
الطفل المبدع.. هل سبق أن رأيت طفلك يكسر الألعاب التي اشتريتها له مؤخرًا.
بالتأكيد فعل ذلك، فظاهرة كسر الألعاب منتشرة كثيرًا لدى الأطفال.
وهذه الظاهرة صحية للغاية عكس ما يعتقد بعض الأهالي، فغالبًا الأطفال لا يفعلون ذلك بدافع الشغب؛ لكن لأن لديهم كم كبير من حب المعرفة والاكتشاف والتعرف على كل ما هو جديد.
فالموهبة والإبداع أمر فطري خلقه الله تعالى مع كل طفل، منذ أن تبصر عينيه الحياة لأول مرة.
ولا يوجد طفل بدون موهبة، لكن يوجد طفل لم يعرف موهبته بعد.
لذلك يحرص الوالدين دومًا على اكتشاف مواهب أطفالهم، والعمل بكافة الطّرق على تنميتها وتشجيعها.
فمنها ما قد تصل للعالمية وتجعل صاحبها ذو شأنٍ عظيم بين الناس.
الطفل المبدع.. أعمال من الخشب الملون
تلعب الأم دور حيوي وهام في اكتشاف مواهب أطفالها وتنميتها، وخير مثال حي على ذلك السيدة مها أحمد، والدة الطالبة سما حسن خليل، التي أجرت «بوابة العالم الأوسط» حوارًا معها.
وصرحت السيدة مها أنها اكتشفت موهبة طفلتها في تزيين اللوحات والصواني والكراسي بقطع صغيرة من الخشب الملون، ذات أشكال وأحجام مختلفة لتصنع بها بعض الرسومات والأشكال الجميلة.
ولهذا سارعت بالمشاركة لها في ركن “الطفل المبدع”، الذي وفره جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، كركن خاص للأطفال ليعرضوا أعمالهم الفنية في معرض تراثنا.
لذلك عرضت سما أعمالها في المكان الذي يجتمع به كل الفنانين والحرفيين والمهرة؛ ليخلق كل منهم آية من الجمال الحي.
نقطة الانطلاق جائحة كورونا.. من الصعاب تُصنع الفرص
ذكرت السيدة أحمد، لـ«بوابة العالم الأوسط» أن ابنتها بدأت تعلم هذه الحرفة في عام 2020، وقت انتشار كورونا إلا أن ذلك لم يثبط عزيمتها.
فعلى الرغم من توقف معظم الأنشطة الصيفية؛ لتفشي جائحه كورونا في البلاد؛ استطاعت سما أن تصنع فنًا رائعًا.
وكانت معلمتها في كورس الفرنسية نقطة الانطلاقة الأولى بالنسبة لسما.
فقد كانت تصنع هذا النوع من الأعمال الذي أحبته سما ورغبت في تعلمه.
وأضافت أن ابنتها أحبت هذا الفن كثيرًا؛ فأشتريت لها الأدوات اللازمة من كماشة وأنواع الخشب المختلفة والزجاج من الأماكن المخصصة لذلك، وبدأت سما تتعلم هذا الفن من معلمتها.
وتابعت السيدة مها بأن ابنتها أرادت أن تطور من نفسها؛ فذهبا معًا لورش الخشب بباب الشعرية، لتشاهد سما المنتجات وتشتري الأدوات التي تحتاجها.
لذلك ذهبتا لمكتبة “كذا لون” بوسط البلد -وهي مكتبة متخصصة لجميع منتجات فنون جميلة وفنون تطبيقية-.
وعندها بدأت سما تصنع أشكال مختلفة وعملت على تطوير نفسها بنفسها.
وبينت السيدة مها بأنه عندما بدأ معرض “البازار” دورته في أرض المعارض اقترح عليهم أصدقائهم أن تشارك سما به، لتعرض أعمالها هناك في الورشة المخصصة “للطفل المبدع”.
وبالفعل رحبت السيدة مها وسما بالفكرة وتواصلا معهم، وبعد أن رأوا أعمال سما وافقوا على توفير ركن لهم.
وهنا جاءت الصحف لترى أعمال الفنانين الصغار وتسلط الضوء على أعمالهم وتشجعهم.
وقالت السيدة مها بخصوص معرض تراثنا:
“وردنا اتصال من جهاز تنمية المشروعات يخبرونا عن معرض تراثنا، ويسألون إذا كان لدينا أعمال جديدة نريد أن نقدمها، وكانت ابنتي قد طورت من نفسها في هذه الفترة، واختلف عملها من مجرد براويز لصواني وطاولات وعلب مناديل، حيث قدمت تشكيلة مختلفة في معرض تراثنا”.
الطفل المبدع.. فن الخيط والمسمار
ومن الأمهات -أيضًا- التي لم تتوانى عن ثقل مواهب أطفالها من اللحظة الأولى والدة الطالب باسم حازم.
عندما دعمت ابنها في المشاركة بمعرض تراثنا، وعرض مجموعة من الرسومات لشخصيات بارزة وتاريخية، بفن “String art” فن الخيط والمسمار.
فقد قال باسم حازم، طالب مدرسة طلائع كرداسي لـ«بوابة العالم الأوسط»:
“تعلمت هذا الفن من والدتي منذ عامان، فكانت والدتي تحب الفنون وتعلمت هذه الحرفة بنفسها، وكنت أراقبها وهي تضع المسامير وكيف تلف الخيط حولها بطريقة معينة ليظهر هذا الفن النهائي، وبعد ذلك أخذت أتعلم هذا الفن بنفسي حتى أجدته، وبرعت في الشخصيات والشغل الهندسي”.
ويتابع الطالب باسم:
“عَرضت أعمالي لأول مرة في معرض “ديارنا”، ثم تواصلت والدتي بعد ذلك مع جهاز تنمية المشروعات، واُتيحت لي الفرصة لأعرض أعمالي في ركن الطفل المبدع.”
وشرح باسم فن “String art” كفن شعاع الخيط أو الرسم بالخيوط والمسامير أنه يعتمد على رسم لوحات بالخيوط والمسامير.
فيتم تثبيت المسامير على اللوح وفق شكل معين ثم يتم ملء المساحة المحددة بالمسامير، بواسطة شعاع من خيط يربط مسمارًا بالمسمار الذي يقابله.
فتتجلى اللوحة حينما تنتهي، ويُستعمل به الخيط والدبابيس والأخشاب والمسامير.
رأي الطب النفسي.. لا تخافوا عليهم من ارتكاب الأخطاء
وضحت الدكتور فتحية جابر، استشاري نفسي وتربوي، لـ«بوابة العالم الأوسط» أن موهبة الطفل تظهر من سن 5 سنوات.
تكتشفها الأم من خلال التواصل المستمر، والاندماج مع طفلها في الأنشطة المختلفة؛ حتى تتعرف على نوع موهبته.
وبينت أن النماذج المطروحة هي نماذج لأمهات متميزة تستحق أن ندعمها.
فمن الجميل أن نكون قدوة للطفل في الابداع، الأمر الذي يساعده على التعلم بشكل أفضل، وينمي ثقته بنفسه وبالآخرين.
وبالطبع هناك تأثير كبير بين تنمية موهبة الطفل وصحته النفسية، حيث أن الاهتمام بموهبة أطفالنا يجعلهم ناجحين في المستقبل، قادرين على مواجهة الحياة في ظل الظروف الصعبة.
وختمت حديثها أنه ينبغي علينا أن نكون قدوة إيجابية لأولادنا، ننمي مواهبهم ونشجعهم على ممارسة الرياضة، بدلًا من الجلوس لوقت طويل أمام شاشات الهواتف والألعاب الإلكترونية؛ حتى يتمكنوا في المستقبل من مواجهة المجتمع، قائلة:
“لا تخافوا عليهم من ارتكاب الأخطاء، فمن لم يرتكب خطأ لم يجرب، ومن لم يجرب لن يتعلم أبدًا”.
دولة تدعم المواهب
تقوم الدولة حاليًا بالاهتمام بمواهب الأطفال المبدعين، ومن خلال ذلك وفر جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ركن خاص للأطفال تحت مسمى “الطفل المبدع”، في معرض تراثنا.
وفي إطار ذلك عرض الأطفال مشغولاتهم ومصنوعاتهم اليدوية، وتنوعت المعروضات الموجودة بالجناح ما بين الغزل على النول والكروشيه والاكسسوارات.
التعليقات