معركة الكرامة.. أول انتصار عربي على إسرائيل.. ما قصتها؟
معركة الكرامة

المكان: غور الأردن
الزمان: 21 مارس 1968

كتبت: إسراء إبراهيم

معركة الكرامة هي معركة وقعت بين إسرائيل من جهة والأردن والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى.

موقع المعركة

جرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن على الضفة الشرقية لنهر الأردن.

نسبت هذه المعركة إلى قرية الكرامة التي حدثت أهم الاشتباكات والمعارك فيها.

وتقع قرية الكرامة في الجزء الشرقي من غور نهر الأردن وهي منطقة زراعية منخفضة من الناحية الجغرافية.

و اشتهرت هذه المنطقة ببساتينها الكبيرة وكانت تسمى بمنطقة الآبار وذلك لكثرة الآبار الارتوازية فيها، وتسمى أيضا بغور الكبد باعتبارها جزء من منطقة زراعية واسعة.

وتعتبر هذه المنطقة هي مصدر الأساس للغذاء الأردني ويعتمد 95% من سكان هذه المنطقة على الزراعة.

تعاقب ممالك كثيرة على منطقة الكرامة

تعاقبت على هذه المنطقة ممالك كثيرة كالأدومية والمؤابية والأشورية والآرامية والعمونية ومملكة الأنباط واليونانية والرومانية والبيزنطية.

حتى جاء الفتح الإسلامي، فعلى أرضها الكثير من مقامات الصحابة.

وقد جاء في القرآن “غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الأَرْض” والمقصود هنا انتصار الفرس على الروم في هذه المنطقة التي تعد أدنى بقعة على سطح الأرض كما ذكر المفسرون.

سبب المعركة

بعد احتلال إسرائيل للـضفة الغربية من نهر الأردن في حرب 1967، نشطت مجموعات من الفدائيين الفلسطينيين في منطقة الغور الشرقي، وكانت هجمات الفدائيين بدون تنسيق مع الجيش الأردني.

وفي مطلع سنة 1968، صدرت تصريحات رسمية من إسرائيل، تعلن أنه إذا استمرت هجامات الفدائيين الفلسطينين عبر نهر الأردن فإنها ستبدأ في أخذ إجراءات عمل مضاد.

ونتيجة لذلك زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا وزادت أيضًا الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن.

كانت حرب 1967 صدمة كبيرة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي انتظرت بفارغ الصبر طوال 19 عامًا كانت تُجهز له الأنظمة العربية للقضاء على الكيان الصهيوني.

ولذلك أضعفت هذه الحرب الثقة بالأنظمة وجيوشها، وسعى الفلسطينيون إلى أخذ زمام المبادرة بأيديهم.

هدف إسرائيل من المعركة

قامت إسرائيل بهجمات عديدة كانت تتمثل بشكل رئيسي في القصف الجوي والمدفعي، في الجبهة الأردنية استمرت أسابيع عديدة وكانت توقعاتهم للمعركة تتمثل في:

1- القضاء نهائيًا على الفدائيين الفلسطينيين.

2- لم يكن هناك وقت للجيش الأردني لإعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي حلت به في الحرب الماضية.

3- عدم قدرة الأردنيين على تعويض طائراتهم في سلاح الجو مما يجعل القوات الأردنية تفتقر غطاء جوي.

4- القضاء على حلم العودة لدى الشعب الفلسطيني.

بداية المعركة

بدأت معركة الكرامة عند الساعة 5:30 من صباح يوم الخميس 21 مارس 1968.

واستمرت 16 ساعة في قتال شديد على طول الجبهة، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على 3 مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جهد وأنتباه القوات المقابلة.

وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض إلى مرتفعات السلط وعمان والكرك.

مقتربات المعركة

العارضة:

من جسر الأمير محمد (غور داميا) إلى مثلث المصري إلى طريق العارضة الرئيسي إلى السلط.

وادي شعيب:

من جسر الملك حسين (اللنبي سابقاً) إلى الشونة الجنوبية، إلى الطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب ثم السلط.

سويمة:

من جسر الأمير عبد الله إلى غور الرامة إلى ناعور ثم إلى عمان.

غور الصافي:

جنوبًا من البحر الميت إلى غور الصافي إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك.

وقد استخدم الكيان الصهيوني على كل مقترب من هذه المقتربات مجموعات قتال مكونة من المشاة المنقولة بنصف مجنزرات ودبابات.

وتساندهم على كل مقترب وحدات من مدفعية الميدان والمدفعية الثقيلة ومع كل مجموعة أسلحتها المساندة، مع سلاح جوي كثيف على كافة المقتربات.

مما قد يدل أن معركة الكرامة من المعارك العسكرية التي خٌطط لها بدقة وحذر وشديد، وذلك نظراً لتوقيت العملية وأنواع الأسلحة المستخدمة، حيث استخدم الكيان الصهيوني كافة أنواع أسلحة المناورة.

القتال على مقترب جسر الأمير محمد

هجمت القوات العاملة على هذا الجسر بالكثير من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة.

ولكن تصدى لها كتائب الجيش الموجودين شرق الجسر ودارت معركة عنيفة تمكن من خلالها الجيش الأردني من تدمير عدد كثير من دبابات الكيان الصهيوني وإيقاع الخسائر بين صفوفه.

القتال على مقترب جسر الملك حسين

دفع الجيش الإسرائيلي بوحدة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الجيش الأردني من الجسر.

إلا أن قناصي القوات الأردنية تمكنوا من تدمير هذه الوحدة، بعدها قام الجيش الإسرائيلي بقصف شديد على المواقع ودفع بكتيبة دبابات.
إلا أن الجيش الإسرائيلي دفع بوحدات أخرى من دروعه ومشاته.
وبعد قتال مرير استطاع الجيش الأردني هزيمة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

وعندما اشتدت المعركة طلب الجيش الإسرائيلي ولأول مرة وقف إطلاق النار، ولكن رفض الملك الحسين بن طلال وقف إطلاق النار.

فحاول الجيش الإسرائيلي الانسحاب إلا أن القوات الأردنية تدخلت فترك الجيش الإسرائيلي بعض من آلياته وقتلاه في أرض المعركة.

القتال على مقترب جسر الملك عبد الله

حاول العدو القيام بعملية عبور من هذا المقترب باتجاه وحشد قوات مدرعة.

إلا أنه فشل ولم تتمكن قواته من عبور النهر بعد أن دمرت وحدات الجيش الأردني معظم معدات التجسير التي حاول الجيش الإسرائيلي استخدامها في عملية العبور.

القتال على مقترب غور الصافي

لقد حاول الإسرائيليون تشتيت جهد القوات الأردنية، وإرهاب سكان المنطقة وتدمير منشآتها، إلى أن توصل به الحال إلى الهجوم على مقترب غور الصافي بدباباته ومشاته الآلية.

ممهداً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدم المناشير التي كان يلقيها على السكان يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة.

كما قام بعمليات قصف جوي عنيف على القوات الأردنية، إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من قبل الجيش الأردني، وبالتالي أجبرت القوات المهاجمة على الانسحاب.

طلب إسرائيل وقف إطلاق النار

لجأت إسرائيل إلى طلب وقف إطلاق النار في الساعة 11:30 من يوم المعركة -أي بعد 5 ساعات من بدء المعركة-، لكن الأردن طالبت بعدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جنديًا إسرائيليًا واحدًا متبقي شرقي النهر.

نتيجة المعركة

انتهت المعركة وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من أهدافه التي قام بهذه العملية العسكرية من أجلها وعلى جميع المقتربات وأثبتت القوات الأردنية قدرتها على تجاوز الأزمات السياسية، وقدرته على الصمود في مواجهة الصعاب، والرغبة العالية في تحقيق النصر.

التعليقات