
قام الفقهاء بوضع مجموعة من الضوابط للمزاح ليكون ضمن سنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فما حكم المزاح؟، وما ضوابط المزاح الذي يقبله الشرع ولا يمنعه.. الإفتاء توضح
ما حكم المزاح شرعًا؟
قالت دار الإفتاء المصرية أن المزاح من وسائل الترويح عن النفس التي يتناولها النَّاس في حياتهم.
وذلك من أجل تناسي الهموم، وتخفيف الضغوطات اليومية، والتسلية، والـتخلص من الملل، وإدخال السعادة والسرور على الآخرين.
لأن المزاح ممَّا ينشر السرور واللطف ويشيع البهجة في حياة الناس.
واستشهدت بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمزح مع أهله وأصحابه والأطفال الصغار.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير،
قال: أحسبه فطيما؛ فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرآه، قال: «أبا عمير ما فعل النغير» قال: فكان يلعب به.
كيفية الموازنة بين الجد والمزاح
أشارت دار الإفتاء إلى أنه ينبغي على الإنسان أن يوازن بين الجد والمزاح، ويكون المزاح في كلامه كالملح في الطعام إن عُدم أو زاد عن الحد فهو مذموم.
فلكل مقام مقال؛ فعن ثابت بن عبيد رضي الله عنه قال: “كَانَ زيد بْن ثَابت رضي الله عنه مِن أفكه النّاس فِي بَيته؛ فَإِذا خرج كَانَ رجلًا مِن الرِّجَال”.
ومما ذكرناه يتضح لنا مشروعية وإباحة الضحك والمزاح في الإسلام.
شروط وضوابط المزاح الذي يقبله الشرع
ذكرت دار الإفتاء المصرية أن الشريعة الإسلامية وإن كانت تبيح الضحك والمزاح؛ إلا أن ذلك مقيد بضوابط وشروط يجب مراعاتها:
أولا: ألا يشتمل المزاح على الكذب.
من أجل إضحاك الناس.
حيث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له! ويل له!».
(ويلٌ للذي يحدث) بالحديث (فيكذب ليضحك به القوم).
وذلك لأن الكذب محرم، والإضحاك به يزيده تحريمًا؛ لأن الضحك مذموم، ولذا كرر الويل بقوله: (ويل له! ويل له!).
ثانيًا: ألا يشتمل المزاح على الترويع والإخافة.
لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) فيه دليل على أنه لا يجوز ترويع المسلم ولو بما صورته صورة المزح.
ثالثا: ألا يكثر من المزاح ولا يداوم عليه.
لأن كثرة المزاح تميت القلب، وتسقط الوقار، وتشغل عن ذكر الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تكثروا الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب).
رابعا: البعد في المزاح عن الكلام الفاحش البذيء.
والقول القبيح، وتجنب سيء الحديث.
فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء».
خامسًا: ألا يشتمل المزاح على قول أو فعل محرم.
كالسخرية والغيبة؛ قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12].
أو النميمة؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يدخل الْجنة نمام».
وكذا الانتقاص من قدر الآخرين بالسخرية أو الاستهزاء أو الغمز أو اللمز.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].
التعليقات