
الزمان: العصر الفرعوني
المكان: مصر القديمة
أبو رجل مسلوخة، أمنا الغولة، أم الشعور، النداهة، جميعها قصص أعتادنا على سماعها عندما كنا أطفالًا، ودائمًا ما كانت تثير الرعب في كياننا، ونتسأل ما أصل هذه الحكايا، ومتى ظهرت لأول مرة، وهل هناك جزء منها مرتبط بالواقع أم أنها مجرد قصص رعب عبثية لتخويف الصغار؟!
أساطير نشأت من تراثنا الفرعوني
لكل حضارة أساطيرها الخاصة التي شكلت وجدان كل من عاشوا في ظلها، ومن أهم هذه الحضارات الحضارة المصرية القديمة، التي امتلأ بها التراث الفرعوني بالعديد من الأساطير الرائعة، فهل كنت تتخيل يومًا أغلب القصص المرعبة التي كانت تحكيها الجدات أصلها فرعوني، دعونا نسرد الآن بعض هذه الأساطير.
1- أمنا الغولة ملتهمة الأطفال
أمنا الغولة هي شخصية خرافية في الحكايات القديمة، تتحدث عن امرأة فظة ضخمة بشعة الوجه ذات شعر أشعث كثيف، تطارد الصغار وتأكلهم في الظلام، لكن من أين جاءت قصة أمنا الغولة؟
ارتبطت الأسطورة بأحد آلهة المصريين القدماء الآلهة “سخمت” آلهة الحرب والدمار والفزع، التي تظهر بصورة امرأة آدمية ورأس أنثي الأسد، تخرج من معابد الأقصر وتقضي على أى كائن حي أمامها.
أما عن سبب ارتباطها باسم “أمنا الغولة”، فقد بدأت القصة في 26 ديسمبر 1903، عندما اكتشف عالم الآثار الفرنسي “چورچ ليجران” خبيئة الكرنك، حينها كان هناك 7 أطفال يلعبون فوق تلة في الكرنك بجوار أحد الحوائط وأثناء الحفر سقط الجدار عليهم.
تزامن موت الأطفال مع العثور على تماثيل للإلهة “سخمت”، مما تسبب في تقوية قصة”أمنا الغولة” التي تلتهم الأطفال، إلا أن الباحث الآثري جورج ليجران الفرنسي قام بإزالة هذا الاعتقاد حين ادعى أنه ألقى تعويذة بالهيروغليفية أنهى بها أسطورة “سخمت”، وهنا صدقه أغلب عمال الحفريات وأعلنوا في ربوع البلاد أن أسطورة “أمنا الغولة” انتهت.
2- النداهة.. نداء قاتل
الريف المصرى وأراضيه الواسعة وترعه ومزروعاته كان بيئة خصبة للعشرات من قصص وأساطير الرعب المرتبطة بشكل وثيق بهذه البيئة.
وتعد “النداهة” من أشهر أساطير الرعب في الريف المصرى، وتوصف بأنها امرأة شديدة الجمال لا تظهر إلا ليلًا، وتحديدًا في الحقول المظلمة، وتختار شخصًا بعينه تنادى اسمه مرارًا وتكرارًا، حتى يستجيب إليها كالمسحور ويتبعها إلى ما وراء الطبيعة وفي صباح اليوم التالي يجدونه مقتولًا، وإن حالفه الحظ ربما يفقد عقله فحسب.
لكن في حقيقة الأمر النداهة ليست إلا خرافة لا أساس لها من الصحة، فهي مجرد حكاية تم تأليفها على بعض أحداث أسطورة عروسة البحر الخيالية.
3- أم الشعور روح عروس النيل القاتلة
تعتبر أم الشعور أحد أشهر أساطير الرعب عند المصريين، فكانت بمثابة البعبع الذي يخيف الفراعنة قديمًا، وهي عبارة عن امرأة شديدة القبح، لها شعر أسود طويل غير مصفف، وأظافر طويلة للغاية، تسكن شواطئ النيل.
وتقول الأسطورة إن من يسير وحده ليلًا على أحد شواطئ نهر النيل، تسحبه أم الشعور إلى قاع المياه، ثم تظهر جثته طافية على ظهر المياه صباح الغد وعليها آثار الخنق.
وتعود أصل الحكاية إلى أسطورة “عروس النيل” المتداولة عن الفراعنة، حيث كانوا يقدسون النيل بشكل كبير لدرجة أنهم اعتبروه إلهًا وأسموه “حابي”.
وفي إحدى السنوات لم يحدث الفيضان السنوي، ففسر الكهنة ذلك بأن النيل في حاجة إلى قربان، لذلك قاموا بإلقاء فتاة حسناء مُزينة في النهر، وسط احتفال كبير ليتوددوا إلى الآله حابي، ويُقال أن أم الشعور هي أرواح الفتيات اللواتي أُلقين في نهر النيل كل عام.
4- الشمامة.. لا تنس أن تغسل أسنانك
لا يمكن أن نحكي عن قصص الرعب دون أن نفرد مجالًا للحديث عن تلك الأسطورة المرعبة، التي ابتكرها الأهالي لتخويف الأبناء وإجبارهم على الطاعة.
فـ”الشمامة” هي ذلك المخلوق الأسطوري الذي يتولى عقابك إذا أهملت تنظيف فمك وأسنانك قبل النوم.
فهي تزور الطفل أثناء نومه لتشم فمه وتتأكد من نظافته، وإذا لم تجده نظيفًا ستعاقبه بشدة، ولم يتحدث الآباء أبدًا عن عقاب الشمامة وهذا ما جعل الأمر أكثر رعبًا بالنسبة للأطفال، فكان التهديد الأكبر أن تشمك الشمامة دون أن تعرف ما يمكن أن تفعله بك.
5- أبو رجل مسلوخة أحد الآلهة المصرية القديمة
من منا لم يلتهمه الرعب وهو صغير عندما يسمع اسم “أبو رجل مسلوخة”، ذلك الرجل الذي يتربص بالأطفال ويأكلهم إذا لم يحسنوا التصرف، لكن من هو أبو رجل مسلوخة، وهل هو شخص موجود حقًا؟
تبدأ الحكاية مع بطلنا ذلك الطفل الذي ولد بقدم مشوهة؛ فأخفته والدته عن الأنظار لسنوات طويلة خوفًا من سخرية الآخرين منه، إلا أنه ذات مرة قرر أن يخرج مع أمه، وحينما رآه الأطفال فزعوا منه مما أثار ضيقه وحنقه، وعندما كبر أصبح يخطف الصغار ويقتلهم.
يرجع أصل تلك الأسطورة التاريخية حسب ما ذكره موقع “سبوتنيك” إلى المعبود المصري القديم “بس” رب المرح والسرور في مصر القديمة، والرب الحامي للطفولة في العصرين اليوناني والروماني.
وهو معبود ذو أصل آسيوي، يظهر في معظم حالاته وتماثيله على هيئة هزلية ومريعة في آن واحد، تجمع ما بين البشرية والحيوانية لذلك كانت هيئته السبب في خلق أسطورة الطفولة المرعبة “أبو رجل مسلوخة”.
6- أبو فيس الثعبان المرعب
لم تقتصر أساطير الرعب في العصر الفرعوني على الجن والسحر، وإنما كانت مرتبطة أكثر بالمخلوقات الأسطورية مثل “أبو فيس”، وهو مخلوق يعتبرونه عدو رمز التوحيد عند الفراعنة المعروف باسم “رع”، وكان يصور في هيئة مخيفة لتمساح قبيح الوجه أو ثعبان ضخم برأس إنسان.
7- أمت آكل القلوب
من الأساطير الفرعونية القديمة “أمت” وهو وحش أسطوري من العالم السفلي، له فكي تمساح وجسده يجمع بين الأسد وفرس النهر، يجلس إلى جانب ميزان العدالة في قاعة أوزوريس، ليلتهم القلوب التي أثقلتها الآثام في الميزان.
8- السلعوة.. رعب فرعوني ازدهر في التسعينيات
في نهايات التسعينيات تحدث برنامج “حديث المدينة” عن مخلوق مرعب وغريب يجتاح الأراضي الزراعية تمت تسميته السلعوة.
وبدأ الناس يتحدثون في كل مكان عن السلعوة ويصفوها بأنها مخلوق مرعب يجمع صفات الذئب والكلب والثعلب، ذات سرعة فائقة ومكر شديد وقدرة مرعبة على الاختفاء، وتهاجم الناس بضراوة فتقتل وتصيب العشرات ولديها جرأة تجعلها تقدم على مهاجمة الناس في البيوت أيضًا.
لم يعرف أحد آنذاك السلعوة مرتبطة بأسطورة قديمة ترجع لعهد الفراعنة، حيث كانوا يقولون إن هذا المخلوق يحرس المعابد الفرعونية وينتقم ممن يدنسها.
كما ذكر الجاحظ “السعلاة” في كتابه “الحيوان”، وقال إنه اسم واحدة من نساء الجن تفتن الرجال قبل أن تفترسهم.
التعليقات