الزمان: من 9 سبتمبر 1941 إلى 27 يناير 1944
المكان: الاتحاد السوفيتي
كتبت: إسراء إبراهيم
حصار لينينغراد.. بينما تتجه الأنظار إلى الصراع العنيف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وسط حصار مطبق على قطاع غزة.
فإن هذا الحصار الإسرائيلي غير المقبول قد شبّهه الرئيس الروسي بوتين بالحصار النازي لمدينة لينينغراد السوفيتية إبان الحرب العالمية الثانية.
فماذا نعرف عن حصار لينينغراد؟
خطه اسقاط لينينغراد
كان سقوط لينينغراد واحدًا من 3 أهداف إستراتيجية رئيسية لعملية بارباروسا الألمانية وهدف أساسي لمجموعة الجيوش الشمالية.
وكان الدافع وراء استهدافها الوضع السياسي للينينغراد باعتبارها العاصمة السابقة لروسيا والعاصمة الرمزية للثورة الروسية.
بالإضافة إلى أهميتها العسكرية بصفتها قاعدة رئيسية لأسطول البلطيق السوفياتي، وقوتها الصناعية، إذ ضمت الكثير من مصانع الأسلحة.
فبحلول عام 1939، كانت المدينة تساهم بنحو 11% من إجمالي الإنتاج الصناعي السوفياتي.
1- حصار لينينغراد
يُعد حصار لينينغراد أحد فصول الحرب العالمية الثانية، إذ حاصرت القوات الألمانية والفنلندية التابعة للزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، مدينة لينينغراد في الاتحاد السوفيتي.
وقد أدى ذلك إلى خسائر في الأرواح قُدّرت بـ 1.2 مليون شخص منهم 140 ألف طفل في خلال 842 يومًا.
وكانت مدينة لينينغراد هدف وفكرة أساسية لعملية “بارباروسا” ، وكذلك بداية الطريق للثورة الشيوعية.
وقد خطط أدولف هتلر للاستيلاء على المدينة وجعلها عاصمة لشرق أوروبا المحتلة.
2- حصار لينينغراد.. تشكيل المعركة
دافع الجيش 14 للجيش الأحمر السوفيتي عن مورمانسك بينما دافع الجيش 7 عن لادوغا كاريليا؛ وبالتالي لم يشاركا في المراحل الأولى من الحصار.
وكان الجيش 8 في البداية جزءً من الجبهة الشمالية الغربية وتراجع عبرالبلطيق.
وأنتقل الى الجبهة الشمالية في 14 يوليو عندما أخلى السوفييت تالين.
وفي 23 أغسطس، انقسمت الجبهة الشمالية إلى جبهة لينينغراد والجبهة الكاريلية، وأصبح من المستحيل على مقر الجبهة السيطرة على كل شيء بين مورمانسك ولينينغراد.
ووصف جوكوف ذلك الحصار بقوله:
شُكلت عشر فرق متطوعة (أوبولشيني) في لينينغراد في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب، بالإضافة إلى 16 كتيبة مدفعية ورشاشات منفصلة من الأوبولشيني.
3- حرب الابادة
في البداية، خططت القوات النازية لهدم المدينة بالكامل من خلال القصف المدفعي وألا يبقى للمدينة أثر على وجه الأرض.
ووصف المؤرخ نيكيتا لوماغين، الأستاذ في الجامعة الأوروبية في مدينة سان بطرسبرغ الحصار بقوله:
إنّ القيادة النازية حددت بوضوح نواياها فيما يتعلق بلينينغراد، وكان الهدف تشديد الحصار الى أقصى حد وقطع الموارد عن المدينة، لكي تستسلم المدينة سريعا لعدم توفير الاحتياجات اللازمة لملايين الأشخاص وحرمانهم من كافة حقوقهم الإنسانية.
كما لاحظ المؤرخ فياتشسلاف مؤلف كتاب “معركة لينينغراد” الدفاع المجهول حيث أن “جنرلات فيرماخت تشاركوا فكرة الإبادة الجماعية ولم تكن هناك أي آثار للإنسانية في صفوف جيش الشمال”.
من جانب آخر، حاول المؤرخون الألمان في دراساتهم بعد الحرب إيجاد عذر لمثل هذه التكتيكات.
فقال لوماغين:
لفترة طويلة، رأى علم تأريخ ألمانيا الغربية، أن لينينغراد كانت مدينة محصنة، وبما أنها كانت مدينة محصنة، فقد كان من الممكن التعامل معها كهدف عسكري، وبالتالي يمكن استخدام الجوع كوسيلة للحرب.
وأضاف:
إن هذا الأمر لا يحظره القانون الإنساني الدولي.
لكن في وقت لاحق، أدرك مؤرخو ألمانيا الفيدرالية، أن الحصار المفروض على لينينغراد كان في الواقع إبادة جماعية، أي حرب لتدمير كل من كانوا في هذه المدينة.
4- نقص الغذاء
بدأ الحصار عندما قامت القوات الألمانية بقطع الطريق إلى لينينغراد من الجنوب والغرب.
وحاصرت القوات الألمانية المدينة من البر والبحر، ومنعت كل الإمدادات عن المدينة.
وعانى سكان لينينغراد بشدة خلال الحصار، كما فقدوا الإمدادات الغذائية والمياه والكهرباء والرعاية الطبية.
وراح ضحية هذه المجزرة قرابة ما يزيد عن مليون شخص في المدينة بسبب تفشي المرض والجوع وعدم وجود أي إمدادات.
وأصبح خطر المجاعة العدو اللدود للمدينة المحاصرة.
وأظهرت دراسات أن القذائف والقنابل التي أمطر بها الغزاة المدينة المحاصرة قتلت 3% من ضحايا الحصار، بينما ذهب معظمهم ضحية نقص الغذاء.
5- مقاومة سكان لينينغراد
على الرغم من الحصار، قاوم سكان لينينغراد بشجاعة، وواصلوا الإنتاج في المصانع والمؤسسات الحكومية.
وقاموا بأعمال كثيره حتي يقوموا بتحسين الدفاع عن المدبنه بأي شكل.
واستمرت المدينة رغم الظروف التي كانت تعاني منها في إنتاج ما يحتاجه المدافعون عنها وباقي روسيا.
بينما بذلت الحكومة المركزية ما بوسعها لكي تساعد لينينغراد المحاصَرة وإنقاذ سكانها من المجاعة التي حلت بها بإيصال إمدادات الغذاء من خلال بحيرة لادوغا وبطريق الجو.
وحتى يتم إمداد المدينة المحاصَرة بالمحروقات والكهرباء تم إنشاء خط أنابيب وخط كبلات في قاع بحيرة لادوغا في صيف وخريف 1942.
وفي تلك الاوضاع، تمكنت قوات الجيش الأحمر بقيادة غيروغي كونستانتينوفيتش جوكوف من إيقاف الغزاة المعتدين على مشارف مدينة لينينغراد.
التي تعتبر ثاني أكبر مدينة روسية، ولم تسمح لهم بدخول هذه المدينة.
كما واصلت قوات الجيش الأحمر محاولاتها في اختراق الحصار المفروض على لينينغراد.
وتمكنت أيضًا من انشاء ممر بري، بلغ طوله 33 كلم وعرضه 11 كلم، نحو لينينغراد المحاصرة.
بالإضافة إلى قيام السوفييت بتشييد ما عرف بسكة النصر الحديدية بهذا الممر الذي سيطروا عليه.
6- حصار لينينغراد.. فك الحصار
وفيما بعد تمكنت من فك الحصار جزئيًا في يناير 1943 لتبدأ قطارات محمّلة بالغذاء تصل الى المدينة منذ فبراير 1943، وتم فك الحصار كليًا عام 1949.
وفشلت خطة ألمانيا لإلغاء وجود لينينغراد، وأصبحت مدينة لينينغراد على نهر النيفا مثال للبطولة والفخر بأبنائها من مختلف القوميات والأديان.
فهي قوية مهما شهدت من أوضاع مأسويه لم تستسلم ولم تفاوض.
وفي النهاية يمكننا القول بأن ما حدث في غرناطة يذكرنا بما يحدث في غزة الشقيقة، التي سنتصر في النهاية بإذن الله وستحرر من أيدي العدو.
حفظ الله غزة وشعب فلسطين الشقيقة التي ستبقى حرة إلى يوم الميعاد.
التعليقات