جروح وعذاب وأجنة مشوهة.. كيف نظرت الحضارات السابقة للكسوف

عندما تظلم الأرض في وضح النهار، ويتحول ذلك الضوء الساطع إلى سواد حالك لا تفزعوا، فالأمر ليس إلا ظاهرة فلكية معروفة بكسوف الشمس، لكن بالنسبة لأناس العصور القديمة كان الحال أخطر من ذلك بكثير، لدرجة أن خروجك من المنزل -في ذلك الوقت- كان يعني موتك الحتمي.

كسوف الشمس

أول كسوف شمسي في تاريخ البشرية

ذكرت الكتب العديد من الأقاويل حول أول مرة حدث بها الكسوف الشمسي على الأرض، منها توقع “تاليس” حدوث كسوف الشمس عام 585 ق.م.

إلا أن سجلات الصين بدأت تسجيل الكسوف منذ حوالي 720 ق.م، حينما وصف عالم الفلك الصيني التنبؤ بالكسوف الشمسي باستخدام المواقع النسبية للشمس والقمر.

وهناك عدد قليل من السجلات الموثقة للكسوف قبل عام 800 بعد الميلاد، حتى ظهور بعض الملاحظات في أوائل فترة العصور الوسطى، حيث كتب ابن يونس أن حساب الكسوف كان أحد الأشياء العديدة التي تربط علم الفلك بالشريعة الإسلامية، وتم إجراء أول ملاحظة مسجلة في القسطنطينية عام 968 ميلاديًا.

كما أن هناك مجموعة من علماء جامعة كامبريدج يعتقدون أنهم وصلوا إلى تحديد تاريخ أول كسوف للشمس في تاريخ البشرية، والذي كان في 30 أكتوبر عام 1207 ق.م.

أما بالنسبة لرصد الكسوف بالتليسكوب فقد تم إجراء أول ملاحظة بالتليسكوب في فرنسا عام 1706، وبعدها بتسع سنوات، توقع عالم الفلك الإنجليزي “إدموند هالي” حدوث كسوف الشمس في 3 مايو عام 1715، والتقطت أول صورة للكسوف الكلي في 28 يوليو عام 1851.

كسوف الشمس

كيف تصورت الحضارات القديمة ظاهرة كسوف الشمس

كانت هناك العديد من المعتقدات الخاطئة قديمًا المتعلقة بتلك الظاهرة الفلكية:

1- اضطراب خارق للطبيعة

قديمًا كان ينسب الكسوف لأسباب خارقة للطبيعة، أو ينظر له على أنه اضطراب كما أشار إليه الكاتب “أديلبرت” حين وصفه باضطراب واضح في قوانين الطبيعة.

2- غضب إلهي وعذاب محدق

كان كسوف الشمس يعنى أن الآلهة غاضبة من البشر وعلى وشك إلحاق العقاب بهم، وكان يعتقد أنه من أجل استرضائها، عليك قتل شخص ما وتقديمه كقربان لتجنب العذاب.

كسوف الشمس

3- جرح غائر طوال الحياة

راج اعتقاد أن تعرض الإنسان لجرح أثناء الخسوف والكسوف يزيد من النزيف ويجعل الجرح غائرًا فيحتاج وقتًا طويلًا للالتئام، وأحيانًا تظل علامة الجرح موجودة في رقبة المصاب طوال حياته.

4- لا خروج للحوامل.. أجنة مشوهة

ساد الاعتقاد بالتزام النساء الحوامل بيوتهن أثناء فترات الكسوف، وعدم الخروج في هذا الوقت أو التعرض للضوء؛ كي لا يلحق بهن أو بالأجنة أي ضرر، وتراوح الضرر بين الإصابة بالأمراض وتشوه الجنين والإجهاض، ويمكن أن يصيب الكسوف الطفل بلعنة تلاحقه طوال حياته.

لكن مع مرور الزمن تغير الفكر السائد كثيرًا، وبدأت النظريات العلمية تُطرح على الساحة، ولم يعد الكسوف أكثر من مجرد ظاهرة فلكية غير خطيرة بالمرة، بل أيضًا يمكن الاستفادة منها في التأكد من بدايات ونهايات الأشهر القمرية أو الهجرية، حيث أن الظواهر تعكس بوضوح حركة القمر حول الأرض وحركة الأرض حول الشمس.

واقتصر التحذير فقط على فكرة النظر إلى الشمس مباشرة بالعين المجردة أثناء الكسوف؛ حتى لا تحدث أشعتها القوية أي ضرر للعينين.

التعليقات