
البلاء موكل بالمنطق
ضحى الصياد
إن وقوع البلاء على الناس من السنن الكونية اختباراً لهم، وتمحيصاً لذنوبهم، وتمييزاً بين الصادق والكاذب منهم.
قال الله تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
وقال تعالى: ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)
و قال تعالى( الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ).
وقال: رسول الله صل الله عليه وسلم إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
وقال حديث حسن: (وأكمل الناس إيمانا أشدهم إبتلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أشد الناس بلاء الأنبياء،
ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه،
وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة). أخرجه الإمام أحمد وغيره.
امسك عليك لسانك
قال الدكتور أشرف مكاوي، أحد علماء الأزهر الشريف، إن قضية اللسان قضية خطيرة والرسول صل الله عليه وسلم ربط النجاة بذلك.
فعندما سئل الرسول صل الله عليه وسلم عن النجاة قال:
“أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ” فكأن عنصر من العناصر الثلاثة متعلق باللسان.
وأشار ” مكاوي” إلى أنه على الإنسان أن يحرص على أن يتقي ألفاظه، وألا يكثر من هزر الكلام، وأن يبتعد عن فحش القول .
وأضاف “مكاوي” خلال البث المباشر للرد على أسئلة الجمهور على الصفحة الرسمية “النهار تي في”
أن نجاة العبد بين يدي الله سبحانه وتعالى موكولة على هذه الأمور الثلاثة، وهذا هو العنصر الأول.
وأضاف أن كل شخص مطالب بأنه يحرص على انتقاء ما يقوله من ألفاظ، ويأخد باله مما يقول وما يتلفظ به لسانه
كالتعليق على الأحداث، على الواقع، على أفعال الله سبحانه وتعالى فيه، خلق الله من حوله.
هل الأقدار هي الأسباب؟
وتابع :” في أقدار الله حاجة اسمها الأسباب والمسببات وأن المسبب متعلق أو معلق على وجود السبب.
فإذا وجد السبب وجد المسبب فوجد سبب المرض فقد وجد المرض وإذا وجد الدواء فقد وجد الشفاء وإذا وجد الإنجاب فإن شاء الله فيه أولاد وهكذا فمن ضمن هذه الأسباب أن البلاء موكل بالمنطق فإذا تكلم شخص بكلمة فكأن الله عز وجل قال لملائكته إذا نطق بها فأنزلوا قدره أي القدر الذي نطق به”.
وحذر “مكاوي” العبد من لسانه فإن توقع خيرا فهو خير وإن توقع شرا فهو شر.. موضحاً أن ذلك ليس يلازم؛ لأنه قد يتدخل الله سبحانه وتعالى برحمته واستدل بحديث (الألسنة مغارف والقلوب أوعية) فكأن اللسان يغرف من الوعاء فلو في القلب حسن ظن بالله فستجد دوما تفائل وتعبيرات جميلة.
هل إذا وجد سوء ظن يقوم القلب بتلفظ به؟
وبين ” مكاوي ” أنه إذا كان هناك سوء ظن بالله في القلب فيقوم اللسان بالتلفظ بما فيه سوء الظن ولذلك نقول أن اللسان وعاء القلب.
واستدل بحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال النبي صل الله عليه وسلم:
(( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه؛
ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبراً، تقربت إليه ذراعاً،
وإن تقرب إلى ذراعاً؛ تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي؛ أتيته هرولة )).
رواه البخاري وأخرجه مسلم.
واستطرد:” أن الله سبحانه وتعالى قال أنا عند ظن عبدي بي أي إن ظن بي خيرا فهو خير وإن ظننا بالله غير ذلك وجدنا غير ذلك.
فلابد أن نأخذ بالنا ونضع في الإعتبار أننا نعبر في الحقيقة عن مشاعر داخلنا تجاه ربنا.
فالذي يعرف الله ويعرف حكمة الله وحلم الله ورحمة الله وفضل الله وجود الله فدائما يستبشر خيرا بأن يقول:
إن شاء الله ربنا يقدر الخير وإن حدث غير ذلك عليه أن يقول أن هناك جانب خير في هذا الموضوع فعليه أن ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ.
هل البلاء موكل بالمنطق؟
ونوه “مكاوي” أن من يسئ الظن بالله فقلبه يمتلئ بسوء الظن بالله وهو ذلك لا يعرف الله سبحانه وتعالى.
وأن الله ليس مثل ما تتصوره العقول بأن يقول بأن الله سبحانه وتعالى دائما ضدي، دائما يفعل عكس ما أريد.
وأشار إلى أنه إذا توقع كل ذلك فسيفعل الله له كل ما توقع فلابد أن نأخذ بالنا من ألسنتنا.
لأنها تعبر عن مشاعرنا تجاه الله سبحانه وتعالى وهذا ما قاله سيدنا أبو بكر الصديق (البلاء موكل بالمنطق).
البلاء موكل بالمنطق
التعليقات