأمر الثاني: ما يصدره هذا العبث بالأرواح والدماء من صور بالغة الوحشية تغذي النزاعات اليمينية المتطرفة في الغرب والشرق، وما يسمى هناك «بالإسلاموفوبيا» حتى أصبح الدفاع عن صورة الإسلام يبدو وكأنه أمر يصعب قبوله، فضلا عن تصديقه.. مؤكدا أنه يعرف ذلك كل من قدر له أن يدافع عن هذا الدين الذي ظلمه بعض أهله، وينافح عن سيرة نبيه الذي تنكر له بعض أتباعه، مع علمه أن هؤلاء وأمثالهم إنما يوظفون هذا الدين لأهوائهم ومآربهم وهو منهم براء، وإن هتفوا باسمه وتزيوا بزيه.
وأوضح شيخ الأزهر أن الأمر الثالث الذي يوحي به هذا الوضع البائس للمهموم بشئون الأمة الإسلامية، أن الخروج من هذه الأوضاع المعضلة لا يتحقق – فيما أعتقد – إلا بإحياء صحيح هذا الدين الحنيف، واتخاذه نبراسا في سلوكنا وتصرفاتنا، جنبا إلى جنب التأسي بصاحب هذه الذكرى – صلوات الله عليه – وترسيخ هديه في مناهج تعليمنا، والاعتزاز برسالته وسنته.
وفي نهاية كلمته، أهدى شيخ الأزهر نسخة من مصحف الأزهر الشريف إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تكريما له على مجهوداته في بناء واستقرار مصرنا الحبيبة.
واستغرق العمل في هذا المصحف الشريف قرابة العشرين عامًا، استخدمت فيه الزخارف الهندسية المستوحاة من المخطوطات القرآنية النفيسة؛ التي ترجع للحقبتين الإيلخانية والمملوكية، مع مقاربة للألوان المستخدمة في التذهيب والزخرفة.
وطُبع هذا الإصدار باستخدام أجود أنواع الورق المصنوع من القطن الصافي والخالي من الأحماض للمحافظة على رونق الذهب والألوان زمنًا طويلًا، وقد تم تحضير غلاف المصحف من جلد البقر الطبيعي الصافي المدبوغ نباتيًّا، مع نقش للألوان والذهب ونقش حراري غائر محاكاة للأنماط المملوكية الهندسية.
وتم تنضيد هذا المصحف الشريف باستخدام خط الملك فؤاد، الذي أعيد تجديده آليًّا بواسطة برنامج خاص على الحاسوب بعد الاستعانة بخطاطين مهرة في الخط النسخي، معتمدين ما كان كتبه الخطاط محمد جعفر بك المتوفى سنة ١٩١٦م، واضع القاعدة النسخية للمطبعة الأميرية التي تمثل أبدع قاعدة خطية شهدها العالم الإسلامي، فكان أول مصحف أصيل مطبوع بالحروف المعدنية المنفصلة في مصلحة المساحة سنة ١٣٤٢هـ – ١٩٢٤م، حتى كان غاية في الجمال.
التعليقات